| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
الأربعاء 16 / 12 / 2015 علي عرمش شوكت كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
ماذا كان قطاف العملية السياسية.. عفصاً ام بلوطاً ؟
علي عرمش شوكت
(موقع الناس)
سؤال له دلالة هامة، منبعث من واقع حياة الكادحين في الريف. وغالباً ما يطرحه الفلاحون على بعضهم البعض، لمعرفة جني الاخر في موسم الحصاد، - ما هو محصولك هذه السنة .. عفصاً ام بلوطاً ؟- وهو مستوحى من طبيعة شجرة البلوط، التي اذا ما اثمرت بلوطاً في موسم معين، "صالح للاكل" جاء ثمرها عفصاً في الموسم اللاحق." غير صالح للاكل" وعليه اذا كان جواب الفلاح بأن حصاده بلوطاً، يعني ما جناه خيراً. واذا كان جوابه، عفصاً، يعني ما حصل عليه في ذلك الموسم شحيحاً لا يسد الرمق.
لقد آمن معظم العراقيين في البدء بهذه العملية السياسية، وتأملوا منها خيراً، الا ان فصولها الملتبسة والغارقة بأزمات متلاحقة بين اطرافها، جعلت الامل حلماً. يجسده على واقع الحال كابوس يضاهي او يزيد عن سلفه النظام الدكتاتوري في اغلب جوانبه. فأول قطاف ثمارها- اي العملية- المريرة كان "عفصاً" الا وهي تلك الخدعة "البريمرية" التي سميت بـ " الديمقراطية التوافقية " والتي هي بحقيقتها محاصصة دنيئة، لا تتم في الاغلب الاعم، الا بين من تشاركوا برأسمال للمتاجرة، او تشاركوا مع سواهم بسرقة. والارجح كانت هذه الاخيرة هي التي تجسدت على ارض الواقع، اي شراكة السرّاق بأمتياز.
وهنا يتربع على ناصية الحديث سؤال ساخن مفاده، من المسؤول عن هذا المآل الكارثي الاخير، الذي ينبئ بافشال الدولة كمقدمة لتفتيت وحدتها الجغرافية ؟. الامر الذي جعل الطامعين من كل صوب وحدب، يسيل لعابهم على حطام العراق. هذا اذا ما بقي شيء اسمه حطام. فليس من الاخلاص والمسؤولية الوطنية تجاهل جوابه الصارخ المتمثل بأن من انتخبوا الاوساط الحاكمة اليوم، هم الذين تقع على عواتقهم المسؤولية الاولى، ويأتي بعدهم من لازال مراهناً ومقتنعاً بهذا المسمى " العملية السياسية" بشكلها الحالي المريب!!. اذن ما العمل؟، والعراقيون لا يجدون اياً من هياكل الدولة سليماً من التخريب، بفعل شراسة وشراهة المفسدين، الذين سوف تمل اية جهود مخلصة من تعداد افاعلهم الطاعنة بالصميم، او التمكن بيسر من الاهتداء الى مخرج من هذه المتاهة الفلكية الابعاد، اذا لن ينبثق نهوض شعبي موحد ومدرك لا يقبل التأجيل.
ولكن ما يحز في صدور المواطنين هو. ان تخرق سيادة العراق عنوة من قبل دولة تركيا الجارة الطامعة كغيرها من دول الجوارالاخرى، والانكى من ذلك هو ان ينبري ويهلل له البعض من العراقيين، كيداً ضد البعض الاخر المدافع عن خرق لسيادة العراق من قبل ايران الجارة الطامعة هي الاخرى. دون اي شعور بوجع جرح الوطن المنهوش بتكالب خسيس. ذلك ما يرجع المرء الى الماضي في التاريخ العراقي. حينما كان صراع الامبراطوريتين الرومانية والفارسية، مما دفع سكان وادي الرافدين الى الانقسام، بين الغساسنة، الذين كانوا يحاربون بالإنابة عن الفرس من جانب، وبين المناذرة الذين كانوا يدافعون عن الرومان من جانب اخر. قطعاً كانت النتائج حريق الارض والمال والبنين بصورة كافرة بالوطن ومقدساته.
التاريخ يعيد نفسه كما يقال اما بمسخرة او بمأساة، وهاتان الاثنتان موجدتان معاً، تعيد علينا الماضي المتخلف كثمرة علقمية مريرة من ثمرات العملية السياسية " المباركة"، التي حولت العراق الى بلد " مكونات" طائفة وعرقية متصارعة متحاصصة في ذات الوقت!!، غادرة لحق المواطنة، وكابحة للروح الوطنية الاصيلة، وراعية لثقافة الفساد الطاعن بكيان الدولة برمته، ولم تكتف بأباحة حرمات البلد امام اعداء الشعب العراقي وبالعجز المريع في الميزانية، وانما راحت تقضم لقمة عيش العوائل الكادحة من الموظفين والمتقاعدين، ولم تلتفت نحو حيتان الفساد، ماذا بقي لهذا الشكل الكسيح المسمى بـ " العملية السياسية" ؟.لقد توفرت دوافع عديدة ومقدمات فاعلة يقتضي العمل بها من قبل القوى الوطنية الديمقراطية المدنية المخلصة والثائرة المتجسدة بالحراك الشعبي المدني الساعي لتغيير شكل ادارة الحكم. وتحويله الى نظام مدني ديمقراطي معمد بالعدالة الاجتماعية. رحمة بهذا الشعب المكوب المنهوب.