علي عرمش شوكت
في حصاد العملية السياسية يطير الغلال ويبقى القش !!
علي عرمش شوكت
ازمة الحكم في العراق تعلن عن اسبابها دون الحاجة الى مختبرات لتحليلها ومعرفة بواعثها. الا انه غالباً ما يوصفها البعض بأنها ازمة ثقة، وبما ان الثقة امر نسبي، فلا يشكل فقدانها ازمة مطلقة، كألتي تغمر الوضع السياسي العراقي، ربما لايريد البعض ان يتلامس مع اسباب الكارثة التي تحل بالبلد، فيلجأ الى جزئية من افرازاتها المتمثلة بازمة الثقة، نائياً بنفسه عن تداعيات الخوض في عمق بؤرتها الغاطس. ويلقي على غيره مسؤولية الكشف عن عوامل التأكل السرطاني الذي ينخر العملية السياسية.
لابد من تكرار القول بان اصل العلة هو التركيبة التي تم فيها تشكيل ما سمي بـ (مجلس الحكم الانتقالي) حيث قام على اسس عرقية وطائفية، الامر الذي ادى الى تسليم سلطة القرار بايدي قوى لا يتوفر فيها رجال دولة ولا تملك رؤية سياسة لبناء دولة مؤسسات، بل كان اغلبهم اقصى ما لديه هو البحث عن الحقوق القومية اوالطائفية، وما عدا ذلك، فلا نزل القطر !!. وفي ظل هذا التجييش الذي لا يخرج عن حاوية العواطف المأزومة، صودر الحق الوطني العام.
وانعكاساً لذلك الانفراد، احتدم الصراع حول تقاسم الغنيمة المتمثلة بـنهب المال العام في البلد "بجُله وجليله " تحت ذريعة استرداد الحقوق المصادرة من قبل النظام الدكتاتوري، وكأن ذلك التعسف جرى فقط لحقوق قومية وطائفية، ويا ليت قد رجعت تلك الحقوق لاصحابها الحقيقيين، انما استثمرت لحساب احزاب وقيادات معينة، مع تجاهل تام لمصادرة حقوق الانسان عامة، بمفرداتها الديمقراطية والسياسية و الثقافية والاجتماعية وغيرها. التي طاول تغييبها قوى التيارالديمقراطي على وجه التعيين، رغم كونها تتمتع بارث نضالي عُمد بدماء الاف الشهداء، من جراء قمع الانظمة الدكتاتورية السابقة، ولا بد من الذكر هنا. ان قوى التيار الديمقراطي قد انفردت دون القوى الاخرى في فترات معينة بمقارعة الانظمة الظالمة، وعلى سبيل المثال وليس الحصر، التصدي لانقلاب شباط الاسود عام 1963 لا بل وسجلت تضحياتها ارقاماً تجاوزت في بعض جوانبها تضحيات القوى التي تسلمت مقاليد الحكم في وقتنا الراهن، بصرف النظر عن مشروعية او عدم مشروعية وصولها الى مراكز القرار.
افرز ذلك السيناريو الذي لعب فيه ممثل الاحتلال الامريكي ( بريمر ) ومن ساعدوه دوراً مقصوداً لتحجيم دور قوى اليسار والديمقراطية في ادارة الحكم، ما بعد اسقاط النظام المستبد، ووضعها في هامش لا يكاد يلمس من قبل الجماهير المتطلعة الى من ينقذها، ويقودها نحو حياة ديمقراطية عادلة، ومن البديهي ان تتجلى تداعياته في تحديد وجهة هذه الجماهير، حيث مالت نحو ما يبدو هو الاقوى من خلال موقعه في مجلس الحكم، هذا وناهيك عن التلاعب والتجاوزات غير القانونية في العملية الانتخابية.
وعليه لابد من وقفة حساب وتعديل مسار العملية السياسية، فامام بيدر حصاد الثمان سنوات، انعكست المعادلة، حيث طار الغلال (مئات المليارت من الدولارات) وبقي القش ( سقط المتاع ) الذي يمنون به على الشعب المدمر. لا يستطيع منصف ان يوصف ما رست عليه الاوضاع بغير كونه فشل مكعب، وابرز صفحة من هذا المكعب،هي صفحة ادارة شؤون البلد الذي اصبح مستباحاً. واذا فهم بان حياة وعيش المواطنين ظلت متدهورة بسبب الفساد المستشري والجهل المطبق في ادارة شؤون البلد، فلا يفهم التخاذل اما التجاوزات العدوانية الاقليمية.
ان كل ما تقدم من قرائن، بل ادلة قاطعة على فشل الكتل المتنفذة في ادارة الحكم، لذا يجيز للشعب ان يحيل الفاشلين والفاسدين الى المحاسبة، ويصدر قراره بتنحيتهم عن السلطة، واجراء انتخابات نزيهة عادلة، على اسس قانونية جديدة، للاتيان بمؤسسة حكم جديرة باعادة بناء الدولة العراقية المدنية الديمقراطية الاتحادي الموسومة بالعدالة الأجتماعية والسيادة التامة.