علي عرمش شوكت
معادلة العدالة المقلوبة في العراق الديمقراطي !!!علي عرمش شوكت
هكذا العدالة والا فلا ، لا توجد في هذا العصر قوانين موضوعية او وضعية تقر بمكافئة الجلاد وحرمان ضحاياه. الا بعرف الطواغيت والمستبدين، ولكن عند البحث في سنن النظم الديمقراطية سوف تجد العدالة منحازة للضحية قطعاً، فاين هي العدالة في نظامنا الديمقراطي الذي يسعى كما اشارت الانباء الى اعطاء رواتب تقاعدية لفدائيي صدام ، في حين رفض لحد الان منح ضحايا البعث وانقلابه الفاشي في 8 شباط عام 1963 اي حقوق تقاعدية او شيء من هذا القبيل. هؤلاء الذين كانوا بمفردهم قد تصدوا لمؤامرة نحر ثورة 14 تموز وقائدها الشهيد الزعيم عبد الكريم قاسم.
يبدو ان القوى الحاكمة اليوم، كانت بالامس ترى انقلاب شباط 1963 الدموي على ثورة تموز بعين الاعجاب وتحسبه ( عروس الثورات ) كما كان يوصفه حزب البعث، وعليه لا حق يذكر لضحاياه . وعلى نقيض ذلك ومن ذات الرؤية القاصرة يتصور بعض اصحاب القرار بان مخلفات نظام صدام كفدائييه واذرعه القمعية هي الاقرب اليهم من القوى الديمقراطية وفي المقدمة منها الشيوعيين على وجه التحديد، الذين اول من دشن فيهم الانقلابيون المقابر الجماعية على اثر مجاور ذلك الانقلاب، حيث دفن الالاف في تلك المقابر وبعضهم كانوا احياءاً. ولهذا يحاولون حكام هذا الزمن كسب اعتى واشرس ما تركه النظام المقبور من فلول بامكانها ان تكون خير اداة قمعية ، وذلك باعطائهم ما لايستحقونه من امتيازات الرواتب والمراتب، التي يحرم منها مناضلون اشداء قارعوا وعلى امتداد تاريخ العراق السياسي كافة الانظمة الدكتاتورية.
ولم يتوقف الامر عند هذا الحرمان للسجناء السياسيين غير المبرر قطعاً، انما يمتد الى الالاف من المفصوليين السياسيين ايضاً، وبهذا لم يبق مجال للتفسير لهذه المعادلة المقلوبة، التي تنص على ان يتمتع المجرمون والقتلة بامتيازات لا يستحقونها من ازلام صدام، وفي ذات الوقت يحرم ضحاياهم من اية حقوق مشروعة، وهم مناضلون منحوا الوطن والشعب كل اعمارهم في سبيل تحقيق الحياة الديمقراطية وارساء العدالة الاجتماعية، ولايمكن لمنصف ان ينكر فضل السجناء السياسيين في احلال التغيير وان يتبوأوا هؤلاء الحكام الجاحدون مواقع السلطة الجديدة، واليوم طلعت علينا الاخبار تعلن عن نية الحكومة اعطاء فدائيي صدام الحقوق التقاعدية، واذا ما سارت الامور على هذا المنوال المائل ربما غداً نتفاجأ بادانة السجناء السياسيين السابقين من ضحايا الانظمة الدكتاتورية، بوصفهم المخربين او باية تهمة، ومن الجدير التنويه عنه هو تلك المفارقة المقلوبة والمتمثلة بانكار حتى صفة المفصولين السياسيين عن هؤلاء الضحايا. واذا ما حسبنا تلك المكافئات للمجرمين من فدائيي صدام في سياق البعد الانساني والسماح والمصالحة الوطنية، اليس الاولى بالحكام ان ينصفوا المناضلين البواسل الذين هزوا عروش الدكتاتوريات وعبدو بتضحياتهم المختلفة طريق الديمقراطية والعراق الجديد؟ .
وغالباً ما يتساءل المفصولون السياسيون عن الجهة التي يبعثون بشكواهم اليها، لكون كافة الجهات المعنية انكرت عليهم حقوقهم هذه، ولم يبق امامهم سوى ( محكمة العدل الدولية في لاهاي )، مع انها مختصة بالجرائم ضد الانسانية، ومع ذلك فان حرمان السجناء السياسيين من حقوقهم التقاعدية لا يبتعد كثيراً عن تلك الجرائم، وان لسان حالهم يقول ما باليد حيلة، اذ غدا اللجوء والاستجارة بالاخرين سبيلاً مجرباً لازاحة الظلم والظالمين عن كواهل المضطهدين، وبخاصة اذا لم تنفع مع الطغم الفاسدة المستبدة النضالات الحضارية كالمظاهرات المطلبية السلمية، لاشك ان من بقى حياً من السجناء السياسيين العراقيين من ضحايا انقلاب شباط الفاشي عام 1963 نجده مشاركاً اليوم في المظاهرات الجارية في البلاد، وليس بدافع الحصول على حقوقه المصادرة وانما مواصلة لدوره النضالي الذي قدم زهرة شبابه في سبيل الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وهذا هو ديدنه وسوف يبقى .