علي عرمش شوكت
محاولة لجر النفس المقطوع..!!
علي عرمش شوكت
ترددت كثيراً عن تناول لقاء السيد المالكي رئيس الوزراء مع مجموعة من الاعلاميين.والذي بدا فيه فاقداً لبوصلة طريقه كمسؤول اول عن الوضع العراقي. غضيت الطرف عن هذا الامر، حينما وجدت ما اريد قولة في مقالات الزميل الصحفي المعروف عدنان حسين وكذلك ما كتبه الاستاذ جاسم الحلفي، وغيرهما، ولكن استمرار تصاعد الارهاب وعدم تلمس اي اجراء فعلي يحد من عاصفة الموت التي تهب دون توقف على مدن العراق دون استثناء، دعتني للتساءل عن، كيف سيقنع الشعب العراقي بادعاء رئيس الوزراء عندما يقول " سأبحث عن الخلل اين !! " ويعني البحث عن سبب الفشل الذي بات مستوطناً في كافة مفاصل الدولة ، ومنذ عقد من الزمن.. الخلل ليس جديداً وصوت استغاثة الناس من جرائه اعلى من صوت المؤذنين في المساجد. حيث يعلو ليس بمواقيت محددة، و دون انقطاع في الفضائيات وفي الشارع ، وحتى في داخل دوائر الدولة بين العاملين، ان تلك الاستغاثة كفيلة بان يسمعها حتى من كان في اذنه صمم، فلو قام احد وعاظ السلطان بمديح الحكومة اوالسيد المالكي تحديداً.. الا يتم على الفور سماعه من قبل المسؤولين، بل واسماع صوته على نطاق واسع بمختلف وسائل الاعلام الحكومية والمؤجرة ايضاً..؟
ان ذلك المشهد الذي ظهر فيه رئيس الوزراء، كان الاجدر به ان لا يظهر بمثل ذلك التحلل عن المسؤولية، حيث جسد فشله دون لبس، كما عكس بوضوح محاولة لجر النفس المقطوع، من ثقل تراكم اللائمة المبررة على السيد المالكي. وما قدمه من اعذار في ذلك اللقاء لا يعدو عن كونه تبريرات " افيونية " لتخدير الناس، وكبح زخم الغضب لديهم.. نعم لا ننكر حق الدفاع عن نفسك، لكن رئيس الوزراء اخطأ الحساب فيما ذهب اليه ، فالوعود بتوزيع قطع الاراضي ، وزيادة الرواتب، وتغيير بعض مسؤولي الامن، وانكار معرفته بحقائق التداعيات الامنية، وتجاهل تشيع الكهرباء والخدمات في البلد الى مثواها الاخير، والتي كانت مقترنة بفساد لا سابق له في العراق، كل ذلك لا يداوي جرحاً. ولا يوفر له الفرصة للبقاء في موقعه مرة ثالثة، لانه امضى زمناً طويلاً، كان حكمه خلاله مأزوماً، ومفتوق الجوانب الامنية، والاقتصادية، و الخدمية، والسيادية، وغيرها، ولم يشهد له نجاحاً الا في توسيع دائرة خصومه.
وجاءت زبدة هذه المعاناة بتصاعد الاصوات والدعوات المخلصة الى التغيير، وبعبارة اكثر فصاحة، الى استقالة رئيس الوزراء، لكون وجوده على راس السلطة قد جسد الفشل بمختلف مفاصل الدولة العراقية، وهذا ما يضعه على صفيح سياسي ساخن. والادهى من كل ذلك ما زال رئيس الوزراء يرى بان موقعه لا يصلح لغيره..!! و يتصور انعدام وجود بديل له في العملية السياسية ، منطلقاً من كونه على راس الكتلة الاكبر، بل والطرف الاكبر في " التحالف الوطني " ويقتصر فهمه للديمقراطية على كونها نتيجة العملية الانتخابية فحسب، متعكزاً على دستور اعد على قاعدة " اتفق معك على ما تريد.. على ان توافقني بما اريد" تم ذلك بين " ترويكة " الحكم المتكونة من، سنة، شيعة، اكراد، وعليه لا يخطر بباله ،كما يبدو، لحظة واحدة بقدرة الناس على تجاوز مقومات موقعه الدستورية، ولا غريب هنا في ذلك لكونه ينطلق من ثقافته الدينية التي لا تعرف غير " الثوابت " وغير القابلة للتغيير. اما الارواح البريئة التي تزهق في كل يوم، فهي، حسب تفسير احد اقطاب الاسلام السياسي، (تذهب في يومها المحدد من خالقها)، ولا دخل للحكومة فيها، اذاً ان هذا المفهوم يجيز القول اللامنطقي، بان الارهاب ليس له دخل فيها ايضاً ..!!.
والحقيقة المرة تقول ، ليس من المؤمل بان يتنازل الحاكمون من على راس الحكم عن طيب خاطر، طالما لا يوجد ضغط شعبي مؤثر يهز كراسيهم، ويجعلهم يتلمسون رقابهم في كل وقت، واذا صح العتب في السياسة، فالعتب كل العتب على القوى الوطنية كافة، والدعوة لها بان تكف عن سعيها الى الاصلاح البارد ، لان لا اصلاح ناجح بادوات فاشلة، وفي احسن توصيف له هو الترقيع، ولا يغيب عن بال احد بان الشق الكبير لا تكفيه الرقع البالية، فكيف ترقع المحاصصة، وكيف ترقع الطائفية والعرقية، وكيف يرقع الفساد، وكيف يرقع الانفلات الامني ، وكيف ترقع هزالة القدرة القيادة لادارة الدولة.؟ لان البلد لا يعاني من ازمة حكم فحسب، وانما يعاني كل المعاناة من ازمة قيادة كفوءة ..والسؤال متروك لجماهير الشعب وقواها الديقراطية المخلصة.