علي عرمش شوكت
الخميس 18/3/ 2010
اعلان الفوز المسبق .. محاولة للقبض على عمود من دخانعلي عرمش شوكت
غدت الساحة السياسية العراقية مليئة بالمراهنات والمناورات ولا تخلو من الدسائس ، ففي الوقت الذي تصبح فيه الائتلافات ضرورة ملحة لتشكيل الحكومة المقبلة وهي تمس كافة الكيانات دون استثناء ، تتصاعد التناحرات للحد الذي تبدو فيه خصومة مستعصية ، مما يكشف دون اي لبس عن طبيعة التوجهات التي لا ياتي في حسبانها مصالح البلاد والعباد ، وقبل تبيان مستوى الحصول على الاصوات اللازمة راح بعض هذه الكيانات يبشر بفوزه ويدعو انصاره للنزول الى الشارع معلنين عن هذا الفوز الواهم ، أليس هذا استباق يراد الاتكاء عليه لمعارضة اية نتيجة تظهر لغير صالح هذا البعض الغائب عن الوعي ، والذي يبدو وكأنه يحاول القبض على عمود من دخان ؟ .
لقد اظهرت الحملة الانتخابية مقاربات تبدو جلية بين برامج هذه الكيانات ، ولكن كانت توازيها وتعاكسها ارادات شديدة تتقاطع عند عتبة الوصول الى كرسي رئاسة الحكومة ذات الصلاحيات المقررة ، وهنا يتجلى الكشف عن زيف تلك البرامج الانتخابية ، مما يقدم لناخبي هذه الكتل المتصارعة لطمة اولية لعلها تفيقهم من الغفلة التي لفتهم بها السيناريوهات المضللة ، ان اخذ العبرة شيء مفيد ، ولكننا في بداية مسيرة اربع سنوات قادمة ، من المتوقع ان يعاد فيها نمط التصرف المجحف السابق دون ادنى شك ، وهذا ما يستدعي التصدي له من الآن ، الامر الذي يطرح وزره على القوى الوطنية و الديمقراطية المخلصة ويدعوها لتتصدر قيادة النضالات السلمية المطلبية لكي لا تصادر مرة اخرى حقوق المواطنين من قبل الاوساط الفاسدة المتسترة تحت عباءة السلطة .
الى الان لم تظهر النتائج النهائية للانتخابات ولكن ثمة ملامح فوز قد ظهرت وهي مؤشر لاعطاء الاحقية لمن يشكل الحكومة القادمة ، الا ان هذا المبدأ الديمقراطي ليس منيعاً من الحجز ، اذ تجلى بعض ذلك في التهديد الذي صدر عن قائمة دولة القانون باعلان انتفاضة اذا ما كلف غير المالكي لتشكيل الحكومة قادمة ، وطالبت باعادة الفرز بعد يومين من حديث ادلى به المالكي وكان مفاده ضرورة القبول بنتائج الانتخابات ، هذا وناهيك عن الحركة الناشطة لتشكيل جبهات سياسية جديدة يبدو انها سوف لن تتعامل مع المبدأ المذكور ، فحصول الاغلبية على ضوء التحالفات في البرلمان هي المعوّل عليها ، وليس الاستناد على حصول الاغلبية من الاصوات لصالح قائمة معينة ، وعليه سوف يضعف اثر القوة التصويتية لاية كتلة امام الزخم التوافقي داخل قبة البرلمان .
وعلى مسار اخر من العملية السياسية في البلد يتعرض احد اهم الركائز الديمقراطية الى التجاهل ، الا وهو مبدأ التداول السلمي للسلطة ، وذلك بتخطي الاسس القانونية والدستورية من خلال اللجوء الى تشويه الحقائق والتلاعب احياناً ، وبالتالي اطلاق التصريحات العلنية برفض نتائج الانتخابات ، اذا لم تكن لصالح كتلة معينة ، ان هذا الموقف الحازم الصارم من تجاوزات مفترضة ، لم يكن له اثر ازاء تجاوزات قانونية اكثر خطورة على الحق العام ، والتي انطوى عليها قانون الانتخابات المعمول به حالياً ، اذ انه قد شكل القاعدة التي غدت تنطلق منها كافة الاختراقات المهلكة للتجربة الديمقراطية العراقية ، ويبدو قد استمرأها بعض القادة السياسيين ، وعليه امسى ليس من المستغرب ان نسمع او نشاهد مظاهر الجنوح السياسي لدى من يعتبرون اركاناً مهمة في العملية السياسية .
هذا اول الغيث فغيومه مازالت تتلبد خلف آلية احصاء نتائج الانتخابات النهائية ، ولكن رذاذه قد ظهر على واجهة الحراك السياسي الذي ما فتئ يسعى للتمحور في سبيل تشكيل اغلبية برلمانية تاخذ حق تكوين الحكومة ، غير ان الذي يظهر على السطح لا يكشف عن حقيقة ما يعتمل باطنياً ، ذلك الذي لم يبتعد عن التدخلات والاجندات الخارجية والطموحات الفئوية التي تظهر منفلتة في الغالب ، لكونها لا تراعي في اولوياتها المصالح الوطنية العامة ، ولكن من المتوقع ان تنهمر المواقف على اشدها عندما تعلن نتائج الانتخابات النهائية .