علي عرمش شوكت
الخميس 16/4/ 2009
نتائج انتخابات المجالس .. لدغة للناخب من جحر مرتين !!علي عرمش شوكت
اعتاد المواطنون العراقيون على نشوب الخلافات بين الفائزين بعد اية عملية انتخابية تجرى في البلد ، وبات من البدهي ان تحصل الصراعات على مواقع النفوذ في مجالس المحافظات على اثر بدء الدورة الجديدة ، ويمكن ان يكون من المقبول اذا ما جرى التنافس على تقديم الخدمات وتنفيذ الوعود التي اعطيت للناخبين والتي سطرت في برامج الكتل السياسية الفائزة ، الا ان وجهة التدافع الحاصل على مقر محافظة ليس الا بهدف الحصول على مركز المحافظ او موقع رئيس مجلسها ، والغاية غير مجهولة لدى الجموع الناخبة الخائبة الامل، وما يعتمل في الساحة السياسية اليوم من مشاهد تنذر بتناطح حتى كسر الجماجم ومن يغلب سيتوج على مملكة المحافظة المعنية ، بمعنى على من يكون بيده الحل والربط ، ومصير الوارد والشارد من اموال الشعب ، وقد سرت هذه الحالة حتى داخل الكتلة الواحدة .
ولكن ما يحز بالنفس هو تكرار الخطأ من قبل الناخبين انفسهم الذين كانوا طيلة فترة الدورة السابقة لمجالس المحافظات يشتكون من جراء الاهمال لحاجاتهم الخدمية ، لابل يتوعدون بالحذر من ان يلدغوا من جحر مرتين ، بمعنى ان لا يعيدوا انتخاب الفاشلين ، ولكن كما يبدو ما زالوا اسرى لاوهام لا يقوون على التحرر من كابوسها ، اما الكتل السياسية الفائزة فمثلها مثل الصياد الذي عثر على صيد سهل محصوراً في نطاق لامفر منه ، هذا مما يزيد الخشية والقلق من ان تتحول هذه الحالة الى منتجة ومفرخة لدكتاتور من طراز جديد ، لكونها تشكل الارضية الخصبة لوجود الاستبداد ، ان استهلال نتائج الانتخابات يبشر باعادة الاطقم السابقة مع بعض التغيرات بالشخوص من الاحزاب الحاكمة المبتلية بعلة المحاصصات وما تقتضيه من صراعات تناحرية حول مواقع النفوذ ، لاسيما وان الموازنة المالية قد اقرت ومشاريع الاعمار والاستثمار – الخدمية طبعاً - قد تزايدت ، والرقابة المركزية قد فقدت والعهدة على النواب .
اظهرت التشكيلات الجديدة لمجالس المحافظات عمق الخلافات وتجذرها في قلب الاحزاب الفائزة ذاتها ، فكل فائز يضع في المقدمة تحقيق منافعه الشخصية اولاً ، متناسياً ان هناك ناخبين جاءوا به الى هذا الموقع وينتظرون منه العون في تخفيف معاناتهم من انعدام الخدمات العامة ، وعلية يمكن ان يتعرض للمساءلة من قبلهم ، ولكن في ظل سيادة الفساد المالي والاداري ومن خلال التجربة الماضية لمن سبقوه قد يكون على يقين ان الدار بامان ولا احد سيقول له على عينك حاجب ، وربما ستتراكم الخبر لدى المفسد في تجنب الملاحقات القانونية ، علماً ان ثقافة النهب المنظم غدت رائجة في مختلف مناحي الحياة اليومية للمواطن الضحية ، ليس على الصعيد الرسمي فحسب انما سارية في الاسواق التي يتعرض فيها المواطن الى الخداع والابتزاز من خلال انفلات الاسعار المقترنة برداءة البضائع المستورد في ظل غياب السيطرة النوعية وانعدام الموازنة التجارية التي تحمي الصناعات الوطنية من الكساد بسبب فتح الاسواق للبضائع الاجنبية المشابهة للمنتج الوطني .
لقد انشغلت مجالس المحافظات في الحد من ظاهرة باعة الارصفة والمتجاوزين على عقارات الدولة ، هذا امر حسن ولكن لايعالج معاناة المواطنين انما يزيدها ثقلاً وصعوبة ، لكون هذا الحل كان يتسم بالبتر والكي دون العلاج الشافي ، فالمتجاوزون على عقارات الدولة لم يقدموا على ذلك الا لكونهم عاجزين عن دفع ايجارات السكن الملتهبة الاسعار دون رقيب اوقانون ، فهل وجد لهم بديل سكن لستر عوائلم التي صارت تسكن العراء ؟ ، وعلى حد قول امرأة منهم ( هل يرضى المسؤول لواحدة من عائلته ان تسكن على الطريق وتكون فرجة للسابلة ؟؟ ) ، اما الذين يستغلون الارصفة في بيع بضائعهم البسيطة فهم عاجزون عن الحصول على فرص العمل المناسبة وليسوا قادرين على استئجار محال او دكاكين ولذلك لجؤوا الى هذا التجاوز ، وهذا الامر خطير للغاية اذاما ترك دون علاج لانه سيؤدي بهؤلاء الى مأجورين لاي عمل يوفر لهم لقمة العيش ولا يستثنى من ذلك حتى العمل الارهابي ، الذي مستوى اجوره لايضاهيه اية مستوى اجور اخرى ، ناهيك عن جهل وتخلف والفقر المدقع وردود فعل عمياء.
ان كل ما تقدمة من مهام وواجبات تنتظر الحل من قبل مجالس المحافظات تكاد تكون غائبة عن اذهان المنتخبين الجدد ، فالصراع الذي يدور على اشده لا يدع مجالاً للالتفات الى هموم وحاجات الناس ، مما سيعيد عزف الاسطوانة السابقة والتي تقول – للاسف الشديد اننا اعدنا انتخاب الفاشلين وسوف لن ننتخبهم في المرة القادمة ، لا بل وعزفت مرة اخرى اذ بدأنا نسمعها تطلق على شاشات التلفزة ، الا ان الكتل الفائزة في الدورة الجديدة لمجالس المحافظات غارقة في الصراعات التي وصلت الى العراك والاشتباك بالايدي وربما تصل الى الاشتباك بادوات اخرى .