علي عرمش شوكت
الأربعاء 1/9/ 2010
الطبقة الحاكمة وبراءة اختراع لازمة فريدةعلي عرمش شوكت
حكام العراق اليوم يديرون الحكم خارج النص ، وبخلاف ارادة الناس التي اوصلتهم على خشبة المسرح السياسي، هذا اقل ما يقال عنهم، لكونهم قبل ان يحكموا بدورتهم الجديدة، احكموا سيطرتهم على مقاليد الامور، بحيث لا احد يتمكن من تحريك السلطات الثلاث، بل ولا تشكيل الرئاسات الثلاث . لحين ان يفطروا على وجبة تقاسم وليمة السلطة. لقد صنعوا الازمة باقتدار و بامكانهم تصريفها باقتدار ايضاً. ولكنهم باتوا يشعرون ان بقاء الامور على ما هي عليه افضل من اعادة انتشارهم على مواقع السلطة من جديد، لان بتبادل المواقع سوف يطلع بعضهم على التجاوزات القانونية للبعض الاخر ، وهذا اذا ماتم سيعرضهم لمطاردة العدالة .
خرجت نتائج الانتخابات من عنق الزجاجة مع انهم فازوا بها ، غير انهم واجهوا اختلاف احداثيات مواقعهم في خارطة السلطة حسب معطيات نتائج الانتخابات، وعليه فضلوا البقاء في ذات المواقع والتشبث بها ، بصرف النظر عما سيحصل من مسخ للعملية السياسية ولقواعد الديمقراطية،وما سيعود على حياة الشعب واوضاع البلد من ازمة شاملة قد تؤدي في نهاية المطاف الى الانفجار المدمر.
واذا جاز توصيف ما يحصل فانه اختراع لازمة سياسية من طراز فريد، دون ما يستدعي ذلك من مقتضيات المصلحة العامة للشعب العراقي ، مما يستحق اعطاء براءة اختراع لمن صنعها لنفسه قبل غيره !!. لانه كان بالامكان وبلا عناء ان تمر عملية تشكيل الحكومة بصورة سلسة لو تركت القائمة العراقية بتجريب حظها وممارسة حقها الدستوري، كونها الفائزة الاكبر في الانتخابات، حيث انه واستناداً على التركيبة البرلمانية الحالية سوف لن تتمكن هذه القائمة من الخروج من عتبة تصويت البرلمان، وبالتالي لا بد من العودة الى دولة القانون وتحالفاتها لتشكيل الحكومة بكل يسر. ولكن ما حصل والذي تجلى بالاحتكام الى المحكمة الاتحادية وتغيير منطوق المادة 76 الدستورية التي تنص على تكليف القائمة الفائزة الاكبر.. الى الكتلة الاكبر التي تتشكل في داخل البرلمان، زد على ذلك تشكيل التحالف الوطني من قائمتي دولة القانون والائتلاف الوطني، كل ذلك قد قطع الطريق على العراقية تماماً، ولم يتوقف عند هذا الحد انما تحول التحالف الوطني الى عامل تكبيل لكل من دولة القانون و الائتلاف الوطني والعراقية على حد سواء. بسبب التنازع على موقع رئيس الوزراء، ومنذ اشهر عدة وهم يتداولون الفشل اي بمعنى من المعان انهم قد عجزوا عن تشكيل الحكومة قبل ان يدخلوا قبة البرلمان، بالرغم من تكوين التحالف الوطني اكبر كتلة بـ 159 مقعد برلماني.
ساد الفشل في الساحة السياسية العراقية، وتراجعت الامال بالخروج من هذه الازمة المفتعلة، وانتعش الارهاب، واستشرى الفساد في كل مفصل من مفاصل الدولة العراقية ، وازدادة معانات المواطنين الى حد الاختناق.
فليس سراً بان الكتلة العراقية سوف لن تتمكن من تشكيل الحكومة لو اعطيت فرصة تشكيلها، اذاً اين يصب اصرارها على اخذ فرصة التشكيل وهي تعرف سلفاً انها سوف تفشل ؟، فهل هذا الاصرار هو حقاً يعبر عن ارادة ناخبيها الذي يعانون حالهم حال باقي المواطنين بفعل هذا الاستعصاء ؟ ومن جانب اخر اين يصب ايضاً اصرار الطرف الاخر المعني بعدم الموافقة على اعطاء العراقية فرصتها وهو يعرف تماماً انها لن تتمكن من عبور التصويت البرلماني، في حين لم يتمكن من تشخيص مرشح واحد لتشكيل الحكومة مع انه قد شكل الكتلة الاكبر وقطع الطريق على الكتلة العراقية .
ومن العيب ان لا يوصف هذا التشبث بالمواقف المصرة على البقاء في الازمة الحالية ، بغير الجريمة مع سبق الاصرار لغاية تكوين غطاء مناسب لفشل سبع سنوات ماضية، وكل طرف ينطلق من اهدافه الخاصة، ولا تعنيه من قريب او من بعيد اوضاع العباد والبلاد المتدهورة، وحال العملية السياسية الآيلة للسقوط، البعض يريد بقاء الامور على ما هي عليها للتغطية على فشل وفساد وعدم عدالة وتسلط مستبد، والبعض الاخر يريد البقاء لتخريب التجربة الديمقراطية في العراق بوحي من الجوار الاقليمي المعادي للديمقراطية، والاخر يريد تقسيم البلد وان لا يبقيه حجر على حجر.
هؤلاء جميعاً فشلوا . ولم يبق امام العراقيين الحريصين على مستقبل وسيادة بلدهم الا الغاء نتائج الانتخابات الحالية التي جاءت بتركيبة لم ولن تنتج غير الازمات المدمرة، وعليه توجب اعادة الانتخابات دون ابطاء، والكرة في ملعب الجماهير المناضلة للتحرك وازاحة هذه القيادات الفاشلة المستهلكة، والاتيان بقيادات حريصة ومؤمنة بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية المعمدة بالوطنية الحقة . والقيادات الجديرة بانقاذ البلد هي تلك التي قاومت الدكتاتورية ورفضت عملية الاحتلال من بدايتها وما زالت تنتظر فرصتها.