علي عرمش شوكت
شبح المحاصصة متلبد في محادثات تشكيل الحكومة
علي عرمش شوكت
بعد التي واللتّيا. خرج مرسوم التكليف الى دائرة تشكيل الحكومة العراقية، خرج محفوفاً بانذارات وتحذيرات من قبل الكتل السياسية بصيغة المطالب " الملحة "، كشروط للتعاطي معه، اي المشاركة في الكابينة الوزارية الجديدة. وبلا ريب ان هذه المطالبات معظمها لا تفسير لها سوى كونها اعادة المحاصصة المقيتة التي قتلت الديمقراطية في مهدها ، واوصلت البلد الى مرحلة صفرية في مختلف مناحي الحياة. كما انها اخذت تتجلى بين استحقاقات انتخابية، وحقوق مكونات عرقية وطائفية، ومظلومية وحرمان محافظات بعينها!!، ولا نعلم كيف ستظهر امام السيد حيدر العبادي من مطاليب اخرى ما انزل الله بها من سلطان. والغاية من جلها لا تتعدى سوى اعادة انتاج المحاصصة الطائفية. بمعنى بقاء الحال على اسوء ما كان عليه.
لقد بدأ لعب الكتل السياسية المتنفذة على المكشوف فيما يتعلق بتشكيل الحكومة، وعلى اديم هذه اللوحة تتجسم مناسيب الوطنية لدى كل منها، ازاء ما تمر به البلاد من محنة وكارثة سوداء، جلبها الدواعش وحلفاؤهم من شذاذ الافاق وبقايا النظام السابق والتكفيريين مرتزقة. في حين لا احد بادر وقدم مطاليب او حتى مقترحات لحد الان الى رئيس الوزراء المكلف تصب في مجرى الجهد الكفاحي لمقاومة وطرد الغزاة الاجانب، وازاحة شرورهم التي لو استمر اهمالها ستحرق الاخضر واليابس ولا تبقي بالبلاد حجراً على حجر. ومن ابرز معالم المشهد السياسي العراقي هو، لم يبق على الساحة سوى القوى الوطنية والمدنية العابرة للطائفية متمسكة بالمصالح العامة للشعب والوطن، فهل تحسب بمثابة البواب المتسعة امام " المكلف السيد العبادي " التي يمكنه النفاذ من خلالها للخروج من حصار " قوم المحاصصة "..؟. لكي يتمكن من النأي بالتشكيلة الحكومية الجديدة عن دائرة المحاصصة، هذا طبعاً اذا ما كان قد اتعض من تجربة سلفه الفاشلة.
ان شبح المحاصصة الطائفية والاثنية ظل كامناً ومتلبداً في نهج معظم الكتل السياسة لتشكيل الحكومة، وهو الذي يكاد يشكل العقبة الاصعب امام مهمة السيد حيدر العبادي، ولهذا كما يبدو، حاول السيد رئيس الوزراء المكلف ان يطرق سبيلاً التفافياً لكي يفكك ملف " المطالب "، منطلقاً من اولا: عدم قبوله لاي مرشح لا يمتلك الكفاءة، وان يكون مختصاً بالوزارة المعنية، وثانياً: اعتمد وسيلة الترشيق للمجموعة الوزارية، متجنباً الخوض في مطالب الكتل الى مرحلة تعقب التشكيل، الا ان كافة الظروف الموضوعية تلقي بضغطها الشديد الوقع على قدرة العبادي في عبوره لعقبات المطالب، والتي تنتصب في مقدمتها تداعيات الحرب مع داعش، والمهلة الدستورية، والتي اذا ما انتهت ولم يتمكن من تشكيل الوزارة ستقض مضجعه.
ومن الجدير ذكره، اذا ما فشل السيد حيدر العبادي في تشكيل الكابينة الحكومية سيسحب حق التكليف منه ومن كتلته، حيث سيتحول الى حق لرئيس الجمهورية ليكلف من يشاء. دون شروط الكتلة الاكبر عدداً او سواها، وربما تبقى المقبولية الوطنية والكفاءة كشروط اعتبارية. هذه العقدة ربما تحفّز بعض الكتل السياسية لطرح مطالب قد تتعدى الاسس الدستورية في هذه المرحلة، ولا يعني انها غير عادلة ، الا انها لا يتناسب طرحها في مثل هذه الظروف، ولكن بامكان السيد العبادي ان يتفق مع "المطالبين" على خطوط حل عام تشكل حالة اطمئنان، وعلى سبيل المثال، وليس الحصر، تشكيل مجلس يتكون من قادة الكتل، وكذلك قادة احزاب العملية السياسية، يكون من شأنه اتخاذ القرارات المصيرية والهامة ، ويشرف على تنفيذ برنامج الحكومة المتفق عليه، والحفاظ على تطبيق بنود الدستور او تعديله.
ان هذا الامر والذي بمثابة مفتاح حل للاشكالات القائمة بين القوى السياسية العراقية، اذا ما اخذ العمل به طبعاً، لا يمكن ان يستكمل مقومات نجاحه من خلال لقاءات منفردة بين الكتل لا تستغرق الا ساعات، انما يتطلب عقد مؤتمر وطني يشمل جميع القوى الوطنية العراقية بغية وضع قانون ومهمات محددة له، تكون نتائجه ملزمة للجميع. ويتم التحضير له بجهود الجميع ايضاً.