علي عرمش شوكت
السبت 17/5/ 2008
الراصدهيئة نزاهة ام هيئة نزقة ..؟
علي عرمش شوكت
كان تأسيس هيئة النزاهة قد اعتبر علامة دالة على شفافية الحكم الجديد في العراق ، وعندما التقينا في لندن قبل اكثر من عام مع رئيس هذه الهيئة السابق القاضي راضي الراضي حدثنا عن دورها وما تقوم به من ملاحقة وكشف للتجاوزات والفساد الاداري والمالي ، الامر الذي بعث حينها في نفوسنا شيئا من الاطمئنان ، وربما راح بعضنا من يراها بمثابة القدرة الرقابية التي تضاهي او تفوق الرقابة البرلمانية ، فتبدد القلق حول مانسمعه عن النهب المنظم لاموال واحوال العباد والبلاد ، ولكننا سرعان ما صعقنا عندما طرق سمعنا بان هذه الهيئة متهمة بالفساد !! ، مما دفع وعلى عجالة باجراء تبدلات في رئاستها اكثر من مرة ، وكل من يبدل من الذين تناوبواعلى رئاستها سرعان ما يقدم لائحة من الاتهامات الى الجهة التي تشرف على عمل هذه الدائرة الرقابية ، بيد ان الامر بقى عالقا وفي الغالب كان يسود التعتيم وتعطل الاجراءات والملاحقات ، ويتم التركيز على قضايا ليست جدية ، الغاية منها وضع الحالات الخطيرة التي لايصح التواني عنها على الرفوف العالية .
وبقدر الفساد المستشري او اكثر ينصب اهتمام المواطنين على رصد تلك الجرائم وفي ذات الوقت توجه تساؤلات الى هيئة النزاهة حول عدم فاعلية دورها ، الذي في ضله تتضاعف عمليات الفساد والنهب والتخريب والتهريب ، وكما يبدو ان الضعف يكمن في عدم كفاءة مكونيها وكذلك انعدام الانضباط في مفاصل عملها ، الامرالذي جعلها تتصرف بنزق وبعجالة وعدم التمعن بمهنية في الملفات المطروحة امامها ، وبقصد لا مسؤول عمدت على غض الطرف عن كوارث الفساد والالتفات الى ثانويات الامور، واحيانا اخرى بعدم النزاهة وهذه الطامة الكبرى والتي غالبا ما اثارت اعتراضات لجنة النزاهة التابعة الى مجلس النواب ، وما تجدر الاشارة اليه هو قيام النزاهة بنشر اسماء بعض الشخصيات التي غالبا ماتمثل رموزا سياسية ، خلف قضايا يتوجب ان تاخذ طريقها الى القضاء لحسمها ، بدلا من ان تطرح لغاية استخدامها كوسيلة للتشهير والتي بحد ذاته يشكل عدم نزاهة ، وبغير قليل من تكرار هكذا تصرف نزق تعرض العديد من الشخصيات للتشهير والمس بكراماتهم وفي الحصيلة النهائية اثبتت براءاتهم من التهم المنسوبة اليهم .
من المؤكد ان ملاحقة الفاسدين والسراق والحواسم ومهربي النفط والمتطاولين على اراضي الفلاحين في الريف وحتى اؤلئك المستحوذين على الوزارات ولا يسمحون بتوظيف اي مواطن مهما كانت كفاءته او مكانته الا برشوة او توصية من هذا الحزب المتنفذ او ذاك ، واجب وطني لامناص منه ، وياتي ذلك في صلب مهمة هيئة النزاهة ، ومطلوب دعمها وتعضيد جهدها في ما تقوم به من جهد للتصدي لهذا الفساد الملون والمتعدد المضامين ، ولكن على جانب اخر ينبغي عدم التفرج على اجراءات هذه الهيئة المترجمة عن عدم كفاءتها التي غالبا ما شكلت تجاوزات على رموز سياسية يشهد تأريخها وتاريخ من تنتمي اليه بزلالية نزاهته ، وعلى سبيل المثال وليس الحصر ، زج اسم الاستاذ مفيد الجزائري في ملف فساد لبعض موظفي وزارة الثقافة كان فيه الاستاذ مفيد شاهدا ليس الا ، غير انهم قد ظهروا غافلين لحقائق الامور ، فلم يبق احد في عراق اليوم لايقرأ الممحي كما يقال ، لان الذين حشروا اسم الاستاذ الجزائري قد ضنوا بان ذلك سوف يعدي دون ان تسخر منه الناس وتكشف غاياتهم الخبيثة من وراء ذلك ، فالعراقيون قد فرزوا من هو النزيه ومن هو غير النزيه ، وعليه اصبح الحزب الشيوعي الذي ينتمي اليه وزير الثقافة السابق يسمى الآن في الشارع العراقي بصاحب اليد البيضاء ، فلا هو ولا اعضاؤه ولا حتى جماهيره قد تلوثت اياديهم بالسرقات و( الحوسمة ) او الفساد المالي والاداري ولا اخذ الرشى مقابل السمسرة في التعيين للوظائف ، ولا ياتيه دعم مالي من خارج الحدود ، وعلى ذلك اخذت الجماهير وضحايا الفساد للفترة الخماسية الماضية يتوعدون بانتخاب الذين ظلوا اهلا للامانة وللنزاهة ، وهذا مايرعب الغاطسين حتى اعناقهم بمستنقعات الفساد ، سيما وان الانتخابات لمجالس المحافظات على الابواب ، لقد شحت عليهم السبل لمنع توجهات الجماهير الجديدة المتوقعة في اية انتخابات قادمة ، وما كان امامهم الا وسيلة تشوه سمعة ونزاهة الاخرين من ذوي النزاهة الزلالية .
ويقول المثل الدارج ان الذي بيته من زجاج عليه الا يرمي بيوت الاخرين بالحجر ، وعلى اي حال قد فضحت نفسها ما تسمى بهيئة النزاهة ، بكونها تجهل مهمتها ، بل وتتصرف بلا مهنية ولا امانة ، وبذلك اعلنت عن عدم آهليتها لهذه المهمة الخطيرة والتي يتوقف على جدارتها ونزهتها صيانة مصالح الشعب العراقي من النهب والاستباحة التي وصلت الى مناسيب قياسية .