علي عرمش شوكت
الأثنين 20/ 8 / 2007
يتركون الباب و يتزاحمون على النافذة !!
علي عرمش شوكت
قد لا اكون مبالغا اذا ما قلت ان الشعب العراقي لايفقه ماذا يعمل قادته ، واذا ما سألنا احد الناس عن ما يدور في الاجتماعات المتلاحقة لقادة البلاد سيأتي جوابه تكرارا للسؤال – ماذا يجري ؟! – وذلك لكون الاجتماعات تلك لم تتمخض عن شيئ سوى الاعلان عن اجتماع جديد لاحقا ، اما حقيقة ما يدور فهو كما يبدو التزاحم للخروج من النافذة تاركين باب الخروج غير المجهولة التي لم يجرؤ احد منهم حتى على الالتفات نحوها،(اعتماد المشروع الوطني الشامل) الذي تشارك في رسمه كافة القوى السياسية العراقية المؤمنة بالحل السياسي الديمقراطي وبناء العراق الفدرالي الموحد ، واذا تمكنا من الاطلاع على ما في جعبة اي واحد من القادة وهو في طريقه الى الاجتماع سنجدها متخمة بصغائر الامور الفئوية ، ولو كانوا على غير ذلك ووضعوا الهم الوطني العام نصب اعينهم وابتعدوا عن الخصوصيات، لرست سفينة العراق على شاطئ السلام منذ امد .
ليس مجهولا لدى (القادة ) بأن جراح الوطن لاتنفعها الاسعافات الاولية او العلاجات الوقائية وانما بحاجة الى الشفاء العاجل من خلال القيام بعملية جراحية للعملية السياسية ذاتها، في سبيل انقاذها في ايامها الاخيرة من علة المحاصصة الطائفية التي طرحتها على فراش الموت ، ومع الاسف الشديد يتجاهل قادتنا هذه الحالة وسبل علاجها العاجلة ، ويلجؤون الى الوصفات غير الشافية ، مثل: جبهة المعتدلين ، والاتفاق الخماسي ، ومن ثم الاتفاق الرباعي ، وكل اجتماع يقولون هذا ليس هو الاخير ، وهكذا دواليك من الاجتماعات المرتونية ، مما يدعو الى الاعتقاد بأنها محاولة للمراوحة وهو ترقب سلبي بكل تأكيد ،الغاية منه ، لعل في اخر الشوط ومع انقطاع الانفاس يتنازل البعض للبعض الاخر حسب اعتقاد كل طرف منهم الذي يعتقد انه سيحافظ اذا لم يحصل على كسب جديد من توسيع دائرة نفوذه بمواقع السلطة ، وما يؤكد ذلك هي المشاريع التي يحملها كل واحد من ( القادة) مع انها مشحونة فوق المعدل بالهموم الفئوية، الامر الذي يجعلها تحول دون ترك فسحة مناسبة للقوى الديمقراطية غير المحتقنة طائفيا او عرقيا اي القوى العلمانية غير القومية تحديدا ان تؤدي دورها الملح والمطلوب .
ومن المحزن حقا الا تجد في هذه الاجندات اولوية لهموم الناس اليومية ، اي ضمان سبل العيش والخدمات، ناهيك عن توفير الامن وغيرها ، فهل في هذا المناخ يتمكن اي قائد من بين قادتنا ان يدعو المواطنين الى مساندة الحكومة ويعتقد ان دعوته سيستجاب لها قبل ان يسأل على الاقل ماذا حققتموه لنا لكي نؤدي واجبنا تجاه الحكومة ؟ هذا سؤال متوقع اذا لم يكن اكيدا ، واذا ما كان العمل الجاري يفسر على انه بهدف خلق مقدمات للوصول الى ما تطمح له الجماهير ، فلا توجد مقدمات تمهيدية الى اي انجازفي طريق حل الازمة الحالية افضل واهم من طمأنة المواطنين على حياتهم وسبل عيشهم وامنهم اليومية، تلك هي الداينمو المحرك لهمة الناس والتي تحظى قبل غيرها بقدر كبير من الطاقة الدفاعية لديهم وحتى تصل الى مستوى التضحيات، اذن هذه هي الباب التي ينبغي الخروج منها وليس التزاحم للخروج من النوافذ ، وبالمناسبة يحضرني مثل جنوبي يقول فلان ( يهبش بصف الجاون ) ومثل اخر في المنطقة الغربية شبيه له يقول ( فلان يثرد بصف الصحن ) ولانريد لقادتنا ان يكون حالهم كحال فلان المشار اليه ، لأن ذلك ما سيبعد المواطنين عن ان يصبوا جهودهم مع جهود القادة الخيرين في عملية انقاذ الوطن من ما يحيق به من كوارث ومخاطر جدية لاحصر لها ولاتقدر عواقبها .
وعلينا ان نقر ان النخبة الحاكمة لاتمتلك العصا السحرية لحل كافة المشاكل المستعصية والمتكلسة منذ اعوام عديدة بضربة مباشرة ، حيث ان جلها من تركة النظام السابق، ولكن لاغفران لمن هو بموقع المسؤولية ويبقى متملصا عن حلها بمختلف الذرائع ، غير اننا لا نشك في قدرة المسؤولين الحاليين على حل الازمة ، ولكن لماذا لم يقدموا على ذلك بقرارات حاسمة لحد الآن وكأنهم يتزاحمون للخروج من النافذة بدلا من الخروج من الباب ؟