علي عرمش شوكت
الجمعة 1/1/ 2010
ثورة الحشود المليونية الايرانية تعيد مجدها ولكنعلي عرمش شوكت
بعد ثلاثين عاماً من العسف والتسلط ومصادرة الحريات العامة والخاصة ، تعيد ثورة الحشود المليونية في ايران نفسها ، ولكن هذه المرة انكسر جدار الخوف وتهشم قمقم ولاية الفقيه ، الذي اُحتجز فيه الشعب الايراني طيلة هذه السنوات العجاف ، وعاد الثوار الى الشارع ، وفُك وثاق الثورة التي انطلقت رافعة راية اصالتها لتنتزع من جديد الحريات وتسترد الحقوق الانسانية للشعب الايراني المحتجز ، فغدا زمام الانتفاضة بيد الثوار الحقيقيين ، وهذه المرة لم ولن ينتزعه احد مهما ادعى وتعمم او تقمص الجبة الدينية ، ومن قسمات هذه الثورة الشعبية يفهم انه سوف لن يقف حائلا ً ذلك الادعاء المذهبي دون مضي الشعب الايراني الباسل نحو الحياة المدنية الديمقراطية الحضارية ، الاوضاع مأزومة جداً تعدت خطوط اللا عودة بمعنى في خط التماس الحرج ، الذي يكمن فيه الانفجار الشعبي العارم ، والذي سيصنع التغير المنتظر من قبل الجماهيرالايرانية الثائرة .
واذا ما اخذنا بمنطق الحياة الذي مفاده ان حسابات الامس ليست كحسابات اليوم ولا هي كحسابات الغد ، ولهذا لا يمكن تأبيد الغمامة الظلامية على عيون البعض من ابناء الشعب الايراني ، واذا ما استطاعت الزمرة المتسلطة المتجبرة ، ان تستخدم كاسري المظاهرات على غرار كاسري الاضرابات في العالم الراسمالي بهدف عرقلة مسيرة الثورة المليونية المتجددة في ايران ، غير انها سوف لن تتمكن من الوقوف بوجه زحف الحشود المليونية الهادر ، الذي يتصاعد في كل ساعة من الزمن الايراني الساخن ، فغدت الطغمة الحاكمة في طهران تدعي بان المظاهرات تعرقل الحياة العامة وتشل حركة العمل ، اذاً لماذا يقومون بتجميع مئات الاف من رجال الباسيج والحرس الثوري ويلبسوهم الملابس المدنية ، ويرغمون الموظفين في الشركات وفي الدوائر الحكومية للخروج بمظاهرات مضادة للجموع الثائرة ضد هذا النظام الجائر مصحوبة بالقمع البربري ؟ .
اليس هذا الفعل الاخرق يفند ادعاءاتهم ؟ ، وانه يعني اول ما يعنيه ، هي رفسات النزاع الاخير ، حيث يتشدد الخناق على الزمرة الحاكمة خارجياً وداخلياً ، كما تجلت هذه الرفسات في التحرش بدول الجوار الايراني وكان اخرها وليس اخيرها احتلال حقل الفكة النفطي العراقي ، لعلها في ذلك استدراج القوات الامريكية الى اشتباك مسلح مع قوات النظام الايراني المعتدية ، لكي يكون ذلك عاملاً مزدوج النفع ، فمن ناحية تصريف الازمة الداخلية الى الخارج ، ومن ناحية اخرى - وهو الاهم - ايجاد مبرر لسحق المنتفضين من القوى الاصلاحية بدعوى كونهم عملاء لدولة العدوان الا وهي ( الشيطان الاكبر ) الولايات المتحدة الامريكية ، الامر الذي جعل هذه الاخيرة تستقرء التحركات الايرانية بدقة وبالتالي التعامل معها بدبلوماسية حذرة لافشال نوايا حكام طهران المأزومين وهذا ما حصل فعلاً .
وراحت الطغمة المتسلطة في هذا البلد توغل اكثر فاكثر في مواجهة الثورة التي اخذت تتسع في كافة انحاء ايران ، ولم تشفع حتى المناسبات الدينية في كبح آلة الاستبداد والقهر ، شهدنا في الايام القيلة الماضية كيف غدت مناسبة ايام عاشوراء اكثر الايام دموية ، حيث سقط في التاسع والعاشر من محرم الحرام ما يقارب من خمسة عشر شهيداً من قوى المعارضة ، وفوق هذا تجاهلت سلطة ولاية الفقيه هذه الجرائم البربرية وخرق حرمة شهر عاشوراء ، وتمسكت بعدم جواز استغلال هذه المناسبة للتظاهر السياسي !! ، ولكنها في ذات الوقت اقدمت على تحويل مراسيم العزاء الحسيني الى تظاهرة لتأييد النظام الدكتاتوري ، مما شكل مفارقة فاضحة لهذه السلطات المستبدة ،
ان الشعب الايراني الباسل يتعرض اليوم لاقسى عمليات القمع والقتل بدم بارد على يد اذناب ولاية الفقيه ، غير انه يفتقد التضامن من قبل القوى الديمقراطية وانصار الحرية والتقدم في العالم ، الا القليل الذين يرفعون صوتهم لمناصرة ثورة الانعتاق والتحرر للشعب الايراني ، فاين منظمات حقوق الانسان التي عرف عنها انها تملء الدنيا صراخاً حول اي تجاوز على هذه الحقوق ، فهل بات الشعب الايراني المكبل بالف قيد ومسلوب الحقوق لا يستحق التضامن والمساندة ضد الاستبداد الرجعي ؟!