| الناس | المقالات | الثقافية | ذكريات | المكتبة | كتّاب الناس |
الأحد 21 / 2 / 2016 علي عرمش شوكت كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس
شمعة السيد العبادي.. وظلام الكتل المتحاصصة بالحكم
علي عرمش شوكت
(موقع الناس)
كانت حُزم السيد حيدر العبادي للاصلاح قد احتلت مساحة في الجدل السياسي داخلياً وخارجياً، ولكنها ظلت مأسورة، وذلك يعود قطعاً لفراغ رئيس الوزراء من فكر التغيير وعزيمة الاقدام، فضلاً عن كونه لا زال يمشي مع حزبه، و"خطوة اصلاحه" لوحده !!. علماً ان التغيير والاصلاح ليس بحاجة الى حُزم على الورق فحسب، انما لحزمة رجال يترجمون القول الى فعل ملموس على الارض، فهل يتمكن السيد العبادي من تلمس طريقه بضوء شمعته الخافت الى من هو كفء لمثل هذه المهمة وسط ظلام الكتل المتحاصصة بالحكم..؟.
اما جوهر نوايا السيد رئيس الوزراء، فلا ينبئ بكون الرجل واثق الخطى في طريق التغيير. انما كان شراعه قد ساقته رياح الحراك الجماهيري العاصفة بمخلفات " العملية السياسية " المهلكة . وبما انه عبارة عن احد مفردات هذه العملية، تصاعدت خشيته من قرب تطايره مع تلك الاجزاء الخاوية المتبقية من عملية المحاصصة الطائفية، التي غدت محاصرة وملاحقة بالاتهامات بأنها قد خرّبت العراق. واذا ما تسنى لها الاستمرار، فلن تبقي كيان البلد، حجر على حجر. سيما وان كافة الدلائل تؤكد بان ارهاصات الانفجار الناسف تتململ وبتصاعد غير مؤتمن.
السيد حيدر العبادي بعد ان استمر يتنقل بين الوعد بالاصلاح والوعيد بمحاسبة المفسدين توقف عند ادواته التي ينبغي ان يستخدمها لتنفيذ حسبته التي "سيدور عليها الحول" كما يقول المثل الشعبي، اي تمضي عليها سنة، وهي لم تلد بعد، لكن ما يشغل السيد العبادي الان هو من اين يبدأ.؟ فهو قد واجه عدم رضا الكتل السياسية عندما طرح مفهوم حكومة التكنوقراط، وحسب تفسيره لهذا الرفض في مقابلته الاخيرة مع القناة العراقية { بان رؤساء الكتل لا يروق لهم ترشيح الشخص المهني لكونه ليس بامكانهم سوقه بيسر لتنفيذ رغباتهم الشخصية بحكم مهنيته} وبصرف النظر عن صحة اوعدم هذا التفسير السطحي. الا انه يعكس بقاء السيد العبادي حائراً وفاقداً للعزيمة متسمراً امام ارادة رؤساء الكتل المحاصصة بالحكم.
وعلى منواله هذا، نراه كالغريق الذي يحاول النجاة، فمرة يغطس واخرى ينط ليطلب النجدة. فيحينما يقول : سوف اشكل حكومة تكنوقراط بعيدة عن المحاصصة. سرعان ما يتراجع ليعلن بانه سيختار الوزراء التكنوقراط من ذات الكتل الحاكمة.!!. بمعنى من المعان يريد حكومة "محاصصة تكنوقراطية "، ويبقى راضياً مرضياً. ولكن الشارع المنتفض بحراكه الجماهيري، لن تغنيه مثل هذه الطروحات " المكلبجة " بمصالح الطبقة الحاكمة. مما يزيد من معاناة الناس، ويقلل من صبرهم.
اما الباحثون عن الحلول فالوطنيون منهم من يأمل بان العبادي سيستجيب لمطالب الشعب العراقي. وعليه لا يتوانى عن طرح الحلول المنطقية ويقترح على رئيس الوزراء ان يشكل حكومة كفاءات من الشخصيات المشهود لها بالنزاهة، ولم يخطر ببالهم بان مثل هذا الطرح يشكل مقتلاً وقطع ارزاق للكتل المتنفذة، وطالما لا تتوفر قوة تجبرها على التخلي عن فرص النهب التي اتيحت لها بدواعي "العملية السياسية" فعلى طيبي النوايا ان يتأملون جيداً في ما آلت اليه الاوضاع ويحثوا الخطى لايجاد حلول ترقى الى سحب العبادي من " تلابيبه " بحكم حق البلاد والعباد، مع احترامنا لشخصه ، واجباره على التغيير المطلوب دون الاكتراث بكتل الحرامية واللصوص. ان انقاذ البلد من الضياع الذي غدا يعم متسارعاً دون اي عائق، يحمّل القوى الوطنية والديمقراطية مسؤولية تاريخية ذات عواقب قاسية الوقع، ورهيبة التداعي.