علي عرمش شوكت
الأثنين 21/9/ 2009
محور العدالة الانتخابية يتكئ على الدائرة الواحدةعلي عرمش شوكت
لا يمكن القول بان العراقيين قد حصلت لديهم الخبرة اللازمة في العملية الانتخابية ، بقدر ما بالامكان الاشارة الى حصول اكثر من تجربة لديهم في هذا المضمار ، ربما قد تضع حجر الاساس لخبرة مستقبلية يمكن البناء عليها في الحياة الديمقراطية الجديدة ، طبعا اذا ما اقيمت دولة المؤسسات في هذا البلد ، ان هذه التجارب التي اشرنا اليها قد اعطت انطباعاً بل وتاكيداً بانها كانت منتهكة ، من قبل الكيانات السياسية المتنفذة ، مع انها لا تخلو من المنفعة ، ربما ياتي في مقدمة ذلك هو ان العراقيين قد اكتشفوا بان كل فرد منهم يمتلك حقا الا وهو صوته الانتخابي ، الذي هو بمثابة سلاح يتمكن بواسطته استرداد حقوقه التي كانت ضائعة دهراً طويلاً ، هذا اذا ما احسن استخدامه ، طبعاً في ظل حياة ديمقراطية سليمة ، بمعنى ، الى من سيطيه ، ولاجل من ، وكيف سيلاحقه حتى يسمع صداه المتجسد بتحقيق ما يصبو اليه .
يشهد للديمقراطية بانها تمتلك سمة مميزة لها ، هي ضمان حق الاختيار للجميع ، وكفالة وصول الفائز الى الموقع الذي تجري العملية الانتخابية بغية الوصول اليه ، هذه هي قواعدها ، التي تجيز النتائج الصادقة لحق الاختيار فيها ان يتبوأ الموقع المعين حتى من كان فاشياً ، على غرار وصول النازيين في المانيا الى سدة الحكم في مطلع الثلاثينيات من القرن الماضي ، الا ان الممارسة الديمقراطية في العراق قد تعرضت الى الاغتصاب والسطو المسلح بـ ( قوانين ) مجيرة لصالح من اصدرها واقرها ، تمهيداً لاختلاس اصوات الناخبين ، اذ كان القاسم الانتخابي قد طوقت قيوده عنق اصوات الاحزاب التي لم تتمكن من تحقيق هذا القاسم ، بفعل انتشار قواها وعدم تركزها في مكان معين ، هذا اضافة الى ان هذه القوى رفضت التمحور الطائفي والعرقي ، وكانت عملية مصادرة الاصوات قد مهد لها بجعل العراق عدة دوائر انتخابية ، وكذلك فوضى تشكيل الاحزاب والكيانات الانتخابية .
ان الديمقراطية نظام متكامل ، غير ان الذين بيدهم القرار لجؤوا الى تعليبها ، حيث اختصرت بالعملية الانتخابية فقط ، مما ادى الى ان يُسمع في الشارع اصوات كثر تلعن هذه الديمقراطية وتلعن من اتى بها الى العراق ، ليس حباً بالدكتاتورية ، ولابسبب فرض آلية لا تحقق العدالة الانتخابية ، مثل اعتماد الدوائر الانتخابية المتعددة التي من شانها بعثرة اصوات الاحزاب والاقليات التي لاتتمكن من تحقيق القاسم الانتخابي ، انما الادهى من كل ذلك فرض القائمة المغلقة والتى لا تعني سوى فرض اشخاص في البرلمان ومناصب ادارة مؤسسات الدولة يفتقرون الى الكفائة المطلوبة ، وبمعنى من المعان ، انه ايهام الناخب وخداعه وجعله يمنح صوته الى من لايستحقه ، وفي نهاية موسم العملية الانتخابية المحجمة هذه يأتي حصادها عصفاً مأكولاً ، ماعدا بقاء طعم المسؤولية منقطع النظير لدى من هم فيها وعليها ، مما جعل باصحاب المقامات في الدولة يستشرسون في التمسك بكراسيهم باي ثمن ، بل ويتزاحمون ليس بالمناكب وانما بالاخامص والدسائس لازاحة بعضهم البعض عن مواقع السلطة والمال والنفوذ .
ويعجز المرء حقاً عن وصف الصلافة والاصرار على بقاء قانون الانتخابات الظالم ، فلا اي جهد مبذول ولا حتى التفاتة لمعالجة تذكر في هذا الشأن ، في الوقت الذي يسعون ليل نهار لتغيير عناوين إئتلافاتهم لعل في ذلك تخليص الناخب العراق مما اعتمل في نفسه من تراكم الغضب تجاههم ، واذا ما تعني هذه المحاولات شيئاً فانها اول ما تعنيه ، هو تكريس الحال على ما هي عليه ، فهم عاجزون عن ان يعملوا غير المراوحة في احسن الاحوال التي تبقى محفوفة بخطر احتمال الاشتباك على اثر التدافع نحو كرسي رئيس الوزراء .
اذاً لا رجاء من تحقيق العدالة الانتخابية التي يتكئ محورها على وجود الدائرة الانتخابية الواحدة ، والتي يحتمل استبعادها من التعديلات المزمع اجراؤها في قانون الانتخابات خلال الدورة البرلمانية الحالية ، اي قبيل الانتخابات القادمة ، هذا اولاً اما الهم الاخر فيتمثل بفرض القائمة المغلقة التي لا تستفيد منها سوى الكتل الكبيرة من ما لها من ( برستيج ) سيأثر حتماً على ميل الناخب البسيط طبعاً ويوهمه لاختيارها بدلا من اختيار قائمة الاحزاب الصغيرة بحجمها الانتخابي ، هذا وللحديث بقية .