علي عرمش شوكت
الأربعاء 26/8/ 2009
التيار الديمقراطي العراقي .. لاعب ام متفرج ..؟علي عرمش شوكت
كانت الفترة الزمنية منذ سقوط النظام الى الآن تعد مرحلة تحول ديمقراطي نسبي في الوضع العراقي ، وهي تجربة مرت بها التيارات السياسية العراقية ، حيث كانت الغاية لكل منها هي اثبات الوجود والوصول الى مراكز القرار في قمة السلطة ، وبصرف النظر عن الآليات التي اتبعها كل تيار لتحقيق ما يصبو اليه فقد تمكنت الإئتلافات الطائفية والعرقية من الوصول الى سدة الحكم ، وفي ذات الوقت صعب على قوى التيار الديمقراطي تحقيق النجاحات بالرغم من كونه يحمل المشروع الوطني الاكثر وضوحاً وآهلية لبناء العراق الجديد ، وكل من يتلمس هذه الحقيقة يجد نفسه بحاجة الى اجابة على سؤال : ما هو السبب الذي عطل فاعلية التيار الديمقراطي الذي يمتلك الباع الطويلة في معرفة ثنايا وخبايا الساحة السياسية العراقية ، وهو الذي يمتلك افضل الكفاءات القيادية ، وهو المتجرد ابداً من ضيق الافق العرقي او الإثني ، اي انه القادر والكفء على تجسيد الوحدة الوطنية .
وعندما تقترب عملية الانتخابات البرلمانية ، عادة ما تتحرك اذرع الكتل والتيارات السياسية لضمان الفوز ، وها نرى بوادر التحرك مجسدة بأئتلافات حزبية تتسم باطر وعناوين جديدة ، دون ان تغفل التغطية على اثار فشلها في الفترة الماضية ، اذ بشرت بتغيير صبغتها الفئوية السابقة ، الى هنا يعد ذلك عملاً يحسب لهذه الكتل ، لكونه يدعو الى الاعتقاد في الوهلة الاولى بان ثمة ادراكاً من هذه القوى لمخاطر التخندقات الطائفية والعرقية والمحاصصات المقيتة ، وفي هذا السياق نرى العديد من الاحزاب والقوى السياسية في الساحة العراقية تحاول تجهيز ادواتها ولملمة اطرافها والبحث عن تحالفات بغية الظهور في ميدان الانتخابات بحلل وبرامج قادرة على كسب الناخب ، ولا ننوه هنا عن امر خارق تقوم به الدوائر السياسية العراقية ، انما هو اداء لابد منه لممارسة اللعبة الانتخابية .
ومع ان اغلب القوى السياسية تحركت واعلنت نواياها في اقل تقدير في حين مازال التيار الديمقراطي العراقي يترك جماهيره المحبطة اصلاً في حالة ترقب وعدم وضوح صورة التوجه ازاء العملية الانتخابية البرلمانية القادمة ، مما يولد ضجراً لدى هذه الجماهير يؤدي اذا ما تواصلت الحالة الى الانكفاء ومزيداً من البعثرة وذلك خطر قاتل لهذا التيار ، ان هنالك بقايا أمل في ساحة التيار الديمقراطي بان تقدم قوى هذا التيار على التحرك المطلوب وتعلن عن صيغة توحيدية لكتلة ديمقراطية تتناسب مع ما هو حاصل في الميدان ، بل وتطرح برنامجها الوطني الذي ينبغي ان يعبر اساساً عن عملية اسعاف وانقاذ للوضع المتردي في البلد ، وان ينطوي على حلول وطنية خالصة لكافة المعضلات التي عجزت الطبقة الحكمة من الاتيان بها خلال السنوات الماضية .
مما لاشك فيه ان التيار الديمقراطي بكل اطرافه وابعاده تقع على عاتقه مسؤولية اكبر في معالجة الاوضاع السياسية والعامة في العراق ، لكونه الاكثر تجرداً من الانغمار في الصراعات لاجل المصالح الفئوية الضيقة ، والاكثر تعايشاً مع مشاكل البلد منذ آماد طوال اكسبته دراية وقدرة تفتقر لها بعض التيارات الاخرى التي تقتصر اهتماماتها على امور تكاد تكون حصرية بها ، وعلى سبيل المثال وليس الحصر ، لا تتطلع اي من احزاب التيار الديمقراطي وبخاصة اليسارية منها الى الحصول على حصة من موارد البلاد ، في حين نجد هذا الهدف شاخصاً لدى الاحزاب ذات الطابع الفئوي ، ولا تقوم احزاب التيار الديمقراطي بالانحياز الى فئة من المجتمع دون اخرى ، ولكنها تناصر على الدوام حقوق الاقليات والقوميات الصغيرة ، مما جعل هذه الاخيرة تحسب نفسها على التيار الديمقراطي قبل غيره .
لقد مرت البلاد بعدة عمليات انتخابية جعلت من قوى حديثة على الساحة تقوم بترتيب امورها وتلملم اطرافها وتشكل تحالفاتها بصورة افضل من قوى التيار الديمقراطي ، التي ظلت مشتة وتحولت الى هامشية بالرغم من وزنها السياسي ورصيدها النضالي وكفاءاتها الكبيرة ووطنيتها المشهودة ، واليوم الذي تشهد به الساحة السياسية حراكاً واسعاً استعداداً لخوض الانتخابات البرلمانية القادمة التي ستجرى في 16/ 1 / 2010 ، بيد ان قوى التيار الديمقراطي ظلت شبه متفرجة لحد هذه اللحظة ما عدا الحزب الشيوعي العراقي الذي كان وما زال يقدم المشاريع تلو المشاريع غير المتحزبة لصالحه في سبيل انهاض وحدة هذا التيار ولم تتكل جهوده بشيء من النجاح لحد هذه اللحظة حسب علمي .