علي عرمش شوكت
الخميس 17/12/ 2009
احزاب عبرت على ظهر الديمقراطية ثم رفستها !!علي عرمش شوكت
يذكرنا الوضع السياسي القائم في عراق اليوم ، بخيبة الامل تلك التي جاءت على اثر انتكاسة ثورة تموز 1958 الوطنية ، حين تصدى لها اعداء الحرية والديمقراطية والتقدم وتحرر العراقي من قيود الاحلاف الاستعمارية الجائرة ، ولم يمهلوها وهي ما زالت تحبو ، فاجهزوا عليها بتكالب وغدر خسيس لامثيل لهما في التاريخ السياسي لهذه المنطقة ، مستغلين اخطاء ومساحة السماح الواسعة لدى قائدها المرحوم الشهيد الزعيم عبد الكريم قاسم .
ان ربّاط المقارنة بين تلك وهذه هو الفرح العارم الذي حل لدى ابناء الشعب العراقي حينما سقط النظام الدكتاتوري الظالم ، وراح يحلم كل عراقي بالحرية وبالمشاركة وباسترداد الحقوق المسلوبة ، فضلاً عن العدالة الاجتماعية الضامن الاكبر للحياة الكريمة للجماهير وبخاصة التي طحنتها ماكنة الاستبداد ، الا ان غيوم الخيبة بدأت تتلبد في نفوس العراقيين ، بل وخوف وقلق على مستقبل العملية السياسية ، وذلك من جراء صراعات الاحزاب الحاكمة حول الحصص والنافع الحزبية وتنفيذ بعض الاجندات الخارجية التي بدأت تقضم العراق ارضاً وثروة ومزقت المجتمع العراقي ، ربما تشكل هذه الصورة مقاربة مع اخطاء الزعيم عبد الكريم قاسم ، حينما ترك اعداء الثورة يصولون ويجولون ، وشدد خلافاته مع حلفائه .
ان التحدي الذي يواجه العملية السياسية امسى (حصان طروادة ) ينط من داخلها ، مما يغدو عسيرأ على الاجهزة الامنية الاجهاز عليه في الوقت المناسب ، فضلاً عن ان البعض من هذه المؤسسات الامنية يغلب عليها الطابع الفئوي ، وبمعنى من المعان انها مخترقة حتى النخاع انعكاساً للاختراقات الاجنبية وبخاصة الاقليمية منها ، هذا من جانب ، كما ان خلافات النخبة الحاكمة الطاعنة بالصميم لاستقرار البلد من جانب اخر ، التي تاتي تعبيراً صارخاً عن التحد الداخلي الاكثر خطورة والامضى وسيلة للتهديم ، لكون العوامل الداخلية هي الحاسمة في اي عملية تغير ، يعود ذلك قطعاً الى انعدام الرقابة البرلمانية وغياب المرجعية السياسية ، بسبب تشنج العلاقة بين الرئاسات الثلاث وبعد ان تم اهمال احكام الدستور الذي هو بالاصل يفتقر الى المساواة والعدالة بين المواطنين .
وهنالك افرازات ومظاهر معبئة بالخصومة والتحامل فيما بين الاحزاب المسيطرة على الحكم ، تجعل المواطن العراقي يشعر بان الذين يتصدرون قيادة البلد هم ( الاخوة الاعداء ) او اكثر من ذلك حيث يداس بكل سهولة على مبدأ المشاركة في القرارات المصيرية ، كما يتمترس بعضهم في دائرة مسؤولياته وينفرد بالتصرف بالاموال والاحوال العامة ، مخالفاً بذلك حتى بنود الدستور ، والادهى من كل ذلك يذهب البعض ليتفق مع الدول الاجنبية دون استشارة اي مرجع سياسي رسمي عراقي ، اما التصيد ومحاولات الايقاع بالاخر وحتى الدسائس ، قائمة على قدم وساق .
وسائل يسأل اين هذا التفرد والتمترس السلطوي من منظومة الديمقراطية التي عبرت على ظهرها هذه النخبة الحاكمة ، والتي يفترض ان تنظم وتوحد سياقات الحكم ؟ ، وما احوجها لبلد ممزق مثل العراق ، ولكن الاحزاب الحاكمة بعد ان وصلت ونعمت بمذاق السلطة ومنافعها ، وجهت رفسة الى الديمقراطية خشية واستباقاً لفعلها في تغير هذه الاحزاب ، لقد حصل ذلك عندما شعرت بانها فشلت وخيّبت امال الجماهير ، وباتت عاجزة عن اتخاذ ابسط القرارات دون اشتداد الصراعات البينية حول الحصص الحزبية في القرار المعني ، اما الوطن والشعب فلا حصة لهما قطعاً ، سوى مزيد من الاهمال وتركهما عرضة لعصف المفخخات الارهابية تسحقهما حتى العضام .
ان الدستور هو المرجع الوحيد بالرغم من كونه محاطاً بتحفظات جدية ، كما انه يفترض ان يرعى الآلية الديمقراطية ، فهو العقد الاجتماعي الذي يمثل بوصلة طريق اعادة بناء الدولة العراقية الديمقراطية الجديدة ، غير ان العمل اذا ما جرى خارج هذه الاسس القانونية ، حينها على الجماهير صاحبة القرار ، فعل اللازم في العملية الانتخابية القادمة وتغير الحكّام الذين فشلوا في قيادة البلاد نحو الاستقرار والتقدم وتوثيق وحدة الارض المهددة بالتمزق والشعب العراقي الذي يتعرض للتهميش و للتمزيق للاسف الشديد .