علي عرمش شوكت
الخميس 14/2/ 2008
الراصديتحالفون ولكنهم لايتفقون !!!
علي عرمش شوكت
صار بالامكان تشبيه الوضع السياسي في الساحة العراقي بمياه الفيضان ، التي غالبا ما تأتي خابطة ومليئة بالمجروفات ، ويصعب معرفة مناسيبها و ما سيترتب عليها من اثار لا تحمد عواقبها ، غير ان المواطن العراقي كان وما زال المواطن العراقي يتوقع بأن الدستور ورغم ما عليه من تحفظات سيشكل سدا منظما للتيارات السياسية ومانعا للانجرافات والجنوح خارج القوانين ، كما كان يتصوره بانه سيصبح القاعدة الاساسية للاصلاح واعادة البناء ، ولكن الثغرة التي باتت تهدد السد هي تلك التي حملها الدستور في طياته والتي تجلت باكثر من خمسة وخمسين فقرة قد حددت بان (تنظم بقانون) ، وهذا الامر المهم للغاية ترك تحت رحمة التوافقات على قاعدة المحاصصة الطائفية والعرقية الملغومة بنوازع الاستحواذ ، وما ان حطت القوانين رحالها في حاضرة مجلس النواب حتى برزت امامها حواجز المحاصصة ، وجردتها من نسبها العراقي العام وجعلتها عرضة للمصادرات الجزاف بهدف تحقيق مصالح فئوية .
وكل واحدة من الكتل المتحاصصة قد رمت بثقلها وراء مشروع قانون من القوانين ، الذي تمكنت بهذا الشكل او ذاك من جعله وسيلة لتحقيق مصالحها بالشكل الذي تريده دون الاكتراث بما سيعكسه اذا ما تحقق من اذى او اجحاف بحقوق الاخرين من ابناء جلدتها العراقيين ، الامر الذي جعل سبل اقرار القوانين تغلق بعضها البعض ، وبقدرة الكتل المتنفذة صار لايمكن ان يقر مشروع قانون الموازنة مثلا ، اذا لم يصبح طريق اقرار قانون مجالس المحافظات سالكا ، ولايمكن ان تقر تلك القوانين الا اذا رفعت الحواجز الموضوعة في طريق قانون العفو العام ، ولابد من الاشارة الى ان كل واحد من هذه القوانين قد رفعت يافطته كتلة من الكتل الكبيرة ، ومن المثير للانتباه هو ان هذه الكتل المتعاكسة المتصارعة حول اقرار تلك القوانين هي متحالفة ضمن اكثر من عنوان والتي تجلت بالتحلفات : الرباعي ، الخماسي ، واخيرا ما اعلن عن النية لتشكيله تحت عنوان التحالف السداسي .
وبذلك قيد مجلس النواب ، واحتلت ارادة الكتل المتنفذة مكان قواعد العمل التي حددها النظام الداخلي للمجلس ، فمثلا لايجوز ان يصوت النائب على اكثر من قانون دفعة واحدة حسب اللوائح الداخلية ، غير ان ذلك فرض على النواب لكي يصوتوا على ثلاثة قوانين دفعة واحدة كالذي حصل في جلسة يوم الاربعاء المصادف 13 \ 2 \ 2008 ، وكان هذا التصرف قد جاء على قاعدة (شيلني وشيلك) كما يقول المثل الشعبي ، واقل ما يوصف به هو مصادرة صريحة لارادة النواب ، وبالتالي غييب تمثيلهم للمواطنين الذين لم يرجع لهم احد ، اويستفتيهم حول هذا القانون او ذاك ، وبهذا التعامل مع مجلس النواب يصبح معوقا وغير قادرعلى اداء دوره الدستوري ، وبفصيح العبارة سيفقد ثقة المواطنين به الامر الذي يؤسف له حقا ، لان الشعب العراقي يخوض هذه التجربة الديمقراطية وهو على امل ان تترسخ وتتطور وترتقي بالبلد الى مصاف التقدم والرقي ودولة القوانين والمؤسسات .
ومن نافلة القول ان اقرار القوانين التي حددها الدستور من قبل مجلس النواب امرا عظيما ، ولايوجد اعتراض على اصدارها ولكي تأخذ طريقها للتنفيذ وتساهم بتمهيد السبل لعملية البناء وتوطيد الاستقرار، ولكن الاعتراض على الطرق غير الدستورية التي اقرت بها ، فمثلا لاضير لاعطاء شعبنا الكردي نسبة 17% من الموازنة السنوية لان الفرق المختلف حوله بين النسبة المحددة في الموازنة 14% وبين النسبة التي تطالب بها كتلة التحالف الكردستاني هي 3 % ، وهنا سائل يسأل كم مثل هذه النسبة يبتلعها الفساد ؟ اذن شعبنا الكردي اولى بها من السراق والمفسدين فضلا عن كونها حقوقا مشروعة ، وهي دون ادنى شك تعتبر احد اسس توثيق روابط الشراكة الحقيقية في هذا الوطن ، كذلك بالنسبة لقانون العفو عن المعتقلين الذين لم يرتكبوا جرما مشهودا وهم كثر فهو يعتبر احد اهم سبل المصالحة الوطنية المنشودة لاسيما وانه قد تخلف عن التحسن الحاصل في المجال الامني ،وهذان القانونان اللذان لابد لهما ان يتوازيا معا ويتكاملا بفعلهما لاستتباب الوضع في العراق ، اما القانون الثالث والمتعلق بمجالس المحافظات فربما هوالذي يكتنفه بعض الغموض ولهذا هنالك ثمة اعتراضات حول شكله الحالي من قبل مختلف الجهات ، كونه لايصب باي شكل من الاشكال في عملية بناء الوحدة الوطنية التي تعتبر الحاجة الماسة والضرورية لشد مكونات شعبنا في هذا الظرف العصيب الذي يعيشه شعبنا ، وعندما ياتي اقرار القوانين دفعة واحدة يؤدي ذلك حتما الى تمرير الامر، وهنا مربط الفرس كما يقال ، الذي لا يحظى بالتأييد في ثنايا ما هو مطلوب اقراره ، وبهذا يتبين الخلل الذي ارتكبه مجلس النواب واظهره بمظهر العاجز للاسف الشديد .