علي عرمش شوكت
الأربعاء 21/10/ 2009
بعض قوى التيار الديمقراطي العراقي بين حانة و مانةعلي عرمش شوكت
واخيراً تحرك قطار رحلة الدورة البرلمانية الجديدة دون ابطاء ، وكان قبيل انطلاقه قد جمع ركابه ممن ارادوا المشاركة في الانتخابات التشريعية المقبلة ، وكان كل منهم قد ابرز ( باسبورت ) قائمته او كتلته المؤشر بوسم انتماءاته الطائفية او العرقية ، بغية الوصول الى قبة البرلمان الواقعة وسط المقاطعة الخضراء ، هذا هو المشهد الاخير من ما يسمى بالحراك السياسي العراقي ، ولكن الغائب عن هذا الكرنفال الديمقراطي هم الديمقراطيون العراقيون ، الذين كان من المتوقع ان يتصدروا اي مسار ديمقراطي ، لكونهم الرعاة الحقيقيون للديمقراطية ، واشد المكونات السياسية حرصاً على ممارستها ودعم انجازاتها .
وليس بكثير من العناء يصل المرء الى الاسباب الكامنة وراء هذا الغياب ، فمن المعروف ان النظام الدكتاتوري السابق قد سحق هذا التيار وبخاصة قواه الحية باكثر ضراوة مما فعله مع القوى الوطنية الاخرى ، واذا ما ترك لقوى الاسلام السياسي بعض المنافذ ، راحت تتنفس منها بخلسة من عيون اجهزته الامنية الضاربة ، مثل المساجد والحسينيات ، الا انه لم يترك اي متنفس للقوى الديمقراطية عامة وبخاصة اليسارية منها ، هذا ما خلف حالة انكماش والشعور بالوهن لدى بعض اطراف التيار الديمقراطي للحد الذي جعلها تشعر بالخوف من الابتلاع حتى من قبل اطراف هذا التيار الاقوى نهوضاً والاكثر ثباتاً رغم جراحها الاعمق ، ولهذا نجدها تبحث عن ( سور سليمان ) كما يقال لتلوذ به او في اقل تقدير لتحصل على قدر معين من الرعاية حتى وان كان ذلك ينطوي على اضعاف للهيبتها السياسية للاسف الشديد ، وهذا لا تأمل به من خلال عائلتها الديمقراطية البعيدة عن السلطة والنفوذ.
وكانت مخلفات ذلك قد تجلت في مواقف تتسم بمحاولة هذا البعض للنئي بنفسه عن نسبه الديمقراطي والتخل عن القيام بواجب انهاض قامة هذا التيار في الساحة السياسية العراقية التي هي احوج اليه من غيره في هذه المرحلة ، لكي يأخذ طريقه نحو استعادة امجاده النضالية التي كانت تكاد تنفرد دائما بامتلاك زمام النهوض الثوري ضد الانظمة الرجعية والدكتاتورية ، لقد ترددت هذه الفصائل الديمقراطية عن الإئتلاف مع الاطراف الديمقراطية الاخرى ، ومضت شوطا بين حانة ومانة تعيش حالة الحيران الخجل ، الا ان طغى نفس المغادرة مما اضطرها الى ان تتخلى عن حالة التردد وتستقل عربة الإئتلافات الكبيرة ، من دون حتى تلويح بالوداع لرفاق الطريق .
ليس الامر بغريب ، فالارشيف والتاريخ يشهد على مثل هذه المواقف ، ولكن جماهير التيار الديمقراطي تترقب من رموزه التعبير عن ارادتها في الظهور بقائمة انتخابية لكي تكون قبلتها في التصويت يوم 16 من كانون الثاني 2010 ، بالرغم مما تعرض له التيار من تخل بعض رموزه والالتحاق بركب الكتل الكبيرة ، دون اي حساب للمسؤولية التاريخية التي تقع على عاتق كافة القوى الديمقراطية في انهاضه من وسط الظروف الحالية التي تحيق به ، كما ان له واجب مهم في ارساء الديمقراطية بمنظومتها الكاملة ، حيث تتعرض الى للتجزئة والاختزال على الآلية الانتخابية ، ان التخلي عن وحدة التيار الديمقراطي في الساعات الاخيرة من السقف الزمني لتسجيل الكيانات ، يعتبر قرينة ادانة تترتب عليها احكام جماهير هذا التيار ، وبخاصة عندما لا يخرج التيار بنتائج انتخابية تحفظ له مكانته التي تتناسب مع تاريخ قواه واحزابه النضالي المليئ بالتضحيات الجسام التي تحسب بحق صانعة لجسور التحرر والحياة الجديدة في العراق .
لا نريد ان نكثر من لفت الانتباه لفصائل التيار الديمقراطي الوطنية المناضلة ، لكونها مدركة لتضاريس الساحة السياسية العراقية الحالية ، غير ان الخطوات العجلى ومصحوبة بالنظر الى الاعلى قد تخطئ موطئها الصحيح ، حينها تكون العواقب لا تحمد عقباها .