علي عرمش شوكت
السبت 22/12/ 2007
الراصدالمعلمون ... عالقون على رصيف المشقة !!
علي عرمش شوكت
بات اغنياء العلم في العراق فقراء الحال ! ، نستغرب ومعنا ابناء شعبنا اذا لم نقل معنا العالم اجمع ، عندما نسمع بأن اوضاع المعلمين المشار اليها قد صارت في العراق الغني بماله وبحب شعبه للعلم واصحابه في سلة المهملات ، فيا ترى ماذا يجري في هذا البلد الذي يقول اصحاب القرار فيه انه متوجه الى خطة انفجاري ، والتي رصد لها في العام الجديد فقط ميزانية تقدر بما يقارب من خمسين مليار دولار ، وهنا يأتي السؤال الساخن جدا : كيف ستتفجر الخطة المذكور وباب العلم مخلعة ؟! ، ان اعمارالاوطان يبدأ من تقويم الانسان الذي لابد ان يصاحبه البناء العلمي وتربوي من الصغر ، الذي ميدانه المدارس والمعاهد والجامعات ، ومهندسوه المربون المعلمون ، فهم الذين يضعون اللبنات الاولى للبناء عادة في المجتمعات الحضارية ، ليس مفهوما كيف يتمكن( رأس النفيضة ) متقدم الجوقة ، من انجاز مهمته وهو مركونا في زاوية المشقة والعوز ؟، وكيف سيفكر هذا المربي وهو يتلقى الاهمال بدلا من التثمين والدعم المادي والمعنوي ؟ .
ان اشتباك الاوضاع طولا وعرضا قد يخلق بعض التعتيم حول ما يجري تجاه الاسرة التعليمية ، من تعسف لاتفسير له سوى التعمد ، مع ان هؤلاء عموما هم المحرك لعجلة التطور والتنمية في اي بلد ، وفي العراق كانت شغيلة الفكر واليد ومعهما الطلبة يشكلون ثالوث النضال والصوت الوطني المدوي الذي كان وما يزال يهز الشارع العراقي اذا ما تحرك ، وسيجد صداه المباشر لدى عموم فئات شعبنا الاخرى ، وفي حسبنا ان حصيلة ذلك النضال المعمد بالتضحيات الجسام التي روت تراب العراق طيلة سنوات الاستبداد والظلم كانت الديمقراطية والحرية في بلادنا اليوم ، والتي جاءت بالنخبة الحاكمة ، فهل يصح ان يجري التعامل مع هذه الاركان الثلاثة لمسيرتنا النضالية والمستقبلية بالجحود والاهمال ومصادرة الحقوق المكتسبة ؟ ! على سبيل المثال بعد سقوط نظام الاستبداد جمدت اموال المنظمات المهنية ، ومن جانب اخر تم التمسك بموقف النظام السابق التعسفي تجاه نقابات العمال .
ومازلنا لم نبتعد عن هموم شغيلة الفكر، والمقصود هنا ( الاسرة التعليمية ) التي تعاني في ظل الديمقراطية من مواقف الاهمال والتعسف ، فيقتضي التذكير بان المعلمين والتدريسين عموما ينبغي الا يحسبون بصورة مجردة ، وانما بالارتباط مع حشود تلاميذهم وطلبتهم ، واذا ما اصابهم الحيف لابد ان يمتد الى توابعهم الطلبة والعاملين في مجال التربية عموما ، الذين يعدون بالملايين ، ولاشك انهم كانوا ومازالوا اصواتا مقررة في اية عملية انتخابية قادمة ، ونود هنا ان نذكر المنتخبين في مجلس النواب بان اكتسابهم لعضوية البرلمان كان بفضل هذه الاصوات التي تبح اليوم للمطالبة بالمسواة مع زملائهم المعلمين في اقليم كردستان ، وان المساواة حق مشروع تقره قوانين العدالة الموضوعية قبل القوانين الوضعية ، فعلى اي رصيف يقف اعضاء مجلس النواب اصحاب القرار الذي يبدو لحد الآن مخلا بالعدالة الاجتاعية تجاه هؤلاء المهضومة حقوقهم ؟ ، ومن المعروف ان سير التنمية يسلك مسارين الاول يعنى بتنمية الانسان ، تربيته في مرحلة الطفولة وتعليمه بعد ذلك واعداده ليكون منتجا ومبدعا وقائدا في مجال عمله ، وكل تلك المفاصل تقع على عاتق المربين تحديدا، والمسار الثاني تنمية الاقتصاد الوطني وذلك بتعزيز وتطوير القوى المنتجة واستخدام ارقى وسائل الانتاج ، وهذه الاخيرة تعتمد اساسا على الكوادر المتعلمة وهنا يتجلى وصل العلاقة بين المسارين ، ان عدم العناية بهما تعني اول ما تعنيه قطع الطريق على التنمية ، والحصيلة يكون التخلف وتبعا له الفقر والبؤس لقطاعات واسعة من الناس وبخاصة الطبقة العاملة والطبقة الوسطى التي ينتمي اليها المعلمون في الاغلب .
المعلمون : اغنياء العلم فقراء الحال ،وهم منتجوا العلم ، ومجددوا الثقافة ، ومربوا الاجيال ، وخالقوا الوعي بشتى انواعه ، السياسي، الاقتصادي ، الصحي ،الثقافي ،..الخ ، فهؤلاء الذين يشكلون الرافعة العلمية والتربوية، ماذا يستحقون من ابناء جلدتهم الحاكمين ؟، الذين لاشك انهم تعلموا وبالتالي تمكنوا من الوصول الى مواقع الحكم بفضل الاسرة التعليمية قبل غيرها ، ان الموقف الحالي من المعلمين لايعني سوى الجحود المكعب ، وهو افساح المجال لسريان الجهل و التخلف بلا ريب ، فكيف ستحدد المسؤولية وماهو حكم التاريخ وجماهير شعبنا على هذا الاهمال الذي لايبرأ من كونه مقصودا ؟ ،