علي عرمش شوكت
الجمعة 23/4/ 2010
اتفاق الكتلتين الكبيرتين وحكومة الاغلبية البرلمانيةعلي عرمش شوكت
كانت الانتصارات الاخيرة على الصعيد الامني في العراق قد شكلت حافزاً لحلحلت الامور السياسية ، فالدافع الوطني بدا اكثر تصويباً ، واكثر سطوة على ارادة الكتل المتنافسة ، وبدد نسبياً غمامة المصالح الشخصية والحزبية ، الامر الذي وفر امكانية اختصار الطريق بين الكتلتين الكبيرتين المتنافستين ( دولة القانون ) برئاسة نوري المالكي و ( ائتلاف العراقية ) برئاسة اياد علاوي ، حيال عقدة رئاسة الوزارة الجديدة ، وعلى ذلك يمكن توقع حصول ما بانت ملامحه ، اي اتفاق الكتلتين على تشكيل حكومة اغلبية برلمانية تتقاسمان مواقعها السيادية هاتان القائمتان ، وعلى اغلب الظن ثمة قناعة لدى الطرفين في مسعاهما الذي لم يتخلص بعد من شرك المساومات والابتزازات والشروط التعجزية من قبل القوائم الاقل اصواتاً ، حيث وصل الامر بقائمة لا تمتلك سوى ثلث ما حصلت عليه القائمة الاولى ان تتماحك حول احقية تشكيل الحكومة !! .
ليس بالمفاجئ ان تتفق الكتلتان الاكبر ، وكان ذلك مؤملاً وضمن مساحة الترقب الايجابي لدى المراقبين والناس عموماً ، اذ انهما قد تعرضتا وما زالتا تتعرضان الى الابتزاز والضغوط ومحاولات تفريغ ما حصلتا عليه من استحقاقات انتخابية ، تمنحهما الاولوية في تشكيل الحكومة ، وكان التقارب الشديد في النتائج وكذلك التشبث في حق الاسبقية والتشكيك في سلامة العد والفرز قد صنعت سداً حال دون انسياب مجرى العملية الانتخابية ، وهذا ما اوجده البعض من الفائزين الاصغر كفرصة مناسبة للقفز على التراتبية في المواقع التي اسفرت عنها الانتخابات الاخيرة ، لذا يحسب التقارب بين دولة القانون وائتلاف العراقية اذا ما اخذ مجراه المنتظر والمطلوب بمثابة نقطة نظام ترفع بقوة لوضع الامور في نصابها الصحيح وهو من دون ادنى شك تصدياً يأتي في وقته المناسب جداً للحد من محاولات تهجين الديمقراطية ، التي هتكها البرلمان السابق باصداره قانون الانتخابات سيئ الصيت ، وغيره من القوانين المجحفة .
لقد جاءت الديمقراطية للعراق في ظل غياب الثقافة الديمقراطية ، بمعنى عدم وجود حاضنة اجتماعية واخلاقية لها ، فنرى من يحاول فرض ارادته ويسجل ذلك على عهدة الديمقراطية ، ولم يكن ذلك في نطاق البرلمان فحسب انما تجلى في عمليات الاستيلاء على بعض منظمات المجتمع المدني وعلى سبيل المثال وليس الحصر ما يجري في نقابة المعلمين ، ومن هذه الدواعي تصبح حكومة الاغلبية البرلمانية التي توازيها حكومة ظل هي التي تفرض الرقابة المطلوبة على تطبيق القوانين واحترام بنود الدستور ، وسيادة مبدأ التبادل السلمي والديمقراطي لمواقع القرار في مختلف الميادين .
كان ضياع الاموال الطائلة فسادا وتبذيراً ، وضياع الجهود والفرص الزمنية التي من شأنها لو احسن التعامل معها لخلقت نهضة في اعادة بناء الدولة العراقية ، كان ذلك الضياع والتخريب وفي ظلهما اعمال الارهاب تعود قطعاً الى غياب الحرص والرقابة البرلمانية ، لابل ان البرلمان ذاته كان بحاجة الى رقابة وطنية وشعبية ، هذا ما يعطي قدراً عظيم الاهمية لحكومة الاغلبية البرلمانية التي تقف المعارضة البرلمانية رقيباً وحسيباً امامها ، اليس هذا الف باء الديمقراطية ؟ ، ان مظاهر الاستعصاء والتأزم في مسار العملية السياسية لا يبتعد عن ضعف بل انعدام الرقابة الدستورية ، كما ان غياب وتهميش القوى الديمقراطية عن مواقع القرار ساعد هو الاخر على اباحة التجاوز على قواعد الممارسة الديمقراطية .
ويبقى الامر العاجل جداً هو تشكيل حكومة الاغلبية البرلمانية ، وهنا تتحمل المسؤولية الاكبر القائمتان الكبيرتان ، دولة القانون و العراقية ، لكونهما بايديهما الحل وذلك في الاقدام على وضع المصلحة الوطنية فوق المصالح الحزبية ، واتخاذ القرار الحاسم المنتظر من قبل الشعب العراقي بالاتفاق وتشكيل حكومة ، وبذلك يقطع الطريق على من يتحين الفرص لنسف العملية السياسية .