علي عرمش شوكت
الخميس 23/12/ 2010
وزارة ما ملكت أيمان الشركاء فيهاعلي عرمش شوكت
كما يبدو ان حرارة اللقاءات التي تمت في اربيل وبغداد قد اذابت تجمد الازمة، ومع كونها لم تأت في وقتها المناسب، الا انها قد ادت الى ظهور "مروج الحكومة" التي لا تعدو عن كونها خطوط ومربعات وحدود وحواجز لم يتمكن السيد المالكي من تجاوزها، او ربما هو الاخر قد حصلت لديه القناعة بها، وهذه مصيبة اعظم، و تجسد ذلك في لومه لرئاسات الكتل لكونهم لم يرشحوا عناصر نسائية لتسنم حقائب وزارية، ولكنه لم يلتفت الى نفسه الذي خلت ترشيحات كتلته من النساء، وحسناً ويحسب اليه عندما وعد او بالاحرى هدد بعدم حضور المجلس لعرض بقية الوزارات دون ان تكون فيها ترشيحات للنساء، ان هذه القضية الهامة قد اخذت مكانها المرموق في النقاش بفعل الانتفاضة النسائية داخل جلسة البرلمان، مما جسد تلك المقولة النضالية " ما ضاع حق ورائه مطالب "
ولكن من الذي سيرشّد الاجراءات التي جاءت مخالفة لدستور ديمقراطي حقيقي غير متحفظ عليه، كالدستور العراقي الحالي، والتي تجلت في مفاصل هامة من عملية تشكيل ما سمي بحكومة الشراكة الوطنية. من الطبيعي ان يكون البرلمان هو الفيصل الذي سيحسم هذه المخالفات، قلنا من الطبيعي ولكن لا طبع ولا حتى تطبع للبرلمانيين المعينين من قبل قادة كتلهم ان يؤدوا هذا الدور المشرف، وللعلم انهم يشكلون في برلماننا الجديد الاغلبية الساحقة، ولكي لا نبتعد عن القصد الاكثر الحاحاً، والمتمثل بتلك المخالفات المغلفة بيافطة التوافق، والتي سبق ان مررت في الدستور اصلاً، والآن في طريقها الى التمرير ضمن صفقة الشراكة الوطنية، سمعنا في التشكيلة الوزارية الجديدة، كيف حصل فتح "انفاق لافلات " المستوزرين من شروط اعطائهم كرسي الوزارة، فمثلاً يجب ان يكون الوزير حاصلاً على شهادة البكلوريوس، ولكن لغاية في نفس صناع القرار وضعوا الى جنبها كلمة " وما يعادلها " فما هو الذي يعادل شهادة الطب لمن سيكون وزيراً للصحة مثلاً، او شهادة الهندسة الكيميائية او جيولوجية المفترض ان تكون لدى وزير النفط في اقل تقدير. ؟
ولكن الذي تبين من خلال تشكيلة الوزارة الجديدة ، يدلل على تجاهل مقتضيات بناء الدولة العراقية، التي لا ينهض بها الا تطبيق مبدأ الرجل المناسب في المكان المناسب، مع التقييد بمعايير النزاهة والكفاءة اولاً، واذا قلبنا هذه التشكيلة سنجد فيها عسكرياً سابقاً قد انيطت به وزارة الثقافة، وكأن الذي اختاره يريد بذلك الرد على مطالبة المثقفين العراقيين باعطاء هذه الوزارة الى احدى الشخصيات الثقافية او الادبية المعروفة، لكي تتخلص من المحاصصة المقيتة التي عانت منها طيلة فترة الحكومة السابقة، ومثل اخر وهي وزارة النفط التي اعطيت لطبيب، اما الوزارات الاخرى فحدث بلا حرج ربما اعطيت بعضها الى خريجي المدارس الدينية الذين لا ترقى شهاداتهم الى مستوى الاعدادية . فهل من مقتضيات حكومة الشراكة الوطنية، ان تلغي مستلزمات بناء الدولة الوطني ؟؟
ولا يفوتنا ان نشير هنا، الى ان تسمية حكومة الشراكة الوطنية بحد ذاتها لا معنى لها في ظل المنظومة الديمقراطية، والتي تلعب فيها عملية الاختيار دور " الخلاط " اذا جاز هذا الوصف، والذي لا يدع مجالاً للتمايزات العرقية والمذهبية والفكرية، طبعاً اذا ما كان هنالك شعباً واعياً لمصالحه المباشرة، وفي خلاصته يتجه الى سيادة الهوية الوطنية وما تتحلى به من نزاهة وكفائة، وليس شراكة المكونات العرقية والدينية، في رحاب شعب مختلف بمستوياته الثقافية ومناهجه الفكرية وانتماءاته السياسية، وعلى سطح هذه الحال تعجز ان تقف وتدعي اية كتلة سياسية ومهما كانت حصلت على اصوات انتخابية بانها تمثل كافة افراد اي مكون قومي او ديني بالمطلق. حينها تبطل ادعاءات ما سمي بالشراكة الوطنية بين المكونات العرقية والدينية.
اما الامر الذي لامكان له في الحياة الديمقراطية، ان يوجد في ظلها بورصة لتسعيرة المقاعد النيابية، التي يتحكم بها كبار ملاك اصوات الناخبين من رؤساء الكتل المتنفذة، فقد تم تصعيد سعر صرف قيمة كرسي الوزارة الى تسعة مقاعد نيابية، وكان الهدف منه هو ابعاد الكتل الصغيرة الحاصلة على خمسة او ستة او حتى ثمانية مقاعد، كالذي حصل لكتلة التغيير الكردستانية، التي ابعدت عن حكومة الشراكة الوطنية، هذا ما بان من مروج تشكيلة الشراكة الوطنية، فهو اول قطرها ولا نعلم ولعلنا نعلم كيف سينهمر مطرها.