علي عرمش شوكت
الأربعاء 14/5/ 2008
الراصدالتيار الديمقراطي العراقي .. شد الاحزمة للانتخابات القادمة
علي عرمش شوكت
منذ سقوط النظام الدكتاتوري في 9 \ 4 \ 2003 وجماهير التيار الديمقراطي تنتظر نهوض هذا التيار ككتلة متراصة ، وكانت الرايات الحمراء التي ظهرت الى الشوارع في الساعات الاولى على سقوط الصنم والتي رفعها اعضاء وانصار الحزب الشيوعي العراقي ، الذي يشكل ابرز ركيزة ديمقراطية ، كانت قد بشرت بنهوض شامخ وموحد لقوى التيار المناضلة ، للحد الذي دعا الجهات السياسية الاخرى ان تقرأ ذلك كرسالة تنذر بان الديمقراطيين سيكتسحون الشارع ، وتحديدا الحزب الشيوعي العراقي الذي يمتلك رصيدا نضاليا حافلا بالتضحيات الجسام وله جذوره وسط جماهير الطبقات الفقيرة ، وكذلك الفئات المثقفة الاكثر وعيا وعلمانية المنحى ، الا ان اثار مخلفات التخريب الفكري وانعدام الوعي السياسي من جانب ، وعملية سحق التيار الديمقراطي من قبل النظام السابق من جانب اخر، قد غيرا المعادلة ، زد على ذلك ما اسسه الاحتلال من نمط طائفي واثني المستند على محاصصة بغيضة لادارة الحكم .
ولا يبتعد رسم هذه الخارطة للجغرافية السياسية للحكم الجديد في العراق ، من قبل الاحتلال ودوائر اخرى عن الخشية من قوى اليسار والديمقراطية لبسط تأثيرها على مواقع في السلطة السياسية ،مما كان سيمكنها من فرض منهجها المتصدي بكل تأكيد للمشاريع المعادية لمصالح الشعب العراقي ، بيد ان واقع الحال قد يسر عملية تحجيم التيار الديمقراطي ، كما صبت خطوات اجرائية فعلها في بناء حواجز( كونكريتية ) مشرعة ومعوقة لارساء الحياة الديمقراطية السليمة ، وعلى سبيل المثال اجراء انتخابات غير مصانة ، في ظل غياب الثقافة الانتخابية ، وفرض دستور في ظرف مأزوم مما ادى الى بقاء بعض فقراته الاساسية معلقة ، وفي وضع شعب مدمر قد وصل الى شفى الانهيار ، امسى فيه المواطنون كالغريق الذي يبحث عن النجاة باية وسيلة ، وتأسيسا على ذلك جاءت نتائج الانتخابات التي اسفرت عن ضعف دور القوى الديمقراطية في ادارة شؤون البلاد ، بالرغم من امتلاكها مشروعا وطنيا بعيدا عن المحاصصات الطائفية والاثنية ، تلك التي افضت الى ازمة في كافة مفاصل الحياة السياسية ، والتي مازالت تطحن البلد .
وبعد تجربة خمس سنوات مضت كان فيها الصراع يدور على اشده بين الاطراف السياسية المتنفذة ، كنتيجة منطقية لنهج المحاصصة ، مما غيب اسس المواطنة والكفائة في التعامل مع المواطنين ، واربك عملية اعادة البناء للدولة ،الامر الذي اخلى مكانه لظهور المليشيات والتدخلات الاقليمية ، وانتشار الفساد وفقدان الخدمات وغيرها ، كل ذلك كان على حساب المواطن المسحوق و المغلوب على امره اصلا ، غير ان قانون ( التراكم الكمي يؤدي حتما الى تغيير نوعي ) قد فعل فعله خلال هذه السنوات الخمس الماضية ، بمعنى ان تراكم ضغط العوز والحرمان والتعسف بمعيشة المواطنين والتحكم باسلوب حياتهم والتجاوز على دور القانون في مفاصل عديدة من قبل بعض القوى والمليشيات المنفلتة ، وبقاء الازمة السياسية دون افق للحل ، واستمرار عدم استكمال السيادة ، وتواصل التدخلات الاقليمية ، لابد من انها ستخلق تحولا في ادراك المواطنين لمن يمثل مصالحهم حقا ، وعلى ذلك غدت تلمس في الشارع السياسي العراقي مؤشراتف عديدة تدل على حالة الادراك المتزايد لما جرى ويجري في مختلف مفاصل الحياة السياسية ، غير ان هذه المتغيرات في وعي المواطن ستبقى عاجزة عن الفعل والتأثير ، وربما ستكبح بوسائل مختلفة او ستطوع خداعا او تخويفا ، اذا لم تجد لها اداة قيادية فاعلة تمتلك المشروع السياسي المعبر حقا عن طموحات اوسع الناس في حياة كريمة .
وبعد هذه التجليات الساخنة في الوضع السياسي العراقي هل ستبقى قوى التيار الديمقراطي على حالها الباردة ؟ ، صحيح انها تنأى بنفسها عن الصراعات والتجاذبات بين بعض اطراف العملية السياسية ، وصحيح ان لها روآها المدنية الديمقراطية لاعادة بناء الدولة العراقية ، الا ان ذلك لايكفي لتحويل ما يعتمل داخل المواطن العراقي لصالحها ، وبعبارة اكثر فصاحة كسب اصوات الناخبين ، سيما وان انتخابات المجالس المحلية على الابواب ، وغالبا ما تلجأ الناس الواقعة تحت طائلة الحيف والتعسف الى البحث عن منقذ ، ويمكن للبرامج السياسية المعبرة عن طموحات اوسع الجماهير ان تلفت الانتباه ، لكن يستدعي ذلك وجود قيادة فعالة مقنعة يكون مكانها بين الجماهير،وتكون جديرة بتحويل الانعطاف الى ارتباط وتواصل ، ان ذلك لايتجسد الا بوحدة قوى التيار الديمقراطي المتمثلة بتشكيل كيان جبهوي موحد حول برنامج سياسي واقعي ، معبرا عن مصالح الشعب وحريصا على سيادة البلاد ومعززا للعملية السياسية وبناء عراق ديمقراطي فدرالي موحد ، كما ينطوي على الحلول الكفيلة باخراج البلاد من محنتها ، وهنا لابد من قول ان قوى التيار الديمقراطي قد حان دورها وجاءت مسؤوليتها الوطنية في ان تلعب دورها التاريخي لقيادة عملية بناء الدولة المدنية الديمقراطية ، وعليه ان تشد الاحزمة وفي ذات الوقت ان تكسر الحواجز فيما بينها ، وتغدو امام الجماهير ذات جاذبية قوية شديدة الاقناع والتعبير عن ارادة المواطن العراقي ، وتطرح نفسها كشريك اساسي لقيادة المرحلة الجديدة وبالتعاون مع كافة القوى الوطنية العراقية المخلصة والمؤمنة بالديمقراطية والعراق الجديد .