علي عرمش شوكت
الأربعاء 11/6/ 2008
الراصدسياسة مفاوضات ام مقايضات سياسية ؟
علي عرمش شوكت
في كل مرة يذهب فيها وفد عراقي رسمي الى طهران يرأسه مسؤول كبير، يصور بأنه ذاهب لوضع الدلائل والوثائق امام المسؤولين الايرانيين ، تلك التي تعكس الشكوى العراقية بالملموس، وذلك بغية ايقاف التدخل بالشأن العراقي الداخلي ، وان بدت النوايا العراقية حسنة الاصل وواثقة الخطى ، الا ان الاجابات الايرانية كانت تتسم بالحنق والتشنج وتبدو منيعة عن المرونة ، فقبل ان يودع السيد الملكي طهران وهو عائد باتفاقية ( دفاع مشترك )مع ايران ، تقصف مواقع امريكية عراقية مشتركة في النعمانية بعشرين صاروخاً من صنع ايراني ، ومما لا يرقى الى الشك بأنها كانت باذرع مستعارة قد دربت وزودت بالاسلحة اللازمة لمثل لهذا الفعل الذى يحمل رسالة ايرانية تأكد البقاء على خط المواجهة ، فضلاً عما عنته الاتفاقية المذكورة آنفاً فهو شيئ اخر ، فاول ما تعنيه هو القول ينبغي على الحكومة العراقية ان تقلب ظهر المجن ضد الامريكان، والا كيف يفهم الدفاع المشترك اذا لم يواجه العراق الولايات المتحدة الامريكية العدو رقم واحد لايران !؟.
ولا تفهم نتائج زيارة السيد رئيس الوزراء العراقي الى طهران الا كونها مقايضة سياسية امنية ، فمقابل عدم استهداف ايران للاتفاقية العراقية الامريكية تبرم ( اتفاقية دفاع مشترك ) معها ، وبعجالة اهمل في سياقها اخذ موافقة مجلس النواب العراقي صاحب الحق الوحيد في ابرام مثل هذه الاتفاقيات الدفاعية او الامنية ، ومثل ما تعود الشعب العراقي على عدم معرفة حيثيات الاتفاقيات التى تتم من خلال زيارات بعض المسؤولين العراقيين ، ستودع نتائج هذه الزيارة الاخيرة في نفس الدرج الذي حفظت فيه ( نتائج ) الزيارات السابقة ، وقد ذهبت مستمسكات الادانة للتدخلات الايرانية في الشأن العراقي التي قيل ان السيد رئيس الوزراء قد حملها معه تحت اقدام (المقايضة) التي تمت بالمسالك الخلفية ، وهذه الحقيقة جاءت مؤكدة من خلال القصف بصواريخ ايرانية الصنع لمواقع امنية عراقية في قضاء النعمانية .
لاشك ان الرضى الشعبي قد زاد في الآونة الاخيرة عن سياسة الحكومة العراقية ورئيس وزرائها تحديدا في الشأن الامني الداخلي ، وراحت التوقعات بزيادة اكبر في الاعتقاد بان هذه السياسة ستمتد الى العلاقات الخارجية ، وقد حازت رضاً ملموساً عاماً وفي المحيط العربي على وجه الخصوص ، تمخض عن تحرك عربي والشروع بارسال سفراء الى بغداد ، وتجلى ذلك في زيارة رئيس الوزراء السيد المالكي الى دولة الامارات العربية صاحبة الجزر الثلاث المحتلة من قبل ايران ، لذا صار لزاما على الحكومة ان تقدم مطالعة توضح فيها ما هو البند الذي وضع في اتفاقية ( الدفاع المشترك ) مع ايران حول الجزر العربية الاماراتية المحتلة ، حيث تعتبرها ايران جزءاً من امنها القومي !؟ ، الا يعتبر ذلك قيدا يحد من حركة الدولة العراقية لمزيد من القدرة على الانسجام مع المحيط العربي الذي يحتاجه الشعب العراقي اكثر من غيره ، علما ان هذا المحيط ما زال متوجساً من الوضع السياسي القائم في العراق ، ولكن عندما خطا الرئيس الوزراء خطواته المشهودة في ازلة الصفة الطائفية عن الحكومة والتي ادت بدورها الى تبديد المخاوف العربية من تلبد الوضع الداخلي العراقي، تأتي هذه الخطوة الدفاعية مع ايران لتخلق مناخاً اخراً بالضرورة لايساعد على تسارع تعزيز العلاقات العربية العراقية بالوتيرة التي تتطلبها اعادة بناء الدولة العراقية ، نظرا لحساسية السياسة الدفاعية تحديداً مع ايران التي مازالت تحتل اراضي عربية وهذا يدخل في صميم النطاق الامني .
ان الدولة الايرانية دولة جارة ولها مواقف داعمة للمعارضة العراقية ابان حكم الطاغية صدام حسين ، وذلك ما ترتب عليه حق لايران على العراقيين في عدم السماح لاي طرف خارجي باستخدام الاراضي العراقية للمساس بأمن الشعب الايراني ، هذا الامر الذي لم يفت العراقيين تثبيته وتوثيقه في دستورهم الجديد المعتمد الآن ، بيد ان ذلك لم يقنع الايرانيين كما يبدو بسبب وجود القوات الامريكية العدو الاول لايران على الاراضي العراقية المجاورة ، متناسين ان هذه قوات تحتل العراق ويعتبرها الشعب العراقي الهم الاكبر الذي يجثم على صدره ، ويتواصل نضاله في سبيل ازاحته هذا بالوسائل التي لا تلحق اي ضرر بأمن بلاده ، وكان يأمل من جميع الدولة الصديقة والشقيقة ان تساعده على التخلص من هذه المحنة وبخاصة بلدان الجوار وفي المقدمة منها ايرن الجارة ، التي تتداخل مصالح شعبها مع مصالح الشعب العراقي على نحو يختلف عن باقي المحيط الاقليمي ، فهل يفقه الايرانيون ذلك ؟؟