| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي عرمش شوكت

 

 

 

الأربعاء 15/9/ 2010



 تعزيز جبهة الاعتصامات .. اختراق لخنادق الاستعصاء

علي عرمش شوكت
 
يمكن ان يطلق على سلسلة الاعتصامات التي قامت في مختلف المحافظات العراقية بهدف فك الاستعصاء الحاصل في العملية السياسية بـ ( الجبهة )، لكون الصراع السياسي وصل الى مستوى التقاتل وان كانت اسلحته تعمل (بعتاد) التصريحات الماحقة الخارقة، الذي بامكانه ان يخلف اثراً امضى من اثار حرب الاسلحة النارية، وربما يجر الى حرب من هذا القبيل، وفي مطلق الاحوال ستلقي هذه الصراعات ببلاويها على حياة الناس ومستقبل البلد من دون ان يكون لهم لا ناقة ولا جمل في هذا التناطح الفئوي والحزبي .

وعادة ما تكون الاعتصامات وسيلة متصاعدة للضغط على المعنيين بغية الاستجابة لمطاليب المعتصمين، ومع هذا جاء قيامها في الحالة العراقية بعد ان فشلت كافة الجهود ووسائل النصح الخيرة للكتل المتحكمة في امور البلد لكي تكف عن المزاحمة والعناد مع بعضها على مواقع النفوذ والسلطة، الامر الذي ادى الى تدهور الاوضاع الى مستويات تنذر بالكارثة المفجعة ، واول دلالات ذلك تزايد استشراس قوى الارهاب وتجليات اعمالها في محافظة ديالى كاخر مشهد للاشتباكات المباشرة مع قوات الامن.

ورُبَ سائل يسأل عن محدودية هذه الاعتصامات وضعف تاثيراتها، ازاء حالة التخندق والاستنفار بين الكتل المتناحرة والتي جرّت البلد ووضعته على طريق التشطير الى كانتونات طائفية وعرقية، تشاهد تباشيرها في محافظة البصرة على سبيل المثال وليس الحصر، ولا بد من الاشارة هنا حول الاعتصامات واثرها كوسيلة نضالية معمول بها في النظم الديمقراطية، فهي لم تكن من وسائل الكفاح الناجعة في ظل الانظمة الدكتاتورية لكونها قابلة للسحق المباشر من قبل قوات القمع الحكومية، ولهذا لم تكن مألوفة في العراق خلال سنوات الاستبداد، ولهذا لا تستقطب الاعداد الواسعة من المحتجين في وضعنا الجديد.

الاعتصامات هي مظاهرات واقفة وسلمية، وعليه ينبغي ان تتم بالقرب من مواقع سلطة القرار المعنية، او في الاماكن العامة المؤثرة، ومن هنا تاتي خشية الحكام منها، اذ انها تقوم بالطرح المباشر للمطاليب الجماهيرية العادلة، الذي يشكل في ذات الوقت فضحاً المباشراً لسياسات القوى المهيمنة والمغتصبة مقدرات وحقوق الناس، وفي ظل الازمة السياسية الحالية لابد من وسيلة الاعتصامات وتطوير اشكالها بغية اختراق التخندقات بين الكتل المتحكمة، التي اعطت لنفسها الحق بمصادرت الديمقراطية وتجاوزت على الدستور والغت مبدأ التداول السلمي للسلطة .

ومن الجدير ذكره هنا بان القوى المحركة لهذة الوسيلة الكفاحية السلمية هي حصراً طلائع المضطهدين والمغتصبة حقوقهم، ويكونون قطعاً من المؤمنين بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية، هؤلاء اليوم خارج خانة الفائزين في الانتخابات البرلمانية الاخيرة، الامر الذي اسفر عن مفارقة عسيرة الهضم في عالم السياسة والحياة الديمقراطية، بيد انه لايبتعد تفسيرها عن كون ذلك افرازاً لابد منه، نتيجة لاستمرار تبعثر قوى التيار الديمقراطي والمتعاكسة في التوجهات، بل و البعض منها احياناً تجده متناقضاً مع ذاتها بمعنى من المعان انه ينساق في اتجاهات غير ديمقراطية بحثاً عن منافع ضيقة للاسف الشديد، على غرار ما حصل في الانتخابات الاخيرة حيث انساق بعض اطراف من قوى التيار الديمقراطي خلف الكتل غير الديمقراطية، ورغم ذلك ظل في مواقعه الصفرية .

وعليه يقتضي الامر اعادة حسابات القوى الديمقراطية على ضوء مآلها الاخير، والشروع ببناء الكتلة الديمقراطية وذلك لحاجة الشعب العراقي لها، وتاتي الاعتصامات هنا وهناك لتشكل ساحات للتلاقي والتكاتف في سبيل النهوض في بناء صرح التيار الديمقراطي وفقاً لمتطلبات الظرف السياسي في عراق اليوم، وان المعادلة السياسية في المشهد العراقي قد فقدت الرقم الديمقراطي، الذي كان بامكانه لو اخذ مكانه المناسب لوفر الحلول العملية للازمة الحالية ، فالى مزيد من الاعتصامات لاختراق التخندقات المدمرة .






 

free web counter