علي عرمش شوكت
الأحد 15/8/ 2010
سباق غير معلن على اثر الانسحاب الامريكيعلي عرمش شوكت
ساسة وعسكر وارهاب يتحركون على اثر الانسحاب الامريكي من العراق، ويشحذون كافة اسلحتهم لخوض الصراع نحو تشكيل مستقبل البلد . طبعاً كل منهم على " قبلته " . الساسة يتصارعون فيما بينهم، ولا يترددون من ان يعلنوا عن خطوط دم حمراء على بعضهم البعض، وربما يصل بهم الامر الى التزاحم بالاخامص، او اكثر من ذلك في سبيل تحقيق السبق للظفر بصولجان القيادة قبل فوات الاوان. والعسكر قلقون لقلة الحيلة لديهم، فلا تناسب بين ما بحوزتهم من اسلحة وبين التحديات المحتملة. الارهاب هو الاخر يتحين الفرصة المنتجة لاي فراغ امني، لكي يزاحم الساسة والعسكر على حد سواء، لا بل اذا ما توفر له التمكن من ابادة الجميع، سوف لن يتوانى لحظة واحد من فعل ابشع الاعمال الفتّاكة .
اين دور الشعب من كل ذلك ؟. هل خُدع ام غُدر ام ان التضليل الطائفي والعرقي قد اخذ مأخذه في اتلاف قدرته على تلمس حقائق الامور ؟، ومع ذلك لا مجال للشك في صحوة بصيرة ستعتمل بداخله بعد ان رُكن ممثلوه المنتخبون الجدد خارج اطار صناعة القرار حيث اقتصر على امراء الكتل المتنفذة .
يبدو ان تفسير الديمقراطية لدى هذه الطبقة الحاكمة هي الاقصاء والشطب والمصادرة، وكانت اخر الضحايا هي نتائج الانتخابات التي تحولت الى "رصيد تجاري" لدى الكتل الفائزة، لا بل سلاح يتقاتلون به دون المساس بحصصهم من غنيمة السلطة ، التي يحسبونها وفقاً لعدد الاصوات التي حصلوا عليها، ولكن بعد اقتراب موعد انسحاب القوات الامريكية وما يتزايد من خلافات في داخل الطبقة الحاكمة، وكانعكاس لها يزايد الارهاب ايضاً وبتكتيكاته المتطورة " الاشتباكات المباشرة مع قوى الامن " زد على هذا وذاك الافصاح الوقح عن التدخل الاقليمي والمطالبة بالتعوضات من قبل ايران على غرار الشقيقة الكويت، ناهيك عن التأزم المتعدد الجوانب لدى الناس حيال سلوك الكتل المتنفذة الغير مبالي بتدحرج الاوضاع السياسية الى هاوية الضياع الكامل للعملية السياسية. بعد كل هذا الركام من المشاكل يخرج علينا الساسة المتنفذون في سلطة القرار بوعود بديلة لوعودهم السابقة لا يمكن ان يصدقها حتى نزلاء المصحات العقلية . ليس هذا فحسب انما غدا في الاونة الاخيرة، يدعي بعضهم زيفاً ودون حياء بتنازل الاخر له عن الموقع الرئاسي المعيّن، ولكن سرعان ما يتم تكذيبه، وبدو ان ذلك بات سمة اللعبة الخائبة التي يصرون على ممارستها . مما يهبط من قدرهم ووزنهم بنظر الجماهير وناخبيهم تحديداً .
ما تقدم من تداعيات في الوضع العام العراقي لابد ان تنتج عنه مقدمات مؤثرة لايمكن تجاهلها تؤشر الى امكانية التغيير المفاجئ ، اذا ما استمرت الامور على نمطها الحالي. ليس من السهل تحديد شكل التغيير المرتقب ،ولكن من الممكن على المراقب السياسي ان يستقرئ اللوحة فيجد امامه قرائن تدلل على احتمالات مختلفة، تشير الى سباق غير معلن على اثر الانسحاب الامريكي، لا يستبعد منه ما يمس بالسيادة الوطنية كالتدخل الدولي ويتمثل بدور للامم المتحدة، وكذلك منها ما يعادي العملية الديمقراطية الذي يتمثل بانقلابات عسكرية او شيء من هذا القبيل . ومنها ما يعالج الامر بطرق نزيهة ومشرفة وينهي حالة الاستعصاء وذلك باعادة الانتخابات. اذ من المؤكد سيدفع الى تغيير خارطة التوازنات السياسية على ضوء تجربة الاشهر الخمسة الماضية القاسية بكل المقاييس.
وهذه الدلالات المحتملة هي تجليات لتسابق القوى اللاعبة في الساحة العراقية، وفي عتمة هذا المناخ السياسي السائد اليوم في البلاد، يصبح من البديهي تزايد الخشية من خطورة تماهي اطراف من العملية السياسية في سياق الحلول غير المعمدة بالمصالح الوطنية للشعب العراقي، اذ بات محتملاً في ظل التصارع على مواقع النفوذ والسلطة الذي اضر الى حد ازهاق الارواح بالجملة، وتكالب الطامعين وعصابات النهب المنظم من الفاسدين دون اي رادع من احساس وطني لدى من اوكلهم الشعب على حماية مصالحه وسيادته .