علي عرمش شوكت
المؤتمر الوطني ... امسى بغيبوبة ام تُقرأ عليه صلاة الغائب..؟
علي عرمش شوكت
منذ ان شبت نار الخلافات بُعيد تشكيل ما سمي بـ " حكومة الشراكة الوطنية" غدا المواطن العراقي فاقداً للثقة وقاطعاً للامل في ان تقود هذه التشكيلة الى بناء دولة العراق الديمقراطي الجديد، التي تضمن له الحياة الكريمة. فالمرحلة الان وصلت الى درجة غليان مئوية للخلافات، مما ادى الى استعصاء الحل لازمة الكتل السياسية الحاكمة، ولكن عقلاء العراق وحكماء السياسة فيه ليس من طبعهم الجلوس على مدرجات ملاعب السياسة والتفرج على المتصارعين، بل نزلوا الى الساحة لا لكونهم طرفاً في الصراع، انما يحسبون طرفاً في الحشد الوطني لانقاذ البلد من فيضان الخراب والفساد الذي خلفته كارثة المحاصصة الطائفية والاثنية المقيته. نزلوا بافكارهم النيرة واقترحوا فكرة المؤتمر الوطني.
ومن نافلة القول فالحزب الشيوعي العراقي وبالرغم من ان هذه القوى المتصارعة قد سرقت اصوات ناخبيه وتعسفت بحقوقه وصادرت "عوائد " رصيده النضالي الوطني الذي لا تضاهيه فيه اية قوى سياسية عراقية، اذ كان هو المبادر لطرح فكرة المؤتمر الوطني لحل ازمة الحكم القاتلة، ولكي لا يبقى تقرير مصير الشعب والوطن بايدي ملوك الطوائف وزعماء الكتل المتنفذة. بيد ان المتصارعين تجاهلوا هذه الدعوة النبيلة المسؤولة في بادئ الامر، ولكن حينما ارغمتهم اصوات الجماهير الغاضبة في ساحة التحرير وفي غيرها، حينها دنوا باستحياء من مقترح عقد المؤتمر الوطني، مع انهم لم يتمكنوا من اخفاء مضضهم حول قبول الخروج من هذه النافذة، فاختلفوا على تسميته، واختلفوا حول مكانه، واختلفوا على ملفاته، واختلفوا واختلفوا، وبقوا يختلفون كلما ضغطت عليهم قوى الشعب الواعية الخيرة الحريصة على بلدها ومستقبله المعرض للضياع والتمزق تراباً وشعباً.
ولا زالت خلافاتهم عالقة على حواجز ومتن صراع مصالحهم الضيقة. فكلما رسموا، هم وليس غيرهم، سقفاً زمنياً لعقد المؤتمر المزعوم، تسابقوا لطرح شروط حضورهم ومشاركتهم في هذا اللقاء. ومن يسمع طروحاتهم- من غير العراقيين طبعاً- يتصور وكأن غير هذه الاطراف المتصارعة هي التي قررت وقت عقد المؤتمر وفرضته عليها. فتبرز القائمة العراقية لتؤكد شرط حضورها للاجتماع وهو اعتبار ورقة اجتماع اربيل ضمن جدول الاعمال، ولا تتوانى كتلة دولة القانون من ان تحدد شروطها ايضاً، وذلك باعتبار ورقتها للاصلاح، وقانون البنى التحتية ضمن ملفات الاجتماع، وهكذا دواليك بالنسبة للتحالف الكردستاني، فيطرح شروطه المعروفة. مما يرسم وضعاً مفخخاً للمؤتمر قبل انعقاده.
لم يتوقف التنابز والتسابق بين الكتل المتنفذة على اشتراطات الحضور للمؤتمر، وانما يذهب بعضهم الى التهديد بتشكيل حكومة الاكثرية اذا لم ينجح المؤتمر، والاخر يهدد ايضاً بالانفصال، وثالث يرفع راية الوعيد بالعودة الى سحب الثقة مع تحديده لسقف زمني لذلك( بعد عيد الاضحى) هذا وتدخل مفردة التشاؤم حلبة الجدل بصورة اكثر فصاحة من غيرها، حيث البعض لا يشك ولا يتوقع بل يؤكد الفشل لمهمة الرئيس جلال الطلباني، جاء ذلك على لسان السيد فؤاد معصوم الرجل القريب جداً من مام جلال، وراح النائب حسن جهاد من التحالف الكردستاني ليعلن بان هنالك افكاراً لحل الازمة عن طريق اللقاءات وليس بالضرورة عبر الاجتماع الوطني. ولا نسنى القائمة العراقية فهي الاكثر تشاؤماً من امكانية عقد المؤتمر الوطني، حيث صرح النائب عنها السيد قصي جمعة بقوله " لا ارى هناك امكانية لقد الاجتماع" .
كما اكدت العيون العراقية الحريصة والمحترسة من خارج دائرة الصراعات بانها متشائمة ايضاً بعد ان استقرأت وحللت مواقف الاطراف المتصارعة، وكان في مقدمة هذه العيون، الحزب الشيوعي العراقي الاكثر تتبعاً واهتماماً بعقد المؤتمر، كونه صاحب المبادرة في هذا الشأن، كما انه يعي تماماً بان المؤتمر الوطني هو السبيل الانجع في مثل هذه المرحلة من الصراع المشتد، وهو يدرك ايضاً ليس لمخاطر التفجر العنفي فحسب، بل يعي تماماً تداعيات مخاطر الصفقات والمساومات على حساب المصالح الوطنية العامة، هذا الامر الذي ساد وتكرس فيما يسمى بـ "العملية السياسية" ، منذ البدء، وسيظل الترقب مستمراً وتوازيه تساؤلات عن مصير " المؤتمر الوطني" الذي يحكى انه ستتم فيه المصالحة والاصلاح !!. فكل المعطيات تشير بوضوح ان المسمى بالمؤتمر قد صفى مجرد عنوان لا نفس له، واقل ما يمكن وصفه هو انه في حالة غيبوبة سياسية، اذا لم نقل انه مسجى وتتلى على روحه صلاة الغائب.
وبعد كل هذه التداعيات الخطير لأزمة الحكم وانتشار عدواها الى كافة مفاصل الحياة العامة، واخيرها وليس اخرها، تداعيات البنك المركزي وشرعنة سرقة اموال الشعب العراقي، بعد كل ذلك لم يبق امام الشعب العراقي. الا اسقاط الحكومة الحالية، واجراء انتخابات جديدة مع توفر شروطها القانونية والتي اكدتها المحكمة الاتحادية.