علي عرمش شوكت
السبت 19/12/ 2009
ايران ولذة العدوان على الجيرانعلي عرمش شوكت
عندما سمعنا بالعدوان الايراني الاخير على المصالح العراقية الحدودية حضرتنا سلسلة التجاوزات السابقة والتي هي مخالفة لقواعد العلاقات الدولية والانسانية ، ومع ذلك كنا نحسبها تجاوزات قد تكون عابرة ، الا ان هذه المرة تكاملت لدينا صورة العدوان المنظم المقصود ، ومن رؤية ومتابعة للاوضاع السياسية الداخلية في ايران ، يمكن مسك خيط الترابط بين سخونة التطورات في الشارع الايراني وبين حصول مثل هذه التجاوزات على العراق تحديداً وعلى بعض بلدان الخليج ايضاً ، وهنا يصيب ذلك التشخيص الذي مفاده بان التصرفات غير المبررة الايرانية تجاه البلدان المجاورة ، ما هي الا محاولة من جانب حكومة طهران لتصريف الازمة الداخلية القاتلة التي تعيشها حالياً .
ولايتجاهل احد ان هنالك صراعاً شديداً بين الولايات المتحدة وبين ايران ، وعليه ما زالت القوات الامريكية تزمجر وتتربص وهي تحيط بايران براً وبحراً وسماءً ، ومن الطبيعي الا تغفل ايران ذلك ، ولكن من الجهل السياسي المهلك ان تحاول حكومة نجاد المتطرف تبيان يقظتها بالتحرش بهذا وذاك من الجيران ، لذا يصل المتابع الى نتيجة بان السلوك العدواني تجاه العراق له غاية مزدوجة ، هذا وناهيك عن التهديد الايراني المبطن لبلدان جواره من مغبة جعل اراضيها ممرات سالكة للقوات الامريكية في حالة حصول حرب متوقعة بينهما ، بيد ان الاعتداءات الايرانية بهذا الشكل السافر يصبح من البديهي ان يخلق ردود فعل غاضبة لدي شعوب الجوار الايراني فتضغط على حكومات بلدانها للاستجارة بمن يعينها على ازاحة حالة العدوان المتكررة الدائمة عنها ، وبهذا قد دفعت ايران بلدان جوارها الى مواقف لا تصب بصالحها في اقل تقدير ، هذا اذا لم تكن ضدها .
وبالمناسبة نذكر كيف سيكون موقف العراقيين حينما يستعرضون تلك المواقف الايرانية تجاه بلدهم ، ابتداءً من احتلال جزيرة ام الرصاص ، والمطالبة بميناء العمية على شط العرب ، والحفر المائل بغية شفط النفط من الابار النفطية الحدودية العراقية ، والقصف المدفعي شبه اليومي على القرى الحدودية في اقليم كردستان ، وقطع مياه عدة انهر كانت تصب في شط العرب ، مما ادى الى زيادة ملوحة مياه الشرب في البصرة ودمر الزرع والضرع ، وكان آخرها العدوان على حقل الفكة النفطي ، ومن اللهجة التي يتحدث بها الجانب الايراني ازاء احتلالهم لهذا الحقل ، يفهم منها بانهم لا يعتبرون الحقل المذكور يقع في اراضي عراقية ، اذ ياتي ردهم بان قواتهم لم تدخل الاراضي العراقية ، وانما في داخل اراضيهم ولهذا انزلوا العلم العراقي ورفعوا مكانه العلم الايراني بوقاحة ومن دون اي اعتبار اخلاقي او سياسي او قانوني .
لقد طفح الكيل واللوم الاولي على قوات الحدود والتي مهمتها منع التجاوزات والاعتداءات على الاراضي العراقية ، علما ان القوات الايرانية التي احتلت حقل الفكة لا يتجاوز عدد افرادها العشرة انفار ، فما هو المانع اذاً من تحرك القوات العراقية المزودة بالاوامر العسكرية المسبقة للرد على اي عدوان ؟ ! ، فعند سماع خبر العدوان الايراني الاخير تصورنا ان القطعات العسكرية المرابطة في محافظة ميسان قد تحركت لاعتقال ثلة العسكر الايراني المتجاوزة ومن ثم تقديمها للمحاكمة لكونها قد تجاوزت الحدود وانزلت العلم العراقي الذي يمثل السيادة الوطنية ، ولكن للاسف لم يحصل ذلك ، انها حالة غريبة على طباع الجيش الوطني العراقي ، يرثى لها حقاً ، وفي الخلاصة لابد من الاشارة الى ذلك التساؤل الكبير بحجم الوطن حول رخاوة السلطات الحكومية حيال الاعتداءات الايرانية المتكررة .