علي عرمش شوكت
الثلاثاء 14/ 8 / 2007
اجتماع لتحقيق الاجماع
علي عرمش شوكت
كانت دعوة السيد رئيس الوزراء نوري الملكي لاجتماع رؤساء الكتل البرلمانية خطوة مطلوبة ، ولهذا عبرت عن استجابة مفعمة بالحس الوطني حقا لضرورة سياسية ملحة، وهي بكل تأكيد متيممة لاستدعاء خطى القوى الوطنية الاخرى نحو بوابة الخلاص من الازمة العراقية المتداعية التي وصلت الى تخوم الانفجار ،ولكي يطمئن العراقيون يتوجب أن تنطوي هذه الدعوة على نبذ الروح الانتقائية والاقصاء النابعة قطعا عن جذر الاستبداد والاستعلاء الذي ولى زمانه ، وينبغي ان ينعدم مناخه الى الابد بين ابناء شعبنا الوطنيين دون استثناء، ومن المؤمل الا يكون الاجتماع هدفا بحد ذاته ، فهو وسيلة لتحقيق اجماع عراقي على وقف التداعيات الحاصلة ، وبأنه جهد لانجاز هدف عراقي عام وملح فلابد ان يكون جامعا لكافة الايادي الوطنية المستعدة لبناء العراق الديمقراطي الفدرالي الجديد ، فلا يجوز لاحد كان من كان ان يقصي هذا او يصادر حق ذاك من العراقيين الذين يشتركون في العملية السياسية خاصة ، و من يريد ان ينظم اليها ايضا .
ونعود الى طبيعة الاجتماع وكونه ليس هدفا وانما وسيلة ، فذلك ما يسمح باطلاق ليس المشاركة فيه فحسب ، وانما ينبغي حسن اختيار الخامات الاساسية لاستكمال هندسة هياكل العملية السياسية التي يفترض ان تكون بمستوى يتجاوز الازمة الحالية ، بل وتشييدها على القواعد الكفيلة بمقاومة الاهتزازات التي غالبا ما تحصل في المنعطفات الحادة في المستقبل ، ويعني رسم (خارطة طريق) متفق عليها ترقى الى مستوى وثيقة شرف تحتوي الحقوق والواجبات وتكون معمدة بالقناعة الصادقة من لدن الذين يشاركون في رسمها .
هنالك ما يثر الامتعاض حقا ، فليس من المقبول في الحياة الديمقراطية اللجوء الى اسلوب شبيه الى حد ما من عملية استدعاء( كاسري الاضرابات ) ، طبعا مع الفارق ، على طريقة الشركات الرأسمالية في العالم الغربي اي عندما يضرب العاملون عن العمل يلجأ ارباب المصانع الى جلب فرق جاهزة من كاسري الاضرابات لاحلالهم محل العمال المضربين لكسر اضرابهم بدلا عن الاستجابة لمطاليبهم او في اقل تقدير التفاوض معهم للوصول الى حلول معينة ، ان من يتبع هذا الاسلوب الذي اقل مايقال عنه تعسفي من الصعب ان تحصل القناعة بديمقراطيته ، وهذه الطريقة يراد بها فرض الرأي ولكن بصورة مبطنة ، فالقول بأن السيد رئيس الوزراء سوف يملئ الحقائب الوزارية الشاغرة اذا لم يعودوا وزراء التوافق !! ، دون الانتظار لما سيسفر عنه الاجتماع الذي دعا اليه السيد رئيس الوزراء والمزمع عقده باقرب وقت ، وحينما يسمع بمثل هذه التصريحات سوف لن يحصل التفاؤل بنتائج بالاجتماع المرتقب ، غير ان ذلك يمكن حصوله في حالة استنفاذ كافة السبل لحل الازمة القائمة في الحكومة وتسوية خلفياتها ، ولهذا يعول على الاجتماع بأن تحظى قراراته والحلول التي سوف تتمخض عنه باجماع اطراف العملية السياسية ،.
وبما ان اجتماع القادة سيكرس الجهود لتفكيك الازمة الحاصلة بين اطراف العملية السياسية ذاتهم ، واعادة ارساء قواعد عمل هذه العملية على اسس بعيدة عن المحاصصات والتخندق الطائفي والاثني ، واعتماد مبدأ المواطنة والكفاءة ، فهذا وان كان عملا عظيما، اذا ما تم وقفا لما يتطلع اليه كافة ابناء شعبنا ، فأن ذلك ليس الا حلحلة للمشكلة العراقية الملتهبة اذا لم يبحث القادة وبصورة جادة وحرص عال في معالجة الصراع القائم بين اطراف العملية السياسية والاطراف المعارضة لها ، لان ذلك هو الذي يحقق الاجماع العراقي المنتظر .