علي عرمش شوكت
"سانت ليغو" .. رغم براءة المحكمة يتعرض لقصاص البرلمان.!!
علي عرمش شوكت
امسى العسر والاستعصاع نمط حركة البرلمان العراقي. ولا غرابة في ذلك عندما يتضح دون لبس تحول هذا البرلمان من كونه ممثلاً للشعب الى تابع للكتل المتنفذة، وصارعجز السلطة التشريعية عن اصدار قانون مهم امراً بديهياً، اذ لايفسر ذلك الا نتاجاً لتجاذبات بين اطراف المحاصصة المفسدة للعملية السياسية، ولكن حينما يصل هذا الفساد التشريعي الى العودة النادمة للتلاعب بقانون سبق وان خلص بجلده مدعوماً بحكم القضاء، واعادته من جديد على طاولة التشريح والتشويه من دون مسوغ قانوني، حينها يقتضي ان يغادر نواب الكتل المتسلطة مكانهم، ويدخلوا قفص الاتهام بتهة ممارسة الباطل.
تجري صراعات الطبقة الحاكمة التي تدور في ميدان المحاصصة للحفاظ على مقاعدها "البرلمانية" التي استحوذت عليها سطواً وخارج قوانين اللعبة الديمقراطية، محاولة ابقاءها بلا قواعد قانونية تحكمها. ذلك بدافع اللوعة التي خرجت بها هذه الكتل جراء قرار المحكمة الدستورية القاضي بارجاع قانون " سانت ليغو" الى نصابه الصحيح. ويتجلى فعلهم وبدناءة سياسية خارجة عن نطاق القيّم الاخلاقية والحضارية، فنرى حكامنا يتزاحمون بالمناكب او ربما بالاخامص، وادنى ما يصل اليه هذا الحال هو تبادل اللكمات في سبيل تغيير اوتثبيت فقرة هامشية في قانون. ولكنهم في ذات الوقت يغلقون اذانهم عن سماع دوي التفجيرات التي تحصد ارواح العراقيين كل يوم، تلك التي تتم على ايقاع خلافاتهم قطعاً.
يجمع علماء النفس والاجتماع وكل انسان سوي على ان الخيانة تبدأ بخيانة الذات اولاً، حينما يضع المرء نفسه في خانة عدم الوفاء لمن ااتمنه على سر او مال او عهد.. وعليه ماذا نسمي نوابنا الاشاوس الذين آمنهم شعبنا على ماله ومستقبل بلده، وهم غير عابهين بما يجري من عواصف الموت التي تضرب البلد عرضاً وطولاً، يرافقها تجذر استيطان الفساد في كافة دوائر الدولة العراقية، في حين نجدهم قد جمعوا فائق " دهاء" الاحتيال والمكر السياسي لتشريع الغدر، وتطبيع الخيانة، ونكث العهود مع ابناء شعبهم. فلا يختلف عاقلان بان حكامنا اليوم صاروا مؤهلين تماماً لدخول مزبلة التاريخ، لانهم تجردوا الى حدود صفرية مخزية من اي عمل بناء يشفع لهم امام عدالة شعبهم. وان سأل سائل بان هؤلاء المثقلين بالذنوب، الا يدركوا ان الاستقالة والاعتذار من الشعب العراقي قبل فوات الاوان ستجنبهم من مصير محتوم لا يحسدون عليه ..؟
اما مطالعة الاتهام التي تدينهم فهي عديدة الملفات. بيد ان الاكثرسخونة منها، ملف انفلات الامن،وسيادة الفساد وملف انحطاط العمل التشريعي، وهذا الاخير قد سخموا وجوههم في المجاهرة بتحريفه للحد الذي لا يلجئ اليه الا فاقدوا الشعور بحق الاخر، والمعادون للديمقراطية واميوا السياسة، ويكاد يكون من ابرز مظاهره ما اقدموا عليه من تجاهل لقرار المحكمة الاتحادية القاضي بحماية قانون " سانت ليغو" من محاولات شرسة ومتكالبة لثلمه، بل ويروغون عنه بمختلف الذرائع التي لا رصيد لها من الواقع. كان تدحرجهم في هذا المنحدر العكر قد جاء بفعل تيقنهم بسريان العد العكسي لرحيلهم عن سدة السلطة . وان اكثر شرارات ذلك لسعاً بهم هي نتائج انتخابات مجالس المحافظات الاخيرة، ومظاهرات القوى المدنية في 31 آب الماضي، وان كانت لم تصبح بعد جمرة حارقة. وهنا لابد ان تسجل لهم ما يمتلكونه من قدرة متميزة بشم رائحة الخطر عن بعد.
ان كفاءة الاحساس بالخطر على مصالحهم الشخصية . سوف لن تنجي احداً منهم، رغم انهم باتوا يبذلون عظيم مكرهم في الفساد المالي وتهريبه الى الخارج، لانهم يشاهدون بوضوح خط نهاية مشوارهم، وهو يقترب متجلياً بوعي الناس وادراكهم لاحابيل الحكام والمسؤولين الغارقة بخراب البلد وتبديد مقدراته دون ادنى واعز من ضمير.