علي عرمش شوكت
رفاق شهداء تعايشت معهم
(1) الرفيق الشهيد محمد الخضريعلي عرمش شوكت
الرفيق الشهيد محمد الخضري. وهو من اول الذين عملت معهم بعد خروجي من السجن عام 1967 . حيث غياب طال اعواماً منذ عام 1962. تم اطلاق سراح المحجوزين من سجن نقرة السلمان وسجون اخرى، وعددهم خمسون مناضلاً، قد انهوا سنوات محكومياتهم ولم يطلق سراحهم لعدم تقديم البراءة من حزبهم الشيوعي العراقي" حزب الشهداء"، ولكن بعد ان تبرع السجناء الشيوعيين في نقرة السلمان بالدماء للجيش العراقي ابان مشاركته في حرب حزيران عام 1967صدر قرار من ناجي طالب حينما تراس الوزارة.باطلاق سراح المحجوزين السياسيين.
بعد مرور اكثر من شهرين جاءني رفيقان لاستلامي بهدف ضمي للتنظيم وهما الرفيقان الشهيد نوري العاني والفقيد حامد ايوب، فاخبراني بان عملية تصحيح قد جرت في الحزب، وكان الرفيقان يقصدان انشقاق "مجموعة عزيز الحاج " ولم يكن لي علم بذلك، فسالتهم اين الرفيق عزيز محمد سكرتير الحزب ،فأجابا (يميني وطردناه)، فما كان مني الا ان اقول لهما انا ايضاً احسبوني مطروداً معه. ان الرفيق عزيز محمد يمثل الشرعية الحزبية ولا يمكن لي ان اعمل بدون الشرعية، حصل جدل بيننا لساعات لم يتمكنا من اقناعي، فودعتهما، بجفاء بالرغم من انهما اصدقاء ورفاق لي منذ امد بعيد.
رجعت الى احد الرفاق الذين اطلق سراحهم معي وطلبت منه ايصال رسالة الى الحزب بعد ان فهمت منه انه ضد الانشقاق وكان ذلك الرفيق هو " دينار السامرائي" وبالفعل وخلال ايام استلمني الرفيق عزيز وطبان "ابو ذكرى" وضمني الى محلية الكاظمية ولم تبق صلتي به طويلاً حتى استلم سكرتارية المحلية الرفيق " عبد الخالق زنكنة" وهو الاخر لم يبق طويلاً، وجاء من بعده الشهيد محمد الخضري.
كانت محلية الكاظمية هي المحلية الوحيدة التي صمدت بوجه الانشقاق ما عدا بعض التصدع قد حصل في متفرعة الشعلة، حيث كان تكوينها بالشكل التالي. الرفيق الفقيد المناضل الفلاحي ، فعل الضمد، والرفيق عزيز فعل الضمد، كانا مع الحزب، والرفيق موسى وابنه صبري موسى، مع الانشقاق. ومعهم رفيق اخر لم يحسم امره، وهو خالد الياسري، فطلب مني الشهيد الخضري انقاذ هذه المنظمة المهمة من براثن المنشقين، فسارعنا باعادة هيكلية تنظيمة جديدة بمساعدة الرفيقين فعل الضمد وعزيز فعل الضمد، ورفاق اخرين، ولم تطل الفترة حتى سيطرنا على كامل ملاك المنظمة.
كان الشهيد الخضري يهتم كثيراً بالعمال وبخاصة عمال منطقة الصناعة في الكاظمية، وكذلك عمال معامل النسيج المنتشرة في المدينة. وقد شكلنا اكثر من ركيزة في ذلك القطاع العمالي. كما كان اهتمامه بتوقيت اللقاءات حيث كان يحدد مواعيده في الساعة الواحدة ظهراً وعندما كنت اسأله عن ضرورة ذلك وحرارة الشمس على اشدها، كان يقول لي (لا رجل امن او جاسوس يخرج في هذه الشمس الساطعة، الا المضحون في سبيل عيشتهم النزيهة او مبادئهم، ويواصل القول : اذا شاهدت احداً في الشارع في مثل هذا الوقت احسبه شخصاً مضحياً ليس الا).
في ذات يوم ونحن نمشي على كورنيش الكاظمية منطلقين من ساحة محسن الكاظمي باتجاه جسرالائمة. لاحظنا احداً يتبعنا فتداولنا بكيفية التخلص منه، علماً كان بحوزتنا مسدسات قد وزعها الحزب علينا في حينه. فاتفقنا على ان يستمر الرفيق الخضري حتى يتمكن من ان ينعطف لاقرب شارع فرعي، وانا اخذ امر التعامل مع ذلك المتتبع، ولما اردنا ان نشرع بتنفيذ خطتنا لاحظنا بان ذلك الشخص كلما وصل قرب باب بيت قبلها. فتريثنا قليلاً حتى كرر تقبيله لابواب اخرى، ومع ذلك دلفنا الى فرع قريب، وهو مضى مستمراً بهيامه لابواب البيوت. حيث تبين لنا انه معتوهاً.
طلب مني الرفيق الخضري، ان انتقل من سكني الذي كان في بيت شقيقتي "ام شاكر" في الشعلة،تحفظاً من كونه غير مناسب لعملي الحزبي، فاقترح عليّ ان استأجر بيتاً حزبياً في مدينة الحرية. وسألني عن تكوين عائلتي. قلت له ، انا والوالدة فقط، وبروحه المرحلة قال لي (ستمر بما مررت به انا )، وعندما استفسرت منه عن الذي مر به، قال: (ستحاصر من قبل بنات المحلة وهذه حالة غير ايجابية لسرية عملنا الحزبي، وعليك الحذر).
لم يطل الوقت حتى القي القبض علينا ومعنا رفيق ثالث" ابراهيم عبد السادة" في منطقة الانباريين في الكاظمية من قبل الاستخبارات العسكرية في وزارة الدفاع بتاريخ 19 / 5 / 1968 بسبب خيانة من صاحب الدار التي نجتمع فيها، وقد جرى ما جرى لنا من تعذيب قاس وبشع لمدة 45 يوماً بعدها نقلنا الى معتقل الفضيلية وكان معنا الرفيق ثابت حبيب العاني حيث كان معتقلاً قبلنا، وبعد اربعة اشهر اطلق سراحنا على اثر انقلاب 17 تموز 1968 .
يتبع.