علي عرمش شوكت
الأثنين 18/1/ 2010
ضجة مضللة على ناصية العملية السياسيةعلي عرمش شوكت
في هذا العراق الذي استحق ان يسمى بالعراق الديمقراطي الجديد يشهد العالم اكثر ما يشهده ، هو تزايد معالم التخلف والرجعية والانشداد الى الماضي الدكتاتوري البغيض ، ويبدو ان القاعدة المنطقية التي تؤكد ان البقاء للاصلح قد باتت استثناءاً في هذا البلد المبتلى ، وثمة صخب وضجيج وخلافات تناحرية تسود اوساط العملية السياسية ، وتتصاعد حدتها بالترادف مع اقترب موعد الانتخابات العامة ، الا ان ما وصلت اليه بعض القوى السياسية من رؤاى متازمة اظهرتها في حالة لا تحسد عليها من انعدام التوازن .
صرح احدهم وكان في موقع سياسي مرموق ولكنه معروف بسلوكه غير المهذب والذي بسببه سُلخ عن منصبه ، صرح حول تشكيل الحكومة بعد الانتخابات ، بقوله (انه ليس معلوماً حتى الان من هي الكتلة الاكبر التي ستشكل الحكومة ، ويتساءل هل هي الكتلة الاكبر قبل الانتخابات ، ام هي الكتلة الاكبر بعد الانتخابات !!!)، ولم يكن هذا السياسية الذي فرخته المحاصصة غير انه ينضح جهلاً فاضحاً في الممارسة الديمقراطية ، وعلى هذه الشاكلة تتربع شخصيات غير مؤهلة على مناصب الدولة العليا ، انها مصيبة ولكن عندما يعاد ترشيحهم مرة ثانية لتبؤ موقع رئيس الوزراء فالمصيبة اعظم .
في مختلف بلدان العالم تجري عمليات انتخابية وفق قواعد ديمقراطية حضارية ، ومن ابرز معالمها هو الالتزام بقواعد هذه العملية كآلية لتداول السلطة سلمياً ، والتي تنص على الاعتراف بحق الفائز الاكبر من حيث الحصول على اكثر الاصوات بالجلوس على كرسي الحكم ، وهنا تفرض نفسها الكتلة الاكبر ، ويترتب على ذلك استحقاق تشكيل الوزارة ، وليس لاية كتلة اخرى الحق بتشكيلها ، ولا يجوز لغيرها مهما تعددت احزابها او شخصياتها او كبر حجمها ، وان الفيصل في ذلك هو صندوق الاقتراع .
نتطرق الى هذه المسألة لعل ذلك السياسي وامثاله الذين لا يعرفوا لحد الان من هي الكتلة الاكبر التي سيكون من بينها رئيساً للوزراء في الدورة المقبلة ، ان يتعلم الف باء السياسة ، وعليه يصبح تحديد اشخاص مسبقاً اي قبل ظهور نتائج الانتخابات من قبيل الامنيات غير المحسوبة جيداً ، ولكنها تبدو في المشهد السياسي العراقي قد غدت هذه وسيلة للدعاية الانتخابية المبطنة ، سيما وان من يروج لبعض الاسماء يميل الى كتلة معينة اكثر من سواها ، فعلى سبيل المثال ، تطرح ستة اسماء من كتلة معينة وفي المقابل يذكر اسماً واحداً من كتلة اخرى ، وبعبارة اكثر وضوحاً ، تذكر اسماء كل من عادل عبد المهدي ، وابراهيم الجعفري ، وباقر جبر الزبيدي ، وقاسم داود ، واحمد الجلبي ، وكرار الخفاجي ، جميعهم من كتلة الائتلاف الوطني ، في حين يكتفى بذكر اسم المالكي من كتلة ائتلاف دولة القانون ، او اياد علاوي من الكتلة العراقية لمنصب رئيس الوزراء في الدورة المقبلة .
ماذا يراد بهذا القول غير القصد بان الكتلة التي ترشح اسماءً عديدة لمنصب رئيس الوزراء هي الاكثر ديمقراطية ، وان الكتلة التي يقتصر تريشيحها لمنصب رئيس الوزراء المقبل على شخص واحد ليست ديمقراطية ، وان جاء هذا القول بصورة غير مباشرة او مبطنة ، انها اثارة ضجيج الغاية منه ابعاد المواطنين عن الماضي القريب لشخوص تلاحقهم خطاياهم ، ويتصدى لهم فشلهم في كل منعطف من ثنايا حياة الناس ، التي عاشت ضنك العيش وتحملت مصائب سنوات الدورة البرلمانية المنتهية ، ومع ذلك يحاولون تلميع اسماء قد صدأت ، ويراد في ذلك ايضاً افهام المواطنين ان عودة هؤلاء قدراً لامفر منه ، ولا رجالات غيرهم يمتلكون القدرة على مسك صولجان قيادة السلطة ، وحقيقة الامر ان لا غيرهم لدى هذه الكتل التي خاضت ادارة دفة الحكم السابقة بشخوصها هذه ولم تحسن الاداء في اقل تعبير .