علي عرمش شوكت
الثلاثاء 20/11/ 2007
الراصدارتفاع سعر نفط لا يخفض شرعة الدستور
علي عرمش شوكت
يجري سعر النفط بخطوات سريعة وكأنه في سباق ضاحية متواصل ، حيث قطع مسافة المئة دولار للبرميل بفترة زمنية قياسية ،والتي تعد سابقة لم تتم في الماضي ، وليس معلوما الى اين سيصل في نهاية الشوط ، هنيئا للشعب العراقي الذي ملك زمام اموره طالما حدد دستوره بأن النفط ملك للشعب كله ، علما ان ارض العراق تحتوى على اكبر ثاني احتياطي نفطي في العالم ، فهل يبقى الدستورمجرد منظر لهذا الكنز الفلكي الحجم من الذهب الاسود ؟ ، لاشك ان سرعة تصاعد السعر تشل القدرة على الصبر لحين ان يتململ مجلس النواب لينظم بقانون ما شرعه الدستور حول تقاسم الثروات على سكان البلد بعدالة ، وفي غضون ذلك تستنفرالكارتيلات النفطية الاحتكارية ذات الباع الطويلة في النهب لخيرات الشعوب وفي مقدمتها النفط الذي يعتبر اكسيرا لحياة الآلة الرأسمالية ، ويسيل لعابها فتتزاحم وتحرض على اتمام الصفقات واصدار القوانين غير العادلة بغفلة من هذا الزمن الرديئ ، مستغلة حاجة البلد لاعادة بنائه وظروفه غير المستقرة ، واذا ما عرف ان تلك الشركات امريكية الجنسية حينها يبطل العجب كما يقال ، لأن الولايات المتحدة الامريكية تستهلك اكثر من عشرين مليون برميل يوميا والمنتوج منها محليا سبعة عشرمليون برميل ، لكنها تستورد ضعف ذلك لكي تخزنه في آبار اصطناعية كأحتياطي نفطي ، ولكن يقابل ذلك عجالة ملفتة للنظر في استخراج وتصدير النفط ، ولم يكن ذلك مقصورا على العراق ، انما يشمل كافة الدول المصدرة للنفط ، وبخاصة عندما ارتفعت اسعاره دون الاهتمام بانخفاض سعر الدولارالذي يفرغ بدوره ارتفاع سعر برميل النفط والذي يجعله بلا زيادة حقيقية اذا ما ربط بارتفاع اسعار عموم المواد الاستهلاكية الضرورية .
كانت الحكومة العراقية قد انزلت مشروع قانون للنفط والغاز ، الا انه قد اثار جدلا واسعا بين العراقيين ، وعلى وجه التحديد الكتل السياسية العراقية ، فمنهم من رحب به لتطابقه مع قناعاته السياسية والاقتصادية ، وربما كان من المساهمين بأعداده ، ولكن اخرين اعترضوا عليه او على بعض فقراته في اقل تقدير، ويمكن وصفهم بالاغلبية من ابناء شعبنا ، ومع ان هذا القانون ما زال عسير الولادة في اروقة مجلس النواب العراقي ولم يقر بعد ، الا ان ثمة انباء عن رغبة اكيدة لدي بعض اطراف العملية السياسية لتمريره ، وتأتي هذه الرغبة تناغما مع ضغط الادارة الامريكية وكذلك الشركات الاحتكارية النفطية المتكالبة ، وكذلك بعض الاوساط الليبرالية العراقية على السيطرة على استخراج وتصديرالنفط العراقي ،لائذون خلف ذريعة الاستثمار في هذا الحقل الاقتصادي الهام ، طبعا لااحد يعترض على تشجيع الاستثمار وبخاصة في هذا الميدان الحيوي ، الذي تقادم ميكانزم تشغيله و تعطلت قدرات السيطرة علية من التسرب والسراقات العلنية والمستورة ،وكذلك الشفط بواسطة ما يطلق عليها الابار المائلة من قبل بعض دول الجوار .
فامام ذلك قدمت وجهات نظر حول ابرز واخطر فقرات مشروع قانون النفط والغاز، الذي من المؤمل ان يطرح امام مجلس النواب لمناقشته واقراره ليصبح المرجع الوحيد للتعامل مع ثروت النفط العراقية ، ومن اهم ما قدم حول المشروع المذكور: هي وجهة نظر سمعناها عبر وسائل الاعلام قد صدرت عن بعض قادة الحزب الشيوعي العراقي ، ومفادها ( ان العراق ليس بحاجة الى الاستثمار في مجال النفط على قاعدة المشاركة في الانتاج ، وانما بحاجة الى الاستثمار بعقود الخدمة واعادة التأهيل للمنشئات النفطية ، وتقويم شركة النفط الوطنية لكي تأخذ على عاتقها كافة اعمال انتاج النفط ) ، لأن هذه المشاركة تعني نهب اموال الشعب العراق بلا رحمة ، حيث سيصبح انتاج العراق من النفط بعد استتباب الامور سبعة ملايين برميل يوميا ، فتصوروا كم ستأخذه الشركات من واردات النفط العراقي ووفق عقود غير عادلة تمتد الى ربع قرن او اكثر ، كما ان هنالك رؤية اخرى يؤكد عليها الحزب وهي اذا ما كانت ثمة ضرورة ملحة للاستثمار في المناطق الصخرية او الجبلية ، وتكون خارج قدرة شركة النفط الوطنية ، فيمكن الاستعانة بالاستثمارات الاجنبية شريطة الا تكون المشاركة بالانتاج بنسب عالية ولا الى اماد طويلة ، وانما ينبغي ان تكون متعادلة مع حجم الاستثمار ومدى حاجة العراق له .
ويبقى تسارع زيادة سعر برميل النفط يخلق حالة من العجالة لدي البعض غير مبررة ، ليس لاصدار قانون النفط والغازعلى علته رغم الاعتراضات الجدية حول صيغته الحالية ، وانما العجالة حتى في عقد الصفقات غير المتوائمة مع الاسس الدستورية و لاتحظى في اقل تقدير باجماع الاغلبية من الشعب العراقي بكل فئاته ومكويناته المالكة لهذه الثروة .