علي عرمش شوكت
الأثنين 24/3/ 2008
الراصدالامن في العراق .. غفوة على وسادة ناسفة !!
علي عرمش شوكت
كان وما زال استتباب الامن هو الحلقة المركزية في الوضع السياسي العراقي ، غير ان هذه الحلقة المهمة لم تحظ بالاهتمام المناسب ، بل احيانا تغدو هامشية بنظر البعض ممن يرى امنه الشخصي (رصينا )، وهذا ما ينعكس على الاجراءات الامنية المتواصلة لملاحقة الارهابيين والمليشيات ،حيث تسودها حالات من الترقب السلبي ، والاغرب هوالافصاح عن خطط العمليات العسكرية مسبقا ، الامر الذي يصب في صالح قوى الرهاب ، فيتيح لهم فرص الزوغان والمطاولة ، والبعض الاخر يغني على ليلاه ، وهذه الطامة الكبرى فلا يريد للامن التحسن ، لانه في ظل هذه الاوضاع هو المستفيد الاكبر ! ، والبعض الثالث قصير النظر السياسي والامني معا ، اذ يرى حتى التحسن الامني الهش هو انتصار مطلق على الارهاب ، فيأخذ له غفوة ، لكنه لايفقه بان وسادته مفخخة ، وفي خضم هذا الوضع المفكك وغير معروف مديات المخاطر التي تحيق في البلاد يتناما العمل الارهابي ، ويأخذ اشكالا وانماطا متلونة ومراوغة ومتغيرة بتاكتيكات عسكرية غير عادية ، وفي حالات معينة تفوق قدرات الاجهزة الامنية ، ولاشك انها واردة من خارج البلاد لصالح المليشيات وعصابات القاعدة على حد سواء ، وهذا الامر الاخير اي عبور الاسلحة والخطط عبر الحدود لايخطر على بال المعنيين الامنيين كما يبدو ، والدليل هو انهم لم يتخذوا اجراءات حاسمة وملموسة تذكر في هذا الشأن .
وعندما شعر الارهابيون بأن المفخخات قد حوصرت من قبل الاجهزة الامنية العراقية وبات يصعب توفير ما تحتاجه من جهد وامور لوجستية واحيانا تكلف ارواحا من بين العاملين على صنعها او نصبها ، فما كان من مكرهم الا وحولوا العمل الى استخدام ( الهاونات ) التي تقل كلفتها وتتوفر صيانتها اكثر من صيانة الناسفات او السيارات المفخخة ، وذلك ما تجلى بوضوح في الاونة الاخيرة ، فالهاونات تطلق من مسافات بعيدة نسبيا ، ويصعب ضبط اماكن اطلاقها مسبقا ، او تجنب اضرارها ، وان ما يستخدم منها الان وحسب التقارير الامنية اغلبيته حديث الصناعة ، وينطوي على تطورملحوظ كأن يكون قادرا على الوصول الى مسافات مضاعفة عما كانت عليه الهاونات القديمة ، التي كانت لدى الجيش العراقي السابق ، وهذا ما يؤكد على ورودها من خارج العراق ، ان ذلك يطرح السؤال الذي مفاده ، اين الاجراءات الامنية لضبط الحدود ؟ ، واذا ما تسنى لنا ان نتفحص ما يستجد من الاساليب والوسائل الاخرى التي يدخلها الارهابيون ومن ورائهم الى عمليات تنفيذ جرائمهم ، فسنجدهم يمتلكون اسلحة كاتمة الصوت تلك التي تستخدم بالاغتيالات والخطف والسطو هذه التي تعتبر واحدة من الاساليب التي توفر للارهابين القدرة على الافلات من الرصد الامني ، ولذلك غدت في الاونة الاخيرة تستخدم على نطاق واسع ، يبدو من ما اشير اليه من تاكتيكات عسكرية ارهابية انها تفوق بصورة عامة قدرات الاجهزة الامنية ، ويعود ذلك الى الدعم المادي والمعنوي الاقليمي الدولي للارهابيين ، كما ويلمس غيابا للعمل المخابراتي الميداني الضروري الذي ينبغي ان يسبق اي عمل عسكري وذلك للحصول على احداثيات محسوبة مسبقا ، مما يسهل معرفة الاهداف وتسديد الضربات في مكانها وزمانها المناسبين .
ان لعبة المطاولة لم ولن تقتصر على تغيير الاسلحة والاساليب انما تتعدها الى جغرافية المعركة ، فيثير المجرمون القتال ويقومون بافعال وجرائم (نوعية) في محافظة معينة لكي يستدرجون القوات الحكومية الى هناك ، وما ان تتوجه هذه القوات اليهم حتى ينتقلون الى محافظة اخرى ، اما المرحلة الاخيرة التي وصلت اليها فهي اثارة الصدامات بمناطق غير معهودة بسخونة اوضاعها ، وعلى سبيل المثال وليس الحصر ، محافظة واسط مؤخرا، ان تجليات المعركة مع الارهابيين والمليشيات المنفلتة اسفرت عن اندماجا وتنسيقا بين كافة الجهات الخارجة عن القانون ، وهذه هي المرحلة الاخطر في المعركة ضد الارهاب ، لكونها تواجه مقاربات في الاهداف والوسائل بين تلك الجهات الارهابية، وبالمقابل لاتلمس اية اجراءات عاجلة وقوانين تحرم و تجرم الانتماء الى المليشيات والى عصابات الارهاب ، اينما ظهرت وباي شكل تجلت ، انما هنالك حالة من الترقب السلبي في اوقات معينة ازاء ذلك ، كما انها تبدو وكأنها حالة عدم اكتراث غير مسؤولة ، ان ما تقدمت الاشار اليه يؤكد حقيقة الغفوة الامنية ، التي حصلت على اثر التحسن الامني بالرغم من هشاشته المعلومة ، ويرجعنا هذا الى الرأي الداعي الى ضرورة وجود حزمة متكاملة من الاجراءات التي يتطلبها استتباب الامن ، ويمكن القول ان اهمها هي المصالحة الوطنية ومعالجة الوضع المعاشي والخدمي لعموم المواطنين .