علي عرمش شوكت
الأحد 20/4/ 2008
الراصدكيف التغيير الرقعة صغيرة والشق كبير !؟
علي عرمش شوكت
تبدو شعرة فاصلة بين المحاصصة وبين المشاركة ، ولكن شأنها شأن الحواجز الكونكريتيية لقوات الاحتلال التي يصعب تجاوزها من قبل الذين لايحملون ترخيصا اوتخويلا لعبورها ، حتى وان كان مقصدهم على بعد امتار معدودات عبر تلك الحواجز ، هذا ما ابتليت به العملية السياسية منذ قرارات بريمر سيئة الاثر ، وكان التأسيس قد جاء مفروضا وليس بارادة وطنية ، وما بني عليه لاحقا من انتخابات غير مصانة ودستور يكتنف بعض بنوده الغموض تحيطه جملة من التحفظات ، وتشكيل حكومة محاصصة غاطسة حتى هامتها بالصراعات من اجل النفوذ والمال ،كل ذلك قد كرس ما سبقه وهكذا دواليك ، فتدحرجت كرة العمل السياسي حتى كبرت مأزومة ، ولا فكاك من تعقيداتها الا بتفكيكها ، ولكن الحقيقة الماثلة امامنا هي ان الذين يبحثون عن المشاركة لايستطيعون الابتعاد عن المحاصصة ، ولا الذين يتعاملون بالمحاصصة يستوعبون المشاركة مع الاخرين ، لان بعض الذين يبغون المشاركة في العملية السياسية لا يريدون سوى الحصول على حصة دسمة منها ليس الا، والذين قد اخذوا حصتهم يرفضون التنازل حتى عن جزء يسير من هذه الحصة ، فمن الذي يستطيع ان يكون فيصلا ومقبولا بحكمه طالما سيمس بهذا الشكل اوغيره هذه الحصة او تلك ؟ ، في الوت الذي لا يشاهد فيه على اديم اللوحة السياسية العراقية من هو قادر على تادية هذا الدور الحاسم والمهم والتاريخي غير الشعب العراقي وتحديدا قواه العابرة للاطر الطائفية والعرقية اي الرافضة للمحاصصة .
كان النظام الدكتاتوري يلجم الصوت الوطني المعارض بالقمع والابادة الجماعية ، ومع ذلك كان الشعب العراقي يتواصل بكفاح عنيد في سبيل تغيير النظام الدكتاتوري ، ومرد ذلك يعود الى ان قواه الحية الديمقراطية والاسلامية والقومية كانت تنسق وتوحد الجهود في سبيل ذلك ، الا ان المعادلة قد اختلفت في زمن الحرية ! ، فهذه الديمقراطية التي غدت بسبب تدني الوعي وعدم فهم ممارستها عاملا للاستحواذ والاقصاء والتجاوز على حقوق الآخر ، مما انتج حالة من الاستقطاب والتناحر الى حد التقاتل حول السلطة والمال وليس غيرهما ، بالرغم من ادعاء اطراف الصراع بالعمل من اجل الشعب العراقي واستقراره ، غير ان هذه الادعاءات لاتمت في جوهرها باية صلة لما يستهدفه الساعون الى خطف البلاد والعباد ، فبات الشق الحاصل في خامة الوحدة الوطنية اكبر من الترقيع ( تكريس المحاصصة ) الذي يتوفر اكثر من غيره كما هو شاخص ، هذا على الصعيد السياسي ، اما الذين لاتتناسب التوافقات السياسية مع اجنداتهم فهم لايتوانون عن الاقدام على محاولات تحقيق مآربهم بقوة السلاح والغاية مهما تبرقة هي فرض نظام استبداد من طراز جديد قديم ، غير آبهين بمصائر الناس وتدمير سبل عيشهم وبالحفاظ على حياض الوطن من الاختراقات الاقليمية التي يمكن ان تمزقه وتبتلعه ، ومما لاشك فيه ان تحرك من هذا النوع لايتوفر لديه اي نصيب من قوة التبرير ، ويغلق امامه امكانية فتح المجال للاصطفاف معه ، بل ومعرض لخسارة تعاطف حتى من يتفق معه ببعض شعاراته التي تتعلق بوحدة الشعب العراقي ارضا وشعبا والحفاظ على ثرواته وغيرها من الادعاءات ، ويفقد قبوله بين القوى السياسية العراقية الاخرى التي تتناما لديها نزعة المعالجات السياسية لمشاكل البلاد والخلاص من الازمة الكارثية المستعصية ، وتحريم استخدام السلاح لتحقيق الاهداف السياسية .
وازاء هذا الوضع يصبح من اللازم على المعنيين خلع هذا الرداء المهلهل الذي غدا لاينفع فيه الترقيع ولا الترميمات المؤقتة ، والتوجه الى ارساء مبدأ المشاركة الحقيقية ، التي تتميز بانفصالها لمسافة مشهودة عن المحاصصة الطائفية والاثنية ، ومن المؤمل ان تكون عودة الكتل المنسحبة من الحكومة على اساس المشاركة التي يتوجب ان تحتوي كافة القوى المؤمنة بالديمقراطية وبالعراق الفدرالي الجديد ، في اطار تشكيلة لحكومة مشاركة بالقرارالسياسي وعلى قاعدة المواطنة والكفاءة ، ولكن بما ان الاجراءات الامنية لم تثبت قدرتها على استئصال العلل المتفاقمة ، وتجلياتها في صراع مسلح حاد ، فكان لابد من تجنب الاستخدام المفرط للقوة لكون اغلب ما يذهب ضحيته هم الابرياء ،وهنا ينبغي اللجوء الى ممثلي الشعب في مجلس النواب لسماع رأيهم في ايجاد حل حاسم ودائم ومشروع ، اي ان يكون العلاج صادرا عن جهة شرعية ، كأن يصار الى عقد مؤتمر وطني عراقي لكافة القوى السياسية دون اقصاء ، ما عدا القتلة واعداء الديمقراطية ، يخرج بحل وطني للازمة ، وينبغي ان يكون قادرا على قطع دابر المحاصصة والطائفية والفساد ويحافظ على وحدة العراقي واستكمال سيادته ، ببناء الدولة الديمقراطية المدنية الحضارية التي تليق بالشعب العراقي الابي ليأخذ مكانه في مصاف الامم المتقدمة