علي عرمش شوكت
المعادلة العراقية.. لمن الغلبة للبشر ام للسيادة..؟
علي عرمش شوكت
تؤكد القيم والمفاهيم الانسانية الحديثة بان "الانسان اثمن راسمال". فهل وصلت ثقافة الحضارة الحديثة الى عراقنا المسبي والمنكوب بابنائه وبكل غال فيه .؟ . منذ عقود مضت والانسان العراقي ينحط ثمنه بفعل نزوات حكامه الدكتاتوريين. ذلك الفعل المنبعث من عُقد مرضية جاهلية، كانت ولازالت تتمدد وباءً حارقاً، وخشية منها غزتنا جحافل العالم لازالة خطرها على مصالحها قبل غيرها، ولذات الاعتبارات عمدت على زرع بذرة نمط اخر يخالفه بالشكل ويشابهه بالمضمون. حيث لا قيمة للانسان ازاء المصالح الجشعة للحكام. من هذا المنطلق تكرست مفاهيم اقل ما يقال عنها بانها مجافية لكل القيم الانسانية.
واليوم تتجسد على اديم ارض العراق المهدد كيانه ووحدة شعبه بمختلف اطيافها واديانها بالفناء على يد العصابات الدينية الظلامية المسماة " داعش "، التي لا تبقي سيادة ولا شبح سيادة حتى، قبل تصفية من لا يتحول الى "عبد لخليفة هذه المافية السوداء "، ومع هذا المرئي والمسموع والمتجلي في الموصل وسبايكر والصقلاوية وغيرها، والبعض يمانع من ان تعطى الغلبة في المعادلة العراقية الى حماية البشر، مانحاً الاولوية لـ " السيادة " مع انها ينبغي ان تحظى بالاهمية بلا شك، ولكن اين ستصبح السيادة عندما يجتاح الدواعش البلد ويستبح كافة الحرمات.؟ .
وما يثير الشجون حقاً ان الادعاءات بالقدرة على ازاحة خطر داعش بالقدرات العسكرية الذاتية. تفندها الوقائع. حيث لا كفاءات ولا تسليح عسكري اثبت ذلك، بالرغم من ان جيشنا ظل يكافح بقدراته المتواضعة من حيث التسليح والتدريب، فضلاً عن ذلك الجهد المقدر، الذي ابداه الحشد الشعبي. ان العدو الداعشي يمتلك كافة الامكانات والخبرات العسكرية وبدعم من دول اقليمية، فلماذا لا نقبل الدعم الخارجي على مختلف انماطه النافعة.؟. بل من المفارقة التي لابد من ذكرها. يجري التطلع الى الدعم الجوي ونزدري الدعم الارضي بذريعة الحفاظ على السيادة. وان الحالتين اي التدخل الجوي والارضي تدخلان في دائرة خرق السيادة، لا فرق بينهما بالمضمون قطعاً. كما اننا نقبل بالمساعدة العسكرية البرية الايرانية وفي ذات الوقت نرفض المساعدة العسكرية البرية الامريكية، التي هي الاكثر حسماً بفعل امتلاكها احدث التقنيات العسكرية. لا سيما وانها ستوفر الاحداثيات الدقيقة للقصف الجوي، شرط ان يكون قرار " السَوق العسكري " بيد الحكومة العراقية. وان ينتهي بنهاية المهمة.
ان الرأي القائل: علينا ان نعتمد على قواتنا العراقية لتحرير البلاد من عصابات داعش، قول يعتد به، ومما لا شك فيه منطلقاً من شعور وطني عال. بيد ان امر قواتنا العسكرية معروف ، حيث انها لم تكتمل جاهزيتها المفترضة خلال عشر سنوات مضت، مع صرف عشرات المليارت من الدولارات، والسؤال الكبير هنا ، ما هي المدة التي يتطلبها تجهيز قواتنا المسلحة لكي نعتمد عليها.؟. ولدينا اكثر من مليون مهجر، والشتاء على الابواب، هذا من ناحية، وثلث البلاد وما يقرب من ربع السكان تحت سيطرة داعش من ناحية اخرى، فمن الذي يتحمل المسؤولية عن مصير هؤلاء و اؤلئك.. مهجرون معظمهم يسكنون في العراء، وما تبقى من سكان المناطق المحتلة يتم التعامل معهم كأسرى لدى داعش. ان الوضع القائم في البلاد كالحريق وعليه ان تعطى الاولوية العاجلة لاطفائه، قبل ان يجري الاهتمام بمعرفة اسبابه وقطع دابر تكراره.
ان الولايات المتحدة الامريكية هي المسؤولة عن حماية العراق من الارهاب، يأتي ذلك ضمن منطوق "الاتفاقية الامنية الاستراتيجية " معها، هذا وناهيك عن كونها هي التي احتلت البلاد، وحلت جيشه ، وتركته لقمة سائغة بافواه الطامعين من عصابات الجريمة المنظمة، ودول جوار لها ثائر دامي مع العراق، والانكى من كل ذلك سلمت الحكم لكتل سياسية وفق قاعدة عرقية وطائفية، ليس بمقدورها او بحسبانها ان تفضل المصالح الوطنية على مصالحها الانانية، ومجرى الامور منذ سقوط النظام الدكتاتوري السابق، خير شاهد على ذلك. فطرد الاحتلال الداعشي في هذا اليوم افضل من بعد يوم اخر، لانه في كل ساعة على بقاء هذه الجريمة تتضاعف الخسارة، واذا استطعنا الحصول على المساعدة من الاصدقاء اليوم ، ربما لا يمكننا ان نحصل عليها غداً، وغداً لناظره قريب.