| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي عرمش شوكت

 

 

 

الجمعة 13/2/ 2009



  حصاد الانتخابات .. بحسابات الحقل ام بحسابات البيدر ؟

علي عرمش شوكت
 
جاءت نتائج انتخابات مجالس المحافظات بعيدة بعض الشيء عن التوقعات التي دارت بخلد اغلب المراقبين على اثر حصيلة تجربة الدورة الانتخابية السابقة ، حيث غدا التذمر على كل لسان ، بسبب الدور البائس الذي ادته المجالس السابقة ، مما جعل التصور يميل الى حتمية ضعف الفرص لامكانية حصول الكتل الكبيرة على ذات العدد من الاصوات التي حصلت عليها في المرة السابقة ، الا ان النتائج التي اعلنتها مفوضية الانتخابات بينت ان الكتل الكبيرة ما زالت تحظى بنسب مهمة من ميل الناخبين نحوها بصرف النظر عن سبل الحصول على هذه الاصوات ، ولكن رافقها قدر ملحوظ من عدم التصويت ، حيث امتنع ما يقارب من نصف الذين يحق لهم التصويت عن الادلاء باصواتهم ، طبعاً على مستوى افراد وليس على مستوى الكتل مثل المرة السابقة ، اضافة الى ذلك ما سجل من تجاوزات على احكام قانون الانتخابات ، بل وحتى القانون ذاته حيث اعتمدت النسخة التى لم يقرها مجلس النواب ، زد على ذلك ما تأسس من بورصات لبيع وشراء الاصوات المستعملة الرخيصة .

اكدت هذه العملية الانتخابية من جديد على ان عاملين لهما التاثير الحاسم في جذب الاصوات ، ومن يمتلكهما يأمن ناراً لرغيفه كما يقال والمتمثلان بسلطة الحكم او بسلطة المال ، ففي القدرة المالية يمكن ان تشترى الاصوات التي تقيّد بقسم المقدسات !! ، وهنالك امثلة صارخة ومتعددة على ذلك ، اما سلطة الحكم فهي الاكثر قدرة على كسب الاصوات ، فمثلاً عندما كان اياد علاوي على رأس الحكومة جنى اربعين مقعداً في الانتخابات الاولى للمجلس الوطني ، ولكن بعد خروجه من رئاسة الحكومة لم يحصل على سوى خمسة وعشرين مقعداً مع تحالفاته الجديدة المضافة الى القوى المتحالفة معه سابقاً ، وهنالك العديد من الشخصيات التي بخروجها عن اطار السلطة مثل : عدنان الباججي ، واحمد الجلبي ، وعلي الدباغ وغيرهم لم تحصل على الاصوات المطلوبة .

ان ما تقدم يدعو بصورة جدية الى ضرورة البحث عن عامل او عوامل مؤثرة بامكانها جذب الاصوات والا سوف تزاح جانباً اية وسائل غير فعالة امام قوة المال وقوة السلطة ، اي ان مصير العملية السياسية سوف يطرح في (المازاد) ، ان رؤيتنا هذه لما يعتمل في المشهد السياسي العراقي قد جاءت من قراءة دقيقة وواقعية لافرازات العملية الانتخابية ، وهنا لا نريد ان نذكر بالمخالفات وبالتجاوزات التي قامت بها بعض الكيانات وما ترافق معها من تناغم يصل الى مستوى التشجيع من قبل الحكومة وموفوضية الانتخابات ذاتها ، حيث لم تواجه باية اجراءات جزائية مناسبة من شأنها ان تحد منها ، انما ينبغي تقييم التجربة والتمسك بالاسس والقواعد القانونية التي اقرها الدستور العراقي وليس ما يصنع من قوانين تفصّل حسب مقاسات الكتل الكبيرة في مجلس النواب مرهونة بارادة هذه الكتل ، وهذا ما تجلى في عملية تعطيل قانون الاحزاب وفي المقابل فسح المجال الرحب لصنع الكيانات وذلك بهدف تشتيت الاصوات غير المضمونة من خلال صناديق الاقتراع ، ولكن ضمن القانون المشار اليه تم استرجاعها وفقاً لاحكامه المفصلة لصالح الكتل الكبيرة حصراً ، وليس مفهوماً قبول مثل هذه التشريعات التي لاتحسب سوى مصادرة لارادة الناخب ، الذي لايرغب بالتصويت لمن لايثق به من الكيانات الكبيرة .

نعتقد ان جمهرة الناخبين في الاغلب تجهل مثل هذه التجاوزات ، واذا ما مرت من خلال مجلس النواب فذلك لايجيز تركها تمر ببساطة بين المواطنين ، الامر الذي سيحولها الى تقليد عاطل باطل من شأنه ان يحوّل النظام الديمقراطي الى مجرد هيكل اجوف ، فينبغي النضال ومن منطلق الحفاظ على نقاوة الديمقراطية وجعلها تقليداً حضارياً وآلية لبناء العراق الجديد لفضح اية تجاوزات على حقوق المواطنين الدستورية ، ويفترض ان تكون البداية من داخل مجلس النواب الذي يعتبر في هذه القضية المتجاوز الاول ، ان امانة القضية العراقية برمتها بين ايادي نواب الشعب ، فهل يحق لمن يتمكن من الحصول على عدد اكبر من الاصوات اي الحصول على مزيد من ثقة ابناء شعبه ان يجعله وسيلة لتشريعات تصادر الحقوق والحريات العامة وبخاصة ارادة مانحي الصوت والثقة والشرعية ، على غرار قانون الانتخابات الحالي ؟ .

ان جني ثمار الانتخابات كان قد حسب على اساس ما رصده المراقبون في الحقل اي في ساحة الحراك السياسي ، ولكن حاصله في البيدر قد ظهر مختلفاً ، حيث تكررت ذات الوسائل الخارقة لاصول اللعبة الديمقراطية ، ربما تعتبر انتخابات مجالس المحافظات هذه هي { البروفة } الاخير للانتخابات البرلمانية القادمة القريبة والتي ستأسس لامحال لمرحلة جديدة في بناء البديل الديمقراطي في العراق ، فهل ستبنيه مفوضية انتخابات على هذه الشاكلة ، تفضل قانوناً لم يقره مجلس النواب ، وتراعي مصالح كبار الكيانات على حساب الكيانات الاصغر ؟!!




 

free web counter