|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأربعاء  21  / 1 / 2015                                علي عرمش شوكت                                  كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

 اضرابات العمال العراقيين.. انذار ساخن للحكومة

علي عرمش شوكت

اكد منظروا الطبقة العاملة منذ القرن التاسع عشر بـ { ان الطبقة العاملة عندما تناضل وتثور لا تخسر سوى اغلالها} لان الذي يدفعها الى الثورة هو، الحرمان من ابسط الحاجات الانسانية اي الفقر المتقع واثاره المدمرة، من جراء الاستغلال الجشع من قبل ارباب العمل. اما في بلادنا فنجد العمال في الشركات الحكومية ذات التمويل الذاتي، يتعرضون الى اضافة تعسف فوق مصادرة قوّة عملهم، لم يقدم عليه حتى اكثر الرأسمالين ظلماً واستغلالاً والمتمثل حيث لم تُدفع اجورهم. والمفارقة في ذلك، لم يجر عليهم الظلم من قبل ارباب العمل الرأسمالين، بل من قبل حكومة تدعي العدالة وخدمة مواطنيها !!.

لا شك ان - الجوع ظالم – كما يقول المثل الشعبي ونتيجته المنطقية قدعبر عنها اصحاب مثل الاخر بـ " ان العطشان يكسر السد" بمعنى ان التعسف بحياة الناس وبخاصة العمال، يدفع لا محالة الى النضال الساخن في سبيل استرداد الحقوق المهضومة، وما نراه من مظاهرات عمالية في العديد من المحافظات العراقية، ماهو الا انذاراً ساخناً للحكومة، التي لم تدرك خطورة اهمال مصالح الشغيلة عموماً، التي تشكل المحور الاساس الذي تستند اليه الجبهة الداخلية في الصراع القائم مع اعداء الشعب العراقي واعداء الحياة من القوى الظلامية المتوحشة.

ومن نافلة القول ان العوائل العمالية الكادحة هي التي تغذي القوات المسلحة بابنائها، سيما وان قواتنا اليوم تعتمد على الخدمة التطوعية وليست الألزامية، اي لا ينخرط في هذه القوات سوى الفقراء من ابناء العمال تطوعاً كفرصة عمل، "والحليم تكيفه الاشارة" وبيت القصيد هنا هو، حجم اثر اشكالية قطع رواتب العمال ولقمة عيش عوائلهم على ابنائهم المتطوعين في الجبهات القتالية الامامية.. لماذا لا يدرك اصحاب القرار مدى تأثر الجندي المقاتل عندما يسمع والده العامل او والدته العاملة صارخين ومطالبين بضرورة استرداد الراتب المقطوع منذ اشهر؟؟، ولماذا لا يعي المسؤولون خطورة اضطراب الجبهة الداخلية، وماذا تشكل من ثغرات حارقة خارقة تسفر اعقابها وعواقبها لصالح "داعش" وتوابعها من اعداء العراق المنهوب المنكوب.

تدعي الحكومة بان "شركات التمويل الذاتي"، شركات خاسرة. وهذا ما يزهق النفوس لمرارته وصلفه، لكون هذا الادعاء يتجاهل مبعث الخسارة المشار اليها، التي صنعها اهمال الحكومة ذاتها لعملية الانتاج في هذه الشركات، وليست بفعل العمال انفسهم، ومن هذا المفترق اتجهت انتاجية الشركات الى طريق الخسارة. ومن الانصاف النظر الى ماضيها عندما كانت منتجة ورابحة، فهي دون ادنى لبس كانت ارباحها تذهب الى خزينة الدولة لمدة عقود طوال؟؟. حيث انها خلاصة عرق وكدح هؤلاء العمال والشغيلة عموماً. فبأي حق قانوني تقطع رواتبهم اليوم ؟. وبالمناسبة لابد من لفت الانتباه بان الحكومة توفر اموالاً طائلة لمناسبات وفعاليات اقل ما يقال عنها غير منتجة، ولا تنفع الاقتصاد الوطني بشيء، وان كانت لابد منها راهناً. فلماذا لا تعدل الحكومة بما يعالج احوال العمال المعاشية، على غرار ما يرصد لتلك الفعاليات بصورة باذخة !؟؟.

ان التجويع بقصد او بدونه، لن يمر على المتضور جوعاً بسهولة، دون ان يُعجّل بظهور ردة فعله بذود عال، يضاهيه بالتأثير والقوة، ويعاكسه بالاتجاه. يعرف القاصي والداني ان ارزاق الناس عموماً خط احمر. ومع ما هو حاصل بصدد رواتب العمال، غير ان ثمة امل في حكومة السيد العبادي، ان تعالج الامر بروية، كما جاء بباكورة اعمالها من معالجات صائبة رغم ما يحيطها من عقبات جعلت سياقاتها تتسم بالبطء المعطل. ان ظاهرة الحراك العمالي المتسع تعلن دون ريب عن وعي طبقي ووطني تتحلى به القوى المنتجة العراقية "الطبقة العاملة"، بغية استعادة دورها في الحياة السياسية في البلد، رغم محاولات تهميشها على الصعيدين السياسي، وذلك بحرمانها من التمثيل في البرلمان" فلا نسبة للعمال ولا كوتة لهم" وفقاً لقانون الانتخابات المجحف، وكذلك على الصعيد الاقتصادي بتعطيل الصناعة الوطنية، وذلك بعدم وجود الموازنة التجارية ولا للسيطرة النوعية على المستوردات، التي تحفظ المنتوج الوطني، مما جعل البلد سوقاً للمنتوجات الاجنبية، التي من شأنها ان تشفط موارده المالية من العملة الصعبة من خلال عقود تجارية كاذبة غايتها الاولى غسيل الاموال وتهريبها. والحاصل اليوم ليس بحاجة الى دليل.
 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter