علي عرمش شوكت
الأربعاء 1/7/ 2009
خطوة من قبيل الانسحاب لها الف حسابعلي عرمش شوكت
يعتبر انسحاب القوات الامريكية من المدن العراقية في مفهوم التحرر الوطني واسترجاع السيادة خطوة من هذا القبيل ، بعدها ينبغي ان يترتب الف حساب على طريق تحرر العراق من الاحتلال ، وتترافق مع هذه الخطوة الهامة اقاويل مفادها ان الارهاب سوف يعود الى الشارع العراقي ، ولا تفسير لذلك سوى انه محاولة للتمسك ببقاء الامور على حالها لكي لا تنعدم حجة الارهابيين باستخدام العنف وخلق الفوضى بوجه العملية السياسية ، والملفت للانتباه ان الذين يطلقون اشاعات التخويف هم ذات الدوائر السياسية التي كانت وما زالت ترفع لواء ما يسمى بـ (المقاومة) ضد الاحتلال ، غير ان الشعب العراقي وقواه الديمقراطية والوطنية سرعان ما قدموا الرد العاجل والذي تجلى في ماشهدته بغداد والمحافظات الاخرى من احتفالات ومهرجانات فرح عارم بمناسبة يوم خطوة الانسحاب ، والجدير بالذكر هو ان الفرح كان ليس لمجرد انسحاب قوات الاحتلال ولكنه كان تعبيراً جلياً جاء على السن المواطنين لاندحار الارهاب وفشل المراهنات الظالة لارجاع عجلة التاريخ الى الوراء .
ولا يمكن انكار ما ستتركه القوات المنسحبة من فراغ امني ، اذ انها تتمتع بقدرات قتالية وامكانات تكنولوجية حربية متطورة ، ما زالت قواتنا لم تصل اليها بعد ، الامر الذي سيوفر زوايا فرص للارهاب بالنفاذ منها ، هذه نقطة ينبغي ان يحسب لها حساب ، و الثغرة الاخرى هي مدى حصانة القوات العراقية من الاختراق ، اذا ما حسبنا ان جل القوات العراقية الحديثة التشكيل لم تراعى فيها القواعد والسماة الوطنية للانتساب الى هذه المؤسسة ، انما طغت اسس الانتماءات الحزبية والطائفية في عملية التشكيل الحديث ، وهذه الارتباطات الضيقة تشكل المنافذ الاكثر خطراً في امكانية الاختراق ، وهنا ينبغي التحوط .
ان خطوة الانسحاب من المدن لها اهميتها فهي بداية نهاية الاحتلال ولكنها لم تخرج عن عتبة الدار ، وفي حالها هذه تعلن عن تقلص الارهاب فقط وليس انهائه ، ان الاحتلال والتدخل الاقليمي المتمثل بتصدير الارهاب وخلق الفوضى متزامنان في الوجود ، ولكنهما ليسا متزامنين في الخروج من العراق ، وعلينا هنا ان نحسب الف حساب قبل ان نرى جلاء الموقف بصدد من الذي ينبغي ان ينتهي اولاً ، الارهاب ام الاحتلال ؟ ، والكثير من المتابعي يرون بان الارهاب المسمى بالمقاومة ، سوف لن يتوقف بل وسيزداد بعد ان تترك القوات الاجنبية الساحة ، وحقيقة تقال ان المعادين للعملية السياسية من الارهابيين الوافدين والمحليين من بقايا البعث الصدامي ليس لهم اية مشكلة مع الاحتلال ما عدا حؤله دون رجوعم الى السلطة ، وما كان يصدهم دون ذلك حسب تصورهم هي قوات الاحتلال ، فبخروجها ستترك فراغاً امنياً يمكنهم من العودة الى سدة الحكم عن طريق القوة ، وهذا ما يجعلهم يرون بالانسحاب الفرصة الذهبية للعودة عن طريق مواصلة العمل المسلح .
الاستبشار بتحرير الوطن من اثام وقيود الاحتلال ينبغي ان ينبعث من تحرير دواخلنا نحن ابناء هذا الشعب المنكوب التي طالما سباها منهج الاحتلال والاستحواذ والمصادرة لحق بعضنا من بعضنا الآخر المتسلط ، واذا ما باتت علاقات ذات البين لايصلحها ولا يوحدها هذا اليوم الخالد في تأريخ العراق الحديث ، فيعني ذلك اننا قد قصّرنا في اقل تقدير من حيث اعداد اهم مستلزمات التحرير ، فلا حل لمحنتنا العراقية الا بتهديم وازالة الاسوار الكونكريتية العازلة ليس في شورعانا وانما التي بنيت في نفوسنا للاسف الشديد ، وهذا ايضاً يتوجب علينا ان نحسب له الف حساب ، فأين المصالحة الوطنية وما زالت الخلافات هي وحدها التي تحقق الانتصارات .
اما حسابنا الذي يستحق ان نحسبه اكثر من الف مرة هو معالجة الامور الحياتية للمواطنين ، فلا يوجد اشد من اصحاب القضية سوراً لحماية الوطن والعملية السياسية من اية مخاطر تنشأ على اثر الانسحاب ، و يجب الا يغيب عن بال احد بان افراد القوات المسلحة هم من ابناء هؤلاء الذين يبحثون عن ملاذ السكن والعيش والتمتع بالحرية ، ودون ذلك ستختلف المعادلة فمن يراد منه ان يوفر الامن يستحق ان يتوفر لاسرته سبل الحياة الكريمة .