علي عرمش شوكت
الخميس 25/10/ 2007
سيمفونية العملية السياسية بلا مايستروعلي عرمش شوكت
من الامور الهامة في عالمنا اليوم هو ان يكون لكل شراكة مايحكم الحفاظ على شد ازرها طلما مازالت في سياق الوصول الى الهدف المشترك ، واجمل صورة لهذا التناسق المكمل لبعضه ، هي السيمفونية الموسيقية التي تتكون من مجموعة انغام وايقاعات يشترك في عزفها عدد واسع من العازفين ، غير انها لا تصل الى المسامع ولا تشنف الآذان الا اذا كان لها (مايسترو) قادر على ضبط الايقاعات وانسجامها وعدم السماح للانغام النشاز التي تخرج عن ( النوتة ) المرسومة لها، فالعملية السياسية كالسيمفونية الموسيقية طالما تنطوي على تعددية سياسية مختلفة ، ويفترض ان تجمعها ( نوتة ) كالدستور او وثيقة شرف اوبرنامج حكومة تشترك فيها الكتل السياسية المختلفة ، ويفترض ان يكون هذا التنوع متناغم ويتحرك بانسياب ونسق واحد وله مرجع واحد مهمته الحرص على اخراج صوت هذه الباقة السياسية العراقية بأنسجام تام يعكس حاله على وحدة ابناء الشعب من جانب ، ومن جانب آخر يمثله بأمانة ، لكي تتمكن العملية السياسية من التطور والتقدم وانجاز مهمتها الاولى ، الا وهي الخلاص من الكارثة التي يعيشها العراقيون جميعا .
ومن الواضح ان هذه العملية لاتمتلك صوتا موحدا للاسف الشديد مع انها تمتلك اسما موحدا ( العملية السياسية ) ،فضلا عن ان المسمى يتعرض للتشويش ، فهنالك من يعزف منفردا نشازا بعيدا عن ما يوحد هذه السيمفونية الوطنية ، فآذان المواطنين تسمع من البعض ما لا ينعش الآمال ، وقد بات العزف المنفرد يشمل اغلب الاطراف بما فيهم المايسترو نفسه الذي يسمع احيانا وهو يعزف منفردا على وتره الخاص !، او يبدو متعبا وغير قادر على التحكم بالجوقة ، اذن اين العلة ؟ ، هل هي بالعملية السياسية ذاتها وينبغي اعادة النظر فيها ؟ ، ام في تركيبة الجوقة العاملة فيها ويتطلب تغيرها ؟، ام في المايسترو ( القائد ) الذي يبدو دوره غائبا ويفترض ان يكون له اداءا منسجما وفاعلا ؟ .
اسئلة عديدة تطرح غير ان اجوبتها تضيع وسط لجة الاحداث ، ويبدو ان لااحد من المعنين والمطلوب منهم الاجابة يتصور بأن له علاقة بذلك ، ولكن عندما تمس جوانبه مسا بسيطا ينتفض ويرفض ويهدد ويمكن ان يصل به الامر الى ان يلطم على رأسه صارخا لاحول ولاقوة الا له وحده في تقرير مصير ما هو ضمن حدود نفوذه ( حصته ) ، والحقيقة تقال ، لاقوته ولاحوله استطاع او يستطيع ان يفعل شيئا مثل ما انجز احيانا من دونه ، والامثلة عديدة ، ونأخذ مثلا واحدا مع اننا لسنا بصدد تبرئة هذا المثل من كونه عزفا خارج السيمفونية ، ولكنه اطرب النفوس حقا ، وهو الصحوة وتسليح العشائر الذي حقق ما عجزت عن تحقيقه القوات العراقية وكذلك القوات المتعددة الجنسيات من دونه ، اي طرد فلول القاعدة التكفيرية المسعورة ، ولكن يبقى سؤالا ملحا مطروحا حول الاسباب التي عوقت الحكومة من المبادرة في الوقت المناسب والقيام بهذه الخطوة وبالتالي تكون غير منفردة وضمن السياق وتحسب انجازا للعملية السياسية .
ان هذا الانجاز ينبغي ان يقوم - بتشديد الواو – ولايقاوم ، وذلك بمعالجة الثغرات التي تتخلله ، وان لا يبقى خارج مرجعية الحكومة ، اي ضرورة انضمامه الى سيمفونية العملية السياسية ، واذا ماتكرر في اماكن اخرى من البلاد فينبغي ان يكون المايسترو ( الحكومة ) هي اول من تبادر وتشرف على ادخال هذا النغم المريح ضمن المعزوفة الوطنية ، لقد جئنا بهذا المثل من بين امثلة اخرى ربما لاتقل خطورة واهمية ، ولكن تغيبت عنها مبادرة الحكومة في الوقت المناسب ، ويمكننا الاشارة الى حالة ملتهبة راهنة وهي المشكلة مع الجارة تركية بصدد وجود حزب العمال الكردستاني التركي (P K K) على الاراضي العراقية ، حيث كان التحرك ليس في الوقت المناسب ، وهنالك القوانين المعطلة في اروقة البرلمان ، وقضايا الفساد ، ومعالجة وضع المليشيات ، وحل مشاكل الخدمات ،وارتفاع تكاليف المعيشة المرهقة وبخاصة صعوبات اوضاع السكن ، وتأخر انتخاب مجالس البلديات ، وغيرها ، كلها تغيب عنها مبادرة الذين بأيديهم القرار لحل هذه الازمات الفرعية ، الامر الذي يخلق القناعة لدى المواطنين العراقيين بضعف اوغياب ( المايسترو ) لسيمفونية العملية السياسية ، فتجب المعالجة ايفاءا بالمسؤولية الوطنية والتاريخية .