علي عرمش شوكت
الأربعاء 25/8/ 2010
حصون المقاعد البرلمانية بلا حصانةعلي عرمش شوكت
حولت الكتل الفائزة في الانتخابات النيابية في العراق المقاعد التي حصلت عليها الى حصون تمترست خلفها لـ " تتقاتل " ليس مع خصوم العملية السياسية وانما فيما بينها. الامر الذي القى بكوارث لا حصر لها على كاهل الشعب العراقي، الذي يئن اصلاً تحت وزر العديد مما ابتلي به من جراء وضع ثقته بغير مكانها المناسب للاسف الشديد، وهذا الامر ينطبق على الكتل المتنفذة بلا استثناء ، لكونها تمارس ذات السيناريو " القتالي " الخارق لقواعد اللعبة الديمقراطية، فلا احد من هذه الكتل دفعته وطنيته او في اقل تقدير شفقته على محنة شعبه ليتنحى عن مهمة تشكيل الحكومة ويضع نفسه خارج دائرة هذا الاستعصاء لغاية تفكيك الازمة، ولياخذ دور الحكم والرقيب وتولي ادارة دفة المعارضة البرلمانية. واذا ما اقتضى الامر يقود معارضة الشارع التي هي القادرة الاكثر من سواها على امكانية تغيير القيادات الفاشلة الجاهلة في ادارة الدولة، وبذلك يكون قد كسب تاييد شعبه المطلق مما سيجعله قادراً على ازاحة المتصارعين الطامعين واخذ مكانته التي يستحقها بيسر.
نأمل ان يسمع قادة الكتل المتنفذة تساؤلات الشارع العراقي عن ماذا حل بنوابهم الاشواس، وبخاصة بعد ان قبضوا رواتبهم !؟ هل سافروا للاستجمام بعيداً عن حر العراق اللاهب مناخياً وسياسياً، ام ابعدوا عن اداء اول فقرات واجبهم الا وهي تشكيل الحكومة ؟، الا يعلموا امراء الكتل ان نوابهم قد اسقطت عنهم صفة نواب الشعب، لكونهم لم يبرروا هذه الصفة، و تحولوا الى توابع لرؤساء كتلهم ليس الا .
ومما لا جدال فيه ان نواب الكتل المتجبرة قد اسقطت عنهم الحصانة بمجرد بقائهم متفرجين على مسخرة تشكيل الحكومة ، وسكوتهم على القمع الذي يتلقاه المتظاهرون المطالبون بالكهرباء المدفوعة السعر طبعاً، ولا يحركون ساكناً حيال تزايد وتيرة اعمال الارهاب، ولا تثيرهم سرقة اموال الدولة من قبل عصابات منفلتة تأخذ امانها من رخاوة الحكومة، وتخلخل الوضع السياسي العام بفعل صراعات الساسة الحكام على مواقع السلطة والنفوذ.
اسلفنا في القول بان الكتل المتسلطة شيدت من مقاعدها البرلمانية حصوناً وتمترس خلفها، ولا يبدو انها لا تعلم ماجعل ذلك من نوابها كمثل عصا الاسقف، التي هي مجرد جزء من "البرستيج " ولكنها تعلم باستخدامها للهش على " الاغنام " وكذلك لمآرب اخرى، كحال عصا نبي الله موسى، وبهذا افرغتها من غايتها الوطنية، وابعدتها من تحقيق طموحات ناخبيها في اقل تقدير، واول تعبير لمهمة هذه " العصا " حيث استخدمت لقمع من عصى على قبول الاستعصاء في ادامة الازمة الحكومية، كما تجلى جزء من تعبيرها بالتظاهر للمطالبة بالكهرباء.
وتثقل كاهل الوضع السياسي العراقي بوزرها قبل غيرها اليوم، قضية انسحاب قوات الاحتلال الامريكي، وما ينسحب تبعاً لها من تداعيات امنية مؤلمة،تتجسد في مختلف مناطق البلاد، ويمكن ان نسمي ما يتناوله المواطنون حولها بالجدل الساخط على غياب الجهة التشريعية، التي هي الجهة الوحيدة المؤهلة عن ادارة شؤون الدولة العراقية. وعليه يتوجب عليها القيام بالمعالجات وبالمتابعات المرافقة لعملية الانسحاب وافرازاتها الامنية على وجه التحديد، وعدم السماح للاخلال بالاتفاقية الامنية، انطلاقاً من غايات قصيرة النظر. لا تبتعد عن ظل ناظريها، وتغدو سيادة الوطن وفقاً لذلك، ماهي الا سراباً ليس له واقع للاسف الشديد. مما يتطلب عدم اغفال مخاطر امتداد نهج المحاصصة المقيتة حتى الى آلية تنفيذ عملية انسحاب القوات الامريكية.
يبقى على نواب الكتل الفائزة ان يخلعوا رداء قوائمهم، ويحتلوا مكانهم الحقيقي ويبررو كونهم نواب للشعب وللوطن، لانهم باتوا بلا حصانة لا من كتلهم التي تريد ان تبقيهم عبارة عن متاريس لحماية ما تطمح اليه من مناطق نفوذ. ولا من بنات وابناء شعبهم الذين يزداد ويتراكم غضبهم الذي اذا ما انفجر سيلغيهم ويختار غيرهم بانتخابات جديدة. الامر الذي بدأ يختمر بالتوازي مع استمرار ازمة تشكيل الحكومة .