علي عرمش شوكت
السبت 18/ 8 / 2007
فضوها يا جماعةعلي عرمش شوكت
يقول المثل ان الجوع كافر ، والعطشان يكسر جدار الحوض ، وياروح مابعدك روح ، والعديد من هذه المقولات التي تعبر عن احداث قد حصلت على الارض، و خلاصتها التشبث بالحياة عند وصولها الى حافة الموت بفعل العطش او الجوع او الخطرالداهم ،على اثرها جاءت هذه الامثلة ، التي كلها اليوم فاعلة فعلها في حياة العراقيين ، فالجوع والعطش والموت الاكيد ماضية ، وليست على نماطها التقليدية ، انما وصلت الى مستويات خارقة ، فكم تضاعف اليوم الغضب والتأزم لدى الجماهير المكسورة المهدورة الكرامة والمسلوبة الارادة ، بسبب استمرار التجهيل واستمرار التخويف وبذات الاساليب الصدامية الدكتاتورية السابقة، غير ان المواطنين العراقيين ليسوا الآن كما هم في زمن النظام السابق ، لقد صبروا وكظموا الغيض ولا حولة ولا قوة لهم لازاحة كابوس الاستبداد فيما مضى ، اما اليوم ظلوا صابرين وصبرهم قد نفذ ، ولكن بأياديهم كل الحول والقوة لازاحة كوابيس الجوع والعطش والموت الداهم وازاحة حتى من يكرسها في حياتهم اليومية .
من صفات شعوب الشرق المظلومة انها تبحث دائما عن (بطل) ينقذها من انظمة الاستبداد القاسية ، وعندما تجده يصل تعلقها به الى حد عبادة الفرد ، حيث تميزت في هذا الامر عن غيرها من شعوب الارض ، والآن يبحث شعبنا عن ذلك البطل المنقذ وبخاصة بعد سقوط النظام ، فاقتحم المجهول واختار من ظن انهم ابطالا ومنقذين ولكن واقع الحال يقول ان ظنه قد خاب ، لان احواله قد غدت من سيئ الى اسوأ ، وهنالك مقولة مفادها : ان بعض الناس اذا منحوا جبلا من ذهب طمعوا بآخر !! ، فالذين اخذوا من التغيير الذي حصل في العراق اكثر من جبل ذهب يطمعون كما يبدو بجبل ذهب آخر!! ، ولهذا يتمسكون بكنوز السلطة ويخشون عليها حتى من اقرب حلفائهم ، وهذا ما تجلى في الاتفاق الذي تم موخرا بين احزاب كردية وشيعية ، حيث ابعدت هذه الاحزاب عن تحالفها الجديد اقرب حلفاءها وشركاءها في كتلها الانتخابية ، لتقلص بذلك استثمارها للسلطة في حدود حزبية ضيقة جدا ولكنها تداركت وقالت ، من يريد الالتحاق بركب هذا الاتفاق فعليه ان يلتحق التحاقا ويتحمل المسؤولية التنفيذية فقط .
واذا كانت الاتفاقية الرباعية او بالاحرى الثنائية (كردية شيعية) مفتوحة للجميع، فلماذا لم تفتح للجميع بالمشاركة في التأسيس ؟ ، بيد ان ذلك يكشف بجلاء ان حصر التأسيس بيد الاحزاب الاربعة هدفه امتلاك مرتبة القيادة دون منافس، ولكي يضمنون وضع الاهداف ذات الخصوصية لهذه الاحزاب في صدر البرنامج الذي سيعتمد ، وقد ظهر ذلك جليا فيما ورد ضمن ديباجة بيان تأسيس الاتفاقية كما سميت من قبل المتفقين ، وليس معلوما كيف سيبررون القيام بمثل هذا الاتفاق المنكمش الى حد الانطواء في الوقت الذي يتطلب الحال الذي وصلت اليه العملية السياسية توسيع اطارها حتى للذين خارجها ، بل حتى لمعارضيها ، فبعد هذا الامكناش هل يمكن توفير امكانية قادرة على اقناع من يعارض ومن يحمل السلاح لكي يتخلى عنه ويأتي للانخراط في العمل السياسي ؟، لقد فهمت اهداف هذه الاتفاقية ولكن الذي ظل غير مفهوم حقا هو ان المتحالفين هم اصلا كانوا متحالفين وبدلا من ان يقووا تحالفهم قلصوه الى حد الاضعاف !! ، الا تعتبر خطوتهم هذه بمثابة وضع عصا في عجلة العملية السياسية ؟، في اخر بقايا الزمن المحدد لتقديم التقييم الامريكي للوضع في العراق في سبتمبر المقبل ، وهل بقيت فرصة للبحث في هذا الوسط عن (البطل المنقذ) والذي ظل مكانه خاليا منذ استشهاد الزعيم عبد الكريم قاسم على اثر انقلاب شباط الاسود عام 1963.
يدور حديث في الشارع العراقي اليوم حول مايجري من دمار ويرمى اللوم على من يتصدر سدة الحكم ،و يتلخص اللوم بعبار بغدادية يفهم مغزاها العراقيون الا وهي ثخنوها الجماعة (حملوها اكثر مما تحتمل) ويلحقونها بعبارة شعبية ايضا فضوها ياجماعة (افتحوها يا جماعة) ومامعناه اخذوا الكثير ولامانع ان تبقوا وتأخذوا المزيد ولكن ( فضوها ياجماعة ) .