علي عرمش شوكت
السبت 15/1/ 2011
ثورة الهتاف والحجارة وثنائية العلم والفقر اسقطت دكتاتوراًعلي عرمش شوكت
هكذا يراد من الشعوب المكبلة ان تثور، انطلقت انتفاضة الشعب التونسي من داخل اسوار البؤس التي كبل بها النظام اوسع الجماهير بغية ادامة الهيمنة والتسلط ودوام حكم الفرد المستبد، ولكن المنفذ الذي اخرج الناس من حصار النظام الدكتاتوري. هو الوعي العالي الذي شكل ثنائية الدفع مع الفقر، لاقتحام حصون الاستبداد، ففي تونس يتزايد بشكل طردي العاطلون عن العمل مع خريجي الجامعات، فضلاً عن تطلع هذه الفئات المثقفة الى عالم حضاري جديد، يتجلى ذلك باتساع عدد المشتركين في عالم الانترنيت والفيس بوك من التونسيات والتونسيين الى اكثر من مليون ونصف مشترك، ان هذا الامر الذي له الفضل باجلاء الرؤية وازاحة الفكر الظلامي الذي لاشك انه قد كبل البعض من شعوبنا وجعلها لا ترى افق مستقبلها قبل فوات الاوان وتراها تعيد اختيار من سامها الحرمان والعذابات دون وعي يذكر.
وهكذا ايضاً يصمم المنتفضون على هدف التغيير، بدأت انتفاضة الجماهير التونسية بالمطالبة بفرص العمل، ولكن اشعل فتيلها كاسب منع من وسيلة كسبه البسيطة تحت حجة عدم الاخلال بالنظام العام، فما كان امامه سوى محاولة حرق نفسه، حينها احترقت حدود صبر الجماهير التي خبرت الوعود الكاذبة للحكام، لم تستكن وتنخدع مرة اخرى ولم تصبر على ضيم، فارادت التغيير وليس غيره. وبهتاف التغيير وسلاح الحجارة انهمرت دموع الدكتاتور وادعى انه قد خذع، ارادها وسيلة لاعادة تضليل الجماهير الا انه لم يدرك مستوى معاناة حياة المواطنين والتي هي كفيلة بخلق متاريس وعي عالية لاتتمكن من عبورها ماكنة الظلم والاستبداد.
كان عبور المنتفضين حدود الشعارات المطلبية الى شعار التغيير لافتاً لاهتمام المراقبين، الا ان الذي ميزه هو الضمير الجمعي الموحد، لم يكن قد ظهر اعتباطاً انما تمخض عن ثنائية الوعي والفقرالتي تكاد تكون شاملة، هذه الثنائية قد اثبتت بكل قدرة على مواجهة اية قوة تحاول كبح ثورتها، وها هو الدليل قد تجلى في ثورة الهتاف والحجارة التي اسقطت نظاماً دكتاتورياً يمتلك مختلف اسلحة القهر التي لم يتوان عن ممارستها، الا ان التصميم والارادة الواعية حولتها الى رماد ذر في عيون الحاكم ليدمعها ويجعله متوسلاً هزيلاً ومدعياً بكونه قد خدع. غير انه لم ينس ما حل بامثاله حينما ادرك ان دموعه لا تنفعه كما نفعت خامنئي في ايران ابان الاحتجاجات على تزوير الانتخابات الرئاسية، ولم تحل دون صعوده على لوحة الاعدام. وان تجربة طاغية العراق صدام لم تزل حية.
انها لسابقة في علمنا العربي، لكنها ليست بالغريبة على عالم متغير، عالم جديد سمته العامة العلم والديمقراطية وحقوق الانسان، ولا مكان به للخداع ولا تاثير للفكرالظلامي مهما حاول سماسرته وتجاره التمسك به واحاطته بمظاهر الدين والمقدسات، لكون ناس اليوم لا يهمها سوى العيش الكريم المؤطر بالعدالة الاجتماعية والمنتج للحياة الامنة الرغيدة. كما تؤشر العديد من المعطيات الى انها تبشر بتكرار ثورة ثنائية الفقر والوعي بحق اكثر من مستبد مهيمن على الحكم دهراً طولاً من الزمن دون ادنى وجه حق.