علي عرمش شوكت
الثلاثاء 16/9/ 2008
سلامات ياخدمات !!!علي عرمش شوكت
كأن الخدمات في العراق قد وقعت في ساحة حرب باردة الكل يحاول مد نفوذه اليها بغية استخدامها لتفيذ مآربه الخبيثة ، مع انه من الطبيعي ان تكون الخدمات العامة تعنى بتوفيرها الدولة ، ولا مجال لتحويلها الى مادة سوق تكون عرضة للمضاربات ، وربما يكون جزء منها في بعض الحالات بيد القطاع التجاري الاهلي ، ولكن من المفترض الا تكون قدرته طاغية على قدرة الحكومة ، ولا يطلق له العنان للحد الذي يمكنه من التلاعب بالاسعار دون رقيب او حسيب ، ونعني هنا بالخدمات ، ماء الشرب والكهرباء والوقود والعلاج الطبي ونضافة الشوارع والصرف الصحي ، وكل هذه بكفة والامن بالكفة الاهم ، اذ انه بفقدان الاستقرار الامني تصبح كافة الخدمات على كف عفريت ، وهذا ما حصل في العراق في السنوات الخمس الماضيات ، وعودة على بدء سيتبين خلالها من هو المستفيد من عدم معالجة ملف الخدمات الى هذا التاريخ ، وما نتج عنه من حالات مؤلمة في هذا المجال الخدمات وصلت الى انتشار الاوبئة التي ادت الى وفاة العديد من المواطنين والعديد الاخر ينتظر اجله ، ومن الامر المسلم به ان تتحمل الحكومة مسؤوليتها في هذا الشأن ، ولكن ثمة من يتحمل المسؤولية الكبيرة في تعطيل الخدمات لغاية كسب { السحط الحرام } على حساب صحة المواطنين دون اي رادع من وجدان .
وتؤكد الدراسات والتقارير الصحفية بأن القطط السمان والخنازير العابثة في الاقتصاد وفي التجارة على وجه الخصوص ، هم دون غيرهم الذين حولوا كافة الخدمات الى بضائع مستوردة تدر عليهم ارباحاً خيالية ، فمثلاً عندما تعطل الكهرباء تظهر على الفور المزيد من المولدات الكهربائية المستوردة بنوعيات رديئة ولكنها تباع باسعار مضاعفة بالنسبة لكلفة استيرادها ، او عندما تتلوث مياه الشرب لن تتوانى مجموعات تجار الحروب سابقاً وتجار الفوضى حالياً من انزال بضاعة المياه المعلبة ولاحاجة لذكر الاسعار ومن ثمة الارباح الطائلة ، وكذلك بالنسبة للاوضاع الصحية ففي الوقت الذي تزداد الامراض سرعان ما يتزامن معها فقدان الادوية الحكومية من المستشفيات بقدرة قادر، وتنزل بذات القدرة الى الشوارع ادوية مستوردة تكون بالاغلب فاسدة من مناشئها ، وكذلك الامر بالنسبة الى المحروقات التي عبَرت قصة سرقتها خارج الحدود تجوب العالم ، والحديث يطول وله شجون في هذا المضمار .
ضبطت الدوائر الامنية اطناناً من الادوية الفاسدة ، في مدينة الكاظمية وفي محافظة ميسان وغيرها وكان جلها من منشأ واحد ، ايران الجارة المسلمة ، وكانت مبادرة الحكومة بمنع بيع الادوية في غير الصيدليات والمذاخر المرخصة رسمياً ، قد جاءت بعد ان طفح الكيل ، ولكن الاهم من ذلك هو منع تسرب هذه الادوية مرة اخرى من خارج الحدود ، ان كل تلك القرائن ستصبح ادلة دامغة اذا ما اضيف اليها ما سجله انتشار وباء الكوليرا بسبب استخدام مادة الكلور المنتهية صلاحيته والذي اثبتت التحقيقات انه قد استورد من ذات المنشأ الذي جلبت منه الادوية الفاسدة اي ايران الدولة الجارة المسلمة ، وبعد افتضاح المستور لم يبق عراقي واحد يتساءل او يستغرب من هذه الافعال المعادية للشعب العراقي والتي تؤكد بشكل لايقبل الشك بان الرابطة الاسلامية او حتى المذهبية تسقط حيال المصالح السياسية للحكومات .
وثمة سياق ثاني للتحقيق اهداف سياسية من خلال تعطيل الخدمات في العراق والذي يصب في مجرى الجهود المحمومة لشل الحياة العامة وبالتالي خلق الفوضى ، والغاية لاتخفى على ذي بصيرة ، تلك المتمثلة بافشال العملية السياسية في هذا البلد ، التي اذا ما مضت في طريقها نحو النجاح في بناء الدولة الوطنية الديمقراطية ستأثر على اوضاع شعوب هذه البلدان المتدخلة وتحفزها للتغيير على غرار ما جرى في العراق من تغيير له افاق ديمقراطية ، ان كل ما تقدم من مؤشرات التخريب يؤكد على ان الخدمات العامة في العراق قد حاولت دوائر وقوى اقليمية عديدة تأسيرها وجعلها رهينة لاتطلق الا بفدية مقدارها فشل التجربة واعادة الامور الى مرحلة صفرية .
اما السياق الثالث فيمكن اعتباره الاخطر في هذا النهج التخريبي ، لكونه عاملاً ذاتياً ويختلف عما تقدم من عوامل خارجية ، ويكمن في عدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب حيث ان القيادات في دوائر الدولة احتُلت من قبل الكيانات الفائزة على اساس قاعدة القائمة المغلقة ، التي وضعت ازلامها المناسبين لمصلحتها وليس الرجال المناسبين والمؤهلين في الوظيفة العامة ، بذلك اخترقت كافة انظمة التعيين في دوائر الدولة العراقية ، وفي مقدمتها الآهلية والكفاءة والنزاهة ، برسم المواطنة وليس غيرها ، وبالامكان وصف نتيجتها بالكارثية في اخف الاوصاف .
فلهذا وما سيأتي ربما سيكون اكثر مرارة ، ينبغي على الشعب العراقي الصابر ان يقرأ السلامة اذا لم تكن سورة الفاتحة على روح الخدمات التي كانت هي العلة القاتلة بالذي يجري والذي سيحصل من النائبات والمصائب .