علي عرمش شوكت
حكامنا فشلوا ..والفشل يولد التمرد
علي عرمش شوكت
عاش العراقيون عقوداً مختلفة المديات والانماط من القهر والاستبداد ومصادرة الحريات والحقوق وانعدام الامان، وفي مراحل متقلبة ومتعاقبة، بيد ان الظلم لم يدم وغالباً ما ينته هذا الشكل اوذاك من العسف بنهاية غير مشرّفة للحكام. حيث عقاب الشعب ياتي في نهاية المطاف، واذا امهل فانه لا يهمل. ولكن ما يدفع المرء الى الاستغراب هو توارث الحكام خصلة الغباء المطبق، الذي يتلبسهم حينما يعتلون كرسي الحكم فيتناسون ما آل ليه مصير اسلافهم، وبحكم ذلك تجدهم " زاهدين " بالاتعاظ من ذلك.. !!.
ان الحكّام الفاشلين حالهم حال لاعبي القمار في الاغلب، فكلما خسروا تمادوا باللعب اكثر، هذا ما نعيشه اليوم مع حكام البلاد، بات فشلهم مكعباً، لم يبق مجال سالماً من ضرباتهم القاضية، وقبل هذا وذاك سددوا ضرباتهم للعملية السياسية فاستأصلوا الديمقراطية حيث ماتت الشراكة في القرار السياسي، فامعنوا في غيهم سارقين اصوات الناخبين، ولم يتمكن حتى القضاء لحد الان من استرجاع هذه السرقة الفاضحة، حتى وان استعين بسلاح ( سانت ليغو ) فلم يتوانوا لحظة عن ان ينقبوا في الدفاتر القديمة فيجدوا هراوة الطغاة ( دو هونت ) التي تبرر الظلم واغتصاب اصوات البعض وتحويلها لصالح النخب الاقوى.
وغدا فشل الطبقة الحاكمة ظلاً يلاحق خطواتها، بل و يسبقها، ففي المربع الامني لم تصمد مسخرة حسابات الحفاظ على بضعة امتار تحيط بمواكب او بيوت المسؤولين، فكلما زاد الارهاب وجد المتسلطون فرصتهم الذهبية، ومبرراً لتوظيف مليارات اضافية بحجة تقوية الامن. وهنا قد يختلفون بعض الشيء عن صفة المقامر، الذي يظل خاسراً، انما هم هنا رابحون. وهذا سر بقاء انفلات الامن، مما يوفر افضل الفرص لتصاعد الارهاب، الامرالذي ادى بقوات الجيش والشرطة الى ان تنزف مزيداً من الشهداء والخسائر، اما " مآثرها " فهي تصب في مجرى توفير الحفاظ على قادتها وتبقيهم بمنآى من الحساب والارهاب مطمئنين في حاضرة المنطقة الخضراء.
لا يتكلف المرء عناء معرفة استمرار انحطاط الاوضاع، فالكتل المتنفذة لايناسبها استقرار الاحوال، لان في ذلك لا يمكنها من التستر على الفساد الذي صار يضرب اطنابه في مختلف مناحي الحياة، والغريب ان تُسمع من بعض حواشي الحكام، ( بان اموال العراقيين قد سرقت في العقود الماضية من قبل طائفة معينة، وقد جاء اليوم الذي تسترد فيه الطائفة الاخرى حقها حتى وان كان بطرق لا مشروعة..!! ). غير انه وفي ظل هذا الانحلال الاخلاقي والامني قد امسى الفساد لا يقتصر على لون طائفي او فئوي معين، وذلك بفضل توفر الحماية لعتاة المفسدين، وقد بات وباءً اصاب كل من فقد مناعة العفة والنزاهة للاسف الشديد.
ان الفساد الامني والمالي في الوقت الذي ازهق الارواح قد ازهق النفوس ايضاً. ومن جرّائه تراكم الغضب لدى المواطنين، مع انه مكتوم في الصدور، الا انه يلمس احياناً طافحاً هنا وهناك، في المظاهرات والكتابات في صحف الاحزاب الديمقراطية والوطنية وغيرها. اذاً الا يعتبر ذلك بمثابة طلقات تحذيرية للحكام ..؟ الذين اصابهم العشو السياسي و الصمم المتعمد، واصبحوا لا يسمعون دوي مفخخات الارهابيين التي تهز كافة مدن العراق. بل ووصلت الى كسر ابواب السجون وافلات اعداداً كبيرة من المجرمين والقتلة، وبذلك تساوى في عملية الافلات من العقاب، مجرمو القتل والارهاب ومجرمو الفساد ونهب اموال الشعب العراقي.
ان ارهاصات التمرد على غرار ما حصل في مصر الذي قام به ثوار الثلاثين من حزيران، من المتوقع انفجارها، وهذا على نظرية التراكم الكمي يؤدي الى تغير نوعي، لان كثافة التدمير وانفلات الاوضاع ومخاطر تفتيت العراق وضياع كفاءاته وامواله قد وصلت الى خارج اطر الاحتمال. وهنا يعلو نداء دعوة كافة القوى الحريصة والمخلصة للشعب والوطن بان تنهض بواجبها لتغيير الاوضاع قبل فوات الاوان، وبغياب ذلك، سوف لن ينفع الندم، بل وسوف يدفع الثمن باهضاً .