علي عرمش شوكت
السبت 12/6/ 2010
مونديال سياسي عراقي ولقاء الكتلتين الكبيرتينعلي عرمش شوكت
يجري في هذه الايام المونديال الرياضي لكرة القدم ، يشد ملايين المتابعين في جميع انحاء العالم ، جنوب افريقيا هذا البلد الذي عاش شعبه سنين طوال تحت ظلم استبداد الفصل العنصري الذي كان اقذر واقسى نظام شهدته البشرية المعاصرة ، الا ان مناخ السماح الذي ساد على اثر سقوط ذلك النظام العنصري البربري ، هو الذي اسس لدولة ديمقراطية عصرية غدا العالم يثق بها وشعبها المتآخي ، والمونديال ياتي في هذا البلد الآمن كابرز تجليات تقدمه ورسوخ نظامه الديمقراطي الذي بدأ بتنازل ابرز زعيم له وهو الشخصية المناضلة البارزة ( نيلسون مانديلا ) عن كرسي الحكم في حين كان بامكانه ان يبقى رئيساً لهذا البلد ما دام حياً ، فهل نجد من بين قادتنا الجدد من يتماثل بصفات الزعيم مانديلا ؟ ،
ويجري مونديال سياسي في العراق والسباق هنا ليس لتسجيل اكبر عدد من الاهداف ، انما لجمع اكبر عدد من المقاعد البرلمانية ، ولم تكن الوسيلة هي ذاتها ولكن الاغراءات وتسقيط الاخر او حتى التصفية الجسدية لجعل الفريق المقابل اقل عدداً وحظوة في حق تشكيل الحكومة ، لكي تصبح الغلبة والارجحية لمن لديه الاكثرية ، والسباق هنا في ساحتين الاولى قبل الانتخابات والتي جرى فيها العزل وصارت مصادرة ارادة الناخب سافرة ، وجرى تعديل القوانين لصالح المتنفذين بفصيح العبارة ، وبسط المال السياسي سطوته دون اي رادع قانوني ، وقصد تغييب المرجعية الدستورية ، اما الساحة الثانية فهي بعد الانتخابات وكانت الاكثر مماحكة حيث انفرد فيها الكبار المتنفذون دون غيرهم ، وغدا السعي يتمحور حول الوصول الى مقعد رئيس الوزراء باي ثمن .
وما زالت التداعيات تتراكم والمفتعلات تفاجئ المواطنين الذين يشدهم الترقب ، وتبعث فيهم القلق رياح الدسائس والاجندات العابر من خلف الحدود ، ومن اخذوا صك ثقة الناخبين لم يلتفتوا ولو للحظة الى من اوكلوهم لهذه المهمة النبيلة ، بل ذهبوا بعيداً عن مصالح الشعب والوطن ، وفي غضون ذلك تواصلت اعمال العدوان الاقليمي على العراق فكشفت بانهم تحولوا الى صم لا يسمعون وبكم لايتكلمون ولو كان ذلك بلغة الاشارات وبعبارة احتجاج ، بل بعضهم انكر وجود العدون اصلاً ، حيث جاء ذلك على لسان السفير العراقي في طهران ، مردداً ما ادعاه السفير الايراني في بغداد ، الذي كان لايتمكن من الافصاح عن الحقيقة حيث في ذلك ستدان بلده بالعدوان على العراق ، ولكن ما بال السفير العراقي الذي بدا مجرداً من حميته العراقية مع الاسف الشديد .
اعلن مؤخراً تشكيل كتلة كبيرة وسميت بـ ( الاتحاد الوطني ) وقد اصبحت اكبر كتلة ستحضر الجلسة الاولى للبرمان العراقي الجديد ، الامر الذي سيرمي بمزيد من الوقود في نار مرجل العملية السياسية الملتهب اصلاً ، حيث مازالت الكتلة العراقية تتمسك بوصفها هي الكتلة الاكبر ، الامر الذي اضاف لترقب المواطنين العراقيين قلقاً وخشية من امتداد فترة الفراغ الدستوري وبالتالي تكريس تداعياته الخطيرة ، التي طالت مع امور سياسية وامنية اخرى الجانب الاقتصادي الذي تجلى في افلاس عدد من البنوك ، وازدياد عمليات السطو المسلح على اسواق الذهب في وضح النهار ، وقتل الابرياء اصحاب المحال المسروقة من ابناء الطائفة المندائية المسالمين والتي تكررت في مختلف المحافظات العراقية .
الا ان اللقاء الجاري الان بين السيد المالكي زعيم كتلة دولة القانون والسيد علاوي رئيس الكتلة العراقية ، بعث بنسائم امل لم تملأ الصدور بعد ، لكون هذا اللقاء ما زال لم ينته لحين كتابة هذه السطور ، غير ان تكهنات عديدة تحوم حول هذا اللقاء الذي طال انتظاره ، ويميل الظن الى احتمال الخروج بمفاجأة قد غابت عن بال العديد من المراقبين ، وتأتي تلك بفعل ضغوطات متعددة المصادر داخلية وخارجية ، يمكن ان تحرر الوضع السياسي العراقي من شرك التدخل الاقليمي تحديدا الذي يحاول ابقاء الامور على حالها ، ان غلب هذا الظن هو خروج الطرفين باتفاق شراكة ، والعهدة على فطنة المتابعين .