علي عرمش شوكت
الأربعاء 15/ 8 / 2007
اذا كنتم ديمقراطيين فلا تتداولوا الدكتاتورية
علي عرمش شوكت
يسمى دكتاتورا كل حاكم انفرد بالقرارات المصيرية ، واغتصب الحريات ،وعبث بالمال العام ، واستحوذ على مقدرات شعبه ، وفي هذا الشأن وعندما سقط نظام صدام حسين الذي كان تتوسم فيه كل هذه المواصفات وربما اكثر منها ، تطلع الشعب العراقي الى حاكم ديمقراطي يعاكس الحاكم الدكتاتوري شكلا ومضمونا ،وراح الشعب وبشجاعة لاختيار من تصور بانه سيحقق له طموحاته في العيش الآمن والكريم ، ووضع عجلات اقتصاد البلد على سكة التنمية والتطور ، غير ان ذلك لم يتحقق ، أليس هذه النتيجة كفيلة بنزع ثقة المواطنين ممن اختاروهم للمسؤولية ؟ ، فأين الحكمة في اهمال راي ابناء الشعب فيما يجري ، الخلافات قائمة بين بعض اطراف العملية السياسية وتحديدا بين الذين بيدهم السلطة ، وتنعكس بالمطلق هذه الخلافات على حياة الناس ، بل يتحول ابناؤهم بالجملة وقودا لهذه الصراعات الطائفية التي ليس لهم فيها لا ناقة ولاجمل ، كما وتقطع سبل عيشهم واعمالهم وتدمر املاكهم .
لقد عرف المواطنون بان الدكتاتور لايبالي بمصائرهم ولابآرائهم ولايرى احرص منه على مصالحهم !! ، التي لا تتعدى بقاؤه على رأس السلطة ، ولكن كيف يفكر الذي انتخب من قبل هؤلاء الناس وبسبب اصواتهم صعد من القاع الى القمة ؟ هل في الساعة التي ارتدى فيها برد القيادة نزع قميص الديمقراطية التي تقمص به طيلة وجوده في المعارضة ؟ ، وحينما تذوق حلاوة السلطة راح يبحث عن مختلف الوسائل للحفاظ عليها وبأي ثمن كان ، وفي سياق بحثه يبدو لم يجد افضل من الوسائل الدكتاتورية لحماية سلطته التي تأتي في مقدمتها عزل المواطنين اصحاب الشأن عن مشاركته في سلطته التي ينبغي ان تكون حسب مفهومه مطلقة له وحده ، وذلك بعذرالشرعية التي نسى او يتناسى من هو الذي منحه اياها ، وتدعو هذه الممارسة الى بروز هواجس الخشية من تداول الدكتاتورية من خلال التداول السلمي للسلطة وبحماية شرعية الانتخابات ونتائجها المأخوذة على غفلة من الوعي الغائب بسبب اربعة عقود من الاستبداد والتجهيل
ان رباط حديثنا هنا هو ما يجري من صراعات خطيرة بين الاوساط المتنفذة في السلطة والمحاولات لتسوية النزاعات التي تجري حول مواقع النفوذ في الحكم ليس الا، دون ان يكلف اطراف الصراع انفسهم ويلتفتوا قليلا الى المواطنين بهدف اشراكهم او في اقل تقدير الاستئناس بآرائهم في حل الخلافات وذلك من خلال ممثليهم في البرلمان ، غير ان ذلك لم يتم الا في استدعاء جماهير كل طرف حينما يحتاجونهم لاستعراض القوة خلف مختلف الادعاءات مع الاسف الشديد ، الامر الذي يعني قطعا جر المواطنين الى ساحات الاستفزاز و الخصام مع اخوتهم العراقيين الاخرين ، مما يزيد الطين بلة ويوجه الناس بالضد من مصالحها ووحدة شعبها ووطنها ، اذن يبدو ان الثقة بين الجماهير والنخبة المنتخبة سوف تفقد مقومات بقائها اذا لم يتوجه المسؤولين الى المواطنين واشراكهم بحل مشاكل البلد ، كان ومازال سبيل حل اعقد المشاكل هو الحوار والتنازلات المتبادلة بين الاطراف المتصارعة غير ان اعداء الحل لايتركون السبيل اليه آمنا ، ففي اليوم الذي التأم فيه اجتماع روؤساء الكتل البرلمانية تسارعت عصابات الارهاب بارسال مفخخاتها لابادة الابرياء بالجملة وبصورة بشعة في الموصل ، وهذه المرة قد اختار الارهابيون ضحاياهم اختيارا مقصودا ، فتفجير ثلاث مففخات وسط مساكن فئة معينة من ابناء الشعب العراقي ( الازيدين ) لاتفسير له سوى كونه عملا قذرا الغاية منه لاتتوقف في قتل الابرياء وتهديم بيوتهم على رؤوس اطفالهم وانما لتفجير طريق اللقاء والحوار والمصالحة التي من المؤمل ان تتم في اجتماع روؤساء الكتل .
ان الجريمة النكراء التي اقترفت في قضاء سنجار ما هي الا رسالة الى ابناء الشعب العراقي عامة تقول : لانترككم تهنئون بالديمقراطي والحرية وحقوق الانسان والتداول السلمي للسلطة ، ولابد من عودة الدكتاتورية ، فهل تبقى النخبة الحاكمة منشدة لجذورالاستبداد من خلال التشبث بمواقع نفوذها التي لايمكن ان تحافظ عليا الا باللجؤ الى الوسائل الدكتاتوري قطعا ؟ ، و هذا اذا ما عنى شيئا فيعني تداول للدكتاتورية دون شك .