علي عرمش شوكت
الأربعاء 14/4/ 2010
يعرض عليك تمراً ويبيع لك خرنوباً !!علي عرمش شوكت
العنوان ، مثل شعبي عراقي ينطبق على كبار الساسة الفائزين في الانتخابات العراقية الاخيرة ، لانهم يعلنون عن تحمسهم لاستقلال البلد ويرفضون اي تدخل في شئونه الداخلية ، ولكنهم يفاجئونك بالسفر لاهثين الى دول اخرى ليستشيرونها بامر سيادي داخلي ، كتشكيل الحكومة العراقية المقبلة !! ، ان هذه الحالة المؤسفة المجبولة كما يبدو في بعض شخصيات ساسة الدولة العراقية اليوم ، تعكس حقيقة لا يجهلها حتى نزلاء المصحات العقلية ، الا وهي ، ان هؤلاء لا يمتلكون القدرة على اتخاذ القرار المستقل ، تصوروا ان المرجعية الدينية العراقية وبشخص سماحة السيد علي السستاني قد نأت بنفسها عن التدخل في شأن تشكيل الحكومة لكونه امراً خاضعاً للاستحقاقات الانتخابية ، الا ان كبار ساسة البلد وتحديداً بعض رؤساء القوائم الفائزة قد استمرأوا التبعية للغير .
وامام هذا المشهد الملتبس المتداعي يصبح المواطن في حيرة من امره ، متسائلاً عن حالة انعدام الوزن التي اصابت هذه الشخصيات صاحبة الكفاءة في قيادة اقوى معارضة تحدت اقسى طاغوت مستبد في العراق واطعمته العلقم في طروحاتها السياسية ، واساليبها النضالية ، وحجم تضحياتها الجسام ، واذا ما تفحصنا حيثيات هذا الامر لا نكتشف الكثير من عناصر التي تدعو للتغيير في هذه الشخصيات ، اللهم الا احوالهم المالية التي كانت لا تساوي شيئاً مما هي عليه الان ، وهذه هي منافع الحكم التي امست في العراق لا مثيل لها ، وكما يقال ان وسائل الوصول الى كرسي السلطة والحفاظ عليه تتحول احياناً الى اغلال تقيّد من يعتليه ، وبخاصة ذلك الذي يفتقر لصفات القائد الوطني المتحرر .
ان كافة اطراف النخبة التي كانت تحكم قد فازت في الانتخابات الاخيرة ، ويمكن ان تكون في الحكومة المقبلة ، اذاً ما هي الدواعي الحقيقية وراء الهرولة نحو مرجعيات اجنبية ؟ ، ولا نتجنى هنا على احد عندما نقول ان البعض وللاسف الشديد قد غدا فاقد الروح ومقطوعاً من النسب الوطني ، انها حالة وسابقة لم يشهدها بلد اخر في المنطقة ، والمفرقة هنا تشير الى ان كل دول الجوار العراقي هي التي صارت تطالب علناً بابعاد هذه الشخصية السياسية العراقية او تلك عن هذا الموقع الحكومي اوذاك !! ، وبدلا من ان تُستنكر وتُرفض هذه التدخلات السافرة في الشأن العراقي الداخلي ، يقوم بعض زعماء الكتل الفائزة بزيارة الدول الاقليمية واستجداء دورها للتدخل في امورنا السيادية ، اي تشكيل الحكومة .
بات ليس غريباً مثل هذا الثلم لسور السيادة العراقية ، وقد جاءت تسلكات النخب السياسية كامتداد لانضوائها تحت مناهج الاجندات العابرة للحدود ، ولا ينفصل عن هذا الاطار، ذلك الدعم المالي واللوجستي الذي قدم لهذه الكيانات التي فازت خلال الانتخابات الاخيرة ، ولكن الغريب والمؤسف هو التفريط المطلق في كمال الشخصية السياسية العراقية المتزنة ، وتحويلها الى عبارة عن وسيلة لا تعاني الدوائر الاجنبية من استثمارها بيسر بغية توطيد مصالحها في العراق ، على حساب مصالح الشعب العراقي في الوقت الذي تعيب هذه الاوساط على بعض القوى الساخطة التي تتحول الى عصابات اجرامية وتحارب الشعب العراقي بالانابة عن اعداء العراق وذلك مقابل المال والوعود بعودتها الى سدة الحكم ، اذاً في التحليل النهائي يكاد ينفقد الاختلاف في الهدف الاساس ، الذي وهو الوصول الى السلطة باي ثمن ، ولكن بفارق اسلوب الوصول .
وماذا بعد هذا التدحرج نحو قرار الهاوية السياسية ، هل نتفاءل بمستقبل لهذه العملية السياسية ؟ ، ام نحسبها عليلة ونترقب من يعالجها وطنياً ، ويستمر الشعب العراقي بدفع الثمن وهو المبتلى بالتخلف الذي غدا يغطي حتى هامات بعض كبار الساسة في العراق الذين اصبح حالهم حال ذلك الذي يعرض عليك تمراً ويبيع لك خرنوباً اي ( ثمار الشوك )