| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي عرمش شوكت

 

 

 

الأثنين 13/10/ 2008


 
 الاتفاقية الامنية يلزمها جواز مرور ام سلامة ظهور ؟

علي عرمش شوكت

يقال ان الاتفاقية الامنية العراقية الامريكية قد وصلت الى نهاية مطافها ، اما شكلها ومضمونها فعلم ذلك لدى المتفاوضين وحسب ، و كانت تصريحات عديدة متفائلة اكثر من اللازم قد اطلقت حولها ، غير ان ذلك اللغط لم يشر الى أية ملامح واقعية ملموسة الى الان ، ان الغائب المطلوب في هذه القضية هو الموقف الرسمي الصريح من قبل الحكومة ، لأن غيابه قد اتاح فرصاً للتأويل والتفسير وحتى التشكيك ، ولكننا نتساءل عن سبب التعتيم الذي لايصب في خدمة الجانب العراقي باي حال من الاحوال ، ويأتي في مقدمة تداعياته خلق فجوة بين المفاوض العراقي وجماهير الشعب التي يجري التفاوض بأسمها ، كما يتبعه حصول شعور لدى الجانب الامريكي بأنه غدا مستفرداً بطريد لا ملاذ له اي المفاوض العراقي ، ومن المستبعد ان يتحقق اي انتصار للطرف الاضعف خلال مفاوضات تجري في غرف مغلقة ومعزولة ، ولابد من ان توفر للمفاوض امدادات وتروية لكفاءاته لكي يتمكن من الثبات وتجاوز العقبات والضغوط بقدرات متجددة على الدوام ، ونحسب ذلك ليس سهل الحصول الا من خلال الذين يقف معهم على ذات الرصيف اي من يمثلهم في هذه المفاوضات ، وهذا ما يفترض توسيع الاستشارة والمشاركة لكافة قوى الشعب الوطنية .
ولم ينج المفاوض العراقي من النقد وحتى الادانة من البعض بسبب هذا الانغلاق والتعتيم ، وراحوا يعبرون عن ذلك بتهكم ، بالقول ان الاتفاقية لم تظهر للعلن لانها بحاجة الى جواز عبور يساعدها على ان تدخل حدود حيز التطبيق ، ووثيقة العبور هذه لايمكن اصدارها الا من قبل الجهات الرسمية ، ولهذا ظلت مرهونة بارادة تلك الجهات حصراً ، ولم يكن لصاحب الشأن الاول وهو الشعب العراقي سوى الانتظار ، على ان يتخذ الموقف المناسب منها وفق معيار تطابقها مع مصالحه ، والادهى من ذلك ، ثمة رأي اخر يقول ليس المهم جواز العبور ، وانما الاهم سلامة ظهورها حتى وان كانت تمشي بلا قدم !! ، ومن هنا تنبعث تحذيرات القوى الوطنية والديمقراطية من مخاطر الضغوط التي تمارس على المفاوض العراقي بغية انتزاع تنازلات منه تخل بالمصالح الاساسية لشعبنا وبخاصة ما يتعلق بالسيادة الوطنية ، بل كانت التحذيرات مصحوبة بألتأشير على نقاط الضعف التي من الممكن ان تستغل من قبل الجانب الامريكي لفرض شروطه المجحفة ، ومن ذلك توجب التأكيد على ردم بُؤر الخلافات داخل الصف الوطني العراقي وهي عديدة لكي لا تصبح اليد التوجع كما يقال .
ومع كثرة الخلافات وهي ليست غريبة في ظل وضع انتقالي وغير مستقر كوضع العراق ، الا ان امكانات القوة المتوفرة لدى الجانب العراقي والمتجسدة في كفاءات ابنائه بامكانها خلق التوازن الضروري بل وجعله يميل الى صالح العراق شريطة ان يتم استخدامها في مكانها وزمانها المناسبين ، على ان يبقى معيار المواطنة والكفائة هو الاساس في التعامل مع هذه القدرات الوطنية ، ومما لاشك فيه ان التمسك بقواعد المحاصصة في هذه المسألة الهامة سيتلف الكفاءات الوطنية كما هو الحال في العديد من مجالات البناء الوطني الاخرى ، حيث ادى هذا الابعاد المتعمد للقدرات الى إبقاء الامور تراوح في مكانها ، هذا اذا ما تم تراجعها وتحديداً في مجال الخدمات .
ان القرار الدولي المرقم 1790 والقاضي بانهاء الاحتلال في نهاية هذا العام يشكل اهم عوامل الضغط الزمني على المفاوض العراقي ، غير ان التمسك باستعادة السيادة الوطنية واعتبارها هدفاً يحرم المساس به اوعدم تركه مهتوكاً ، سيوفر واقية شديدة المناعة تتحمل شتى انواع الضغوط التي يمكن ان تتسلط على الجانب العراقي ، واذا ما كانت الضغوط تتوجه عادة الى الطرف المباشر ، فسيكون تأثيرها ليس ذا اهمية عندما يكون ظهرالمفاوض غير مكشوف ، اي مستند على قوى شعبه بمختلف مكوناتها السياسية المؤمنة بالعملية السياسية ، ان التفاوض مع طرف قوي كالولايات المتحدة الامريكية ليس بالامر الهيّن ، اذاً يتطلب الامر وجود التوازن الضروري ، وذلك بجمع الكفاءات الوطنية وجعلها مرجعاً دائماً ملازماً للمفاوض العراقي ، بمعنى ان يصار الى اقامة غرفة عمليات مشكلة من اعلى الكفاءات السياسية الوطنية الحريصة على مصالح شعبنا ومستقبل العراق الديمقراطي الفدرالي الموحد التي تمرست بالنضال ضد احابيل وسياسات القوى الامبريالية على مدى تاريخ الكفاح الوطني العراقي المشهود .
وتبقى المسؤولية الوطنية والتاريخية ازاء اي اختلال في هذه القضية على عاتق من بيده القرار ، لذلك ستكون وحدة الصف الوطني هي الرفعة الاساسية التي ينبغي ان تضطلع بهذه المسؤولية ، فكيف ستكون وما زال المفاوض العراقي منفرداً ومنغلقاً ويعمل بباطنية شديدة ؟ ، ان اتفاقية امنية او سموها ما شئتم وبهذا المستوى من الاهمية تحتم المشاركة الواسعة في صياغتها والتفاوض بشأنها ، ومن الخطأ الذي لا تحمد عواقبه ان يحصر امر هذه الاتفاقية بيد جهة رسمية واحدة ومهما كان مقامها ، لكونها تمس المصالح الوطنية العامة لكافة ابناء الشعب العراقي .


 

free web counter