علي عرمش شوكت
الخميس 24/1/ 2008
الراصدلا ينفع التحليق باجنحة عباس بن فرناس
علي عرمش شوكت
اصابنا الاحباط الشديد نحن المدافعين عن العملية السياسية ، ويكاد ينفذ عتادنا وما زلنا رابضين خلف متاريس الدفاع عنها ، املا منا بان تنهض وتقوى وتقف شامخة على قوائمها الاربع الصلبة والمتمثلة بالديمقراطية ، و المشاركة ، والعدالة الاجتماعية ، والفدرالية الموحدة ، واصبحنا ننقب بين ركام الاحداث لعلنا نجد بعض من الوسائل التي تعيننا على واصلة دفاعنا ، غير اننا عزمنا مؤخرا ان نعلن بكل صراحة ووضوح عن صعوبة الاستمرار في هذه المهمة ، وذلك بسبب الخلل الذي شل الخطوات الجادة الواثقة لمسيرة العملية السياسية ، ويعود ذلك تحديدا لعجز (حكمائها) عن معالجة عللها القاتلة ، التي تتجلى بالمحاصصة و الطائفية والعشو السياسي ونزوع النخب المتنفذة نحو الهيمنة والتخندق ، واقصاء الاخر ، حيث اخذت النخبة المتنفذة تمارس اساليب فرض الامر الواقع واعتباره تحصيل حاصل ، ولا مجال للتقدم او اصلاح الاوضاع بالرغم من ان الذريعة التي كانت يلوذون ويهربون من المسؤولية خلفها اي سؤ الوضع الامني قد انتهت تقريبا ، وكان من المنتظر ان تتحلحل العقد بعد الحراك السياسي الواسع والوعود التي اطلقها المسؤولون الكبار في الدولة ، ولكن بعد ما اعلن عن تشكيل ما سمي ب(المجلس التنفيذي) قد تبددت الآمال ، لأن مثل هذا الاجراء سيقطع الطريق امام المشاركة الوطنية في الحل المطلوب ، وهو تعبير واضح عن النزعة الاستفرادية بالقرار، وحصره بين الكتل الثلاث الكبيرة ، الائتلاف ، والتحالف الكردستاني ، والتوافق .
تحاول الكتل المتنفذة جاهدة التحليق باجنحة شبيهه باجنحة (عباس بن فرناس) التي سرعان ما تتداعى ويسقط المحلقون بها عندما تتعرض لاشعة شمس الحقيقة ، ان التشبث بالمواقع على حساب مصالح الناس والوطن سوف يؤدي الى الانطمار تحت غبار الاقدام العارية الجائعة الزاحفة نحو نيل حقوقها التي انتظرتها طويلا ، ان خمس سنوات مضت كانت اكبر فرصة لاختبار من تم اختيارهم لمواقع المسؤولية ، وقد جاء يوم الحساب الذي سينطق فيه صوت الجماهير ويقول: لقد اعطيناكم الثقة ونصبناكم على كرسي المسؤولية فما الذي حققتموه لنا ايها السادة المسؤولون ، وحينها سوف يصعب على هؤلاء القادة العبور مرة اخرى على السراط المستقيم (الانتخابات القادمة) وسوف يكون الخروج من الفردوس اي (خارج اطار الحكم) محتملا جدا لأن المواطنين المؤمنين لا يمكن ان يلدغوا من جحر مرتين .
ان حلاوة السلطة من الصعب الاستغناء عنها كما يبدو ، ولكن لسان حال المواطن يقول : كفاية ، الى هذا الحد ايها القادة المسؤولون ، فأما ان تصححوا مسيرة العملية السياسية واما سيصبح رحيلكم ضرورة سياسية ملحة ، ومن المعروف ان هنالك صعيدين من العمل المطلوب ، اولا تحقيق (عافية) للشعب وللوطن وذلك بالمشاركة الوطنية في اتخاذ القرارات المصيرية وكذلك فيما يتعلق بمعالجة الاشكالات المستعصية ، وثانيا القضاء على عوامل الانقسام بين ابناء شعبنا ، والتصدي لنوايا البعض لتقسيم وحدة البلاد ، والشروع ببناء الدولة العراقية الديمقراطية المدنية الفدرالية ،وهنا لانغالي اذ ما قلنا ان الفترة الزمنية الطويلة نسبيا قد جربت فيها مختلف الترقيعات ، واعادة توزيع المواقع ، غير ان تلك المحاولات لم تقنع المواطن بكونها وسيلة كفيلة باخراج البلاد من الازمة ، والغريب انها لم تقنع القادة السياسيين ايضا بانها لا توفر لهم الضمان في الاستمرار ببقائهم في مواقعهم الحالية ، وبالتمسك بعتلات التحكم والسيطر وتركز وتمركز حصصهم في السلطة وبسط النفوذ على ابناء جلدتهم ، لقد ظل الفقراء اكثر فقرا وبقي اللصوص اكثر لصوصية وضاعف الغني من غناه . ولكن هذه القاعدة لاتشمل من تداولوا الحكم ، فمن اسقط عن سدة الحكم خسر اغترافه للملاين من الاموال العامة ولكنه ظل سارقا وغنيا ، وعكس ذلك من تسلق الى السلطة ، فقد كان على قدر حاله كما يقال لكنه بات متخوما من الغنى المالي ، والحبل على الجرار .
خلاصة القول ان البلاد على حافة الانهيار اذا ما استمر المتحكمون بمماطلاتهم وفرض الامر الواقع والتشبث بحصصهم السلطوية ، متناسين حال المواطن الذي جلب لهم هذه المكاسب ، والذي كان جزاؤه هوعدم الحصول حتى على فرصة عمل لادامة حياته وحياة اسرته ، وانطلاقا من دواعي المسؤولية الوطنية يتطلب من الجميع تقديم التنازلات المتقابلة واعادة النظر بالعملية السياسية وتفعيل المصالحة الوطنية ، وارساء مبدأ المواطنة والمشاركة في اتخاذ القرار، كأن يصار الى تعديل الدستور ليعبر عن الطموحات المشروعة لجميع شرائح شعبنا العراقي ، ويختصر ما تبقى من فترة الانتخابات القادمة واجراؤها على قاعدة وقانون جديدين ، يضعان حدا لتزيفها وابعاد الفتاوى عن كاهل المصوتين ، وتحريم استخدام الرموز الدينية الضاغطة على قرار البسطاء من الناس ، وحينها اما تشكيل حكومة ائتلافات محددة ، او حكومة اكثرية برلمانية ، او حكومة وحدة وطنية يساهم بها الجميع ، ان التحرك الاخير للنخب السياسية ووعود بعض الكتل المنسحبة من الحكومة بالعودة اليها ، يشم منه رائحة الصفقات السياسية الخاصة على حساب الحل الجذري للازمة ، واذا ما تم على قاعدة المحاصصات الجارية فان ذلك سيعتبر صرارا على الطيران باجنحة شمعية لا تقوى على البقاء تحت حرارة المناخ السياسي العراقي .