| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

علي عرمش شوكت

 

 

 

السبت 26/9/ 2009



 إئتلاف زائد إئتلاف يساوي إئتلافاً واحداً

علي عرمش شوكت
 
غدت الجلبة السياسية في العراق شبه رطن عصية على الفهم ، فاغلب الكيانات السياسية باتت تصدر عنها تصريحات متباينة متضاربة وبعضها ينفي ويلغي ما سبقه ، كل ذلك يدور ضمن دولاب الانتخابات البرلمانية القادمة ، وعلى وجه الخصوص ، تشكيل هذا الإئتلاف ، او انفراط ذاك ، او انضمام فلاناً له ، او انفصال علّاناً عنه ، ان زخم المماحكات يدفع الى اجراء فحص متأنٍ لحالة الجسم السياسي العراقي ، ومن المؤكد سينكشف النقاب عن جفاف في صلة الرحم العراقية اذا جاز هذا التعبير ، بين القوى الوطنية ، وكأنه يتماثل لجفاف الاهوار الذي كان بفعل فاعل .

عذراً ، نبيح لانفسنا هنا بان نتطاول وربما لا نصيب في تشخيصنا للواقع السياسي العراقي ، او في توصيفه ، ونطلق ظنوننا جازمة بان الذي جفف الاهوار هو ذاته الذي يجفف العلاقات بين القوى السياسية الوطنية العراقية ، الا ان ثمة فارق جلي في سياقات حركة هذا العامل الخارجي ، فعوامل تعثر الوضع السياسي - تتدفق - من خارج الحدود ، واسباب شحة النهرين - تنقطع المياه - من خارج الحدود ايضاً ، والمفارقة هي ان الانقطاع والتدفق يؤديان الى نتيجة واحدة ، هي خراب العملية السياسية ، نتوقف عن هذا الاستهلال لكي لا نبتعد عن صلب موضوعنا .

فمن يتمعن في الوضع العراقي سياخذه الظن بان السياسيين العراقيين لاحول لهم ولاقوة فيما يجري في البلد ، بيد ان الواقع غير ذلك ، فلا رؤيتي المدونة اعلاه ، ولا ما سيتخيله اي محلل سياسي لواقع الحال العراقي سيصل فيه منسوب الحقيقة الى درجة نصفية ، اذ ان النصف الاكبر من تدهورالامور وعدم تقدمها في مختلف اوجهها يتم بارادة بعض الساسة العراقيين انفسهم ، فهم الذين يفرشون السجاد الاحمر للاجندات الخارجية ، فلا يرف لهؤلاء جفن عندما يضع المتدخلون انفسهم قيمين على العراق واهله ، صحيح ان بعض الظن اثم ولكن بعضه الاخر ايمان بالحقائق ، ومن هذه الحقائق يجدر بنا التذكير بها ، فعندما تشكل الإئتلاف الوطني الجديد ولم يدخله جناح السيد المالكي ، حضرعلى اثر ذلك الى العراق وزير خارجية الجارة ايران السيد متكي وصرح قائلاً – على الذين لم يدخلوا في الإئتلاف الوطني ان يدخلوه فوراً - ، مما خلق حالة من الامتعاض لدى الوطنيين العراقيين ، من هذا التدخل السافر ، في حين لم يرد عليه المعنيون سوى بالسكوت وكما يقال ان السكوت من الرضا ، ونسوق هنا مثلاً مجرداً ، لو صرح الاستاذ الزيباري وزير خارجية العراق في طهران بالقول ، على السيد نجاد ان ينظم الى الاصلاحيين ، فماذا كان قد حصل ؟ ربما يكون ذلك سبباً لقطع العلاقات بين البلدين الجارين .

وعقب ذلك بدأنا نسمع بان الإئتلاف الوطني مستمر بالتحاور مع ائتلاف دولة القانون بقيادة المالكي ، ثم تتوالى تصريحات من بعض قادة حزب الدعوة ( السيد علي الاديب ) يؤكد فيها بان انظمامهم الى الإئتلاف الوطني قد فات اوانه ، كما صرح السيد سامي العسكري من المقربين لرئيس الوزراء مشيراً الى ان ائتلاف دولة القانون سوف يشكل إئتلافاً جديداً اخراً ، فضلاً عن اشاعات تطلق حول شروط تتعلق برئاسة الوزراء من شأنها ان تحول دون اندماج الإئتلافين ، بعد هذا الانشطار الواضح العلني في كتلة الإئتلاف العراقي الموحد ، غدت استدراكات تحتل المساحة الاكبر في تصريحات من قادة الإئتلافين مفادها انه بامكان الطرفين التحالف في كتلة واحدة بعد الانتخابات البرلمانية القادمة ، فماذا يفهم من ذلك ؟ .

ان ما تقدم استعراضه يرجح الرؤية التي تفسر حركة الإئتلافات هذه ، بكونها افرازات صراع حول المواقع بين اطراف الإئتلاف العراقي الموحد ليس الا ،وهي سرعان ما تنتهي بعد التوافق الداخلي والوصول الى اية محاصصة لمراكز القرار في الحكومة المقبلة بعد الانتخابات البرلمانية القادمة ، وربما يكون ذلك توزيع ادوار ، الغاية النهائية منه اعادة هيكلة الإئتلاف ذات الصبغة الطائفية مع بعض الرتوش التجميلية لتشجيع بعض القوى الديمقراطية والعلمانية ، والتي لا خشية منها ، حيث لا تضاهي في مطلق الاحوال احزاب الاسلام السياسي من حيث القوى التصويتية ، وان اشراكها في اي من الإئتلافين هو لغاية ازالة الطابع الطائفي عن الإئتلاف الجديد ، على امل استعادة ثقة الناخبين بعد ان تزعزت على اثر الصراعات والخلافات والفشل في ادارة الدولة ، وتحقيق الامن والمصالحة والقضاء على النهب المنظم لثروات الشعب العراقي ، واعادة بناء دولة المؤسسات .

خلاصة القول ان الإئتلافين اللذين يدور حولهما الجدل هذه الايام ، ما هما الا عبارة عن جناحين لإئتلاف واحد ، تتوقف اعادة توحيدهما على مدى التوافقات الداخلية حول مواقع النفوذ والسلطة ، هذا ما استشف من خلال تصريحات بعض قادة الإئتلافين التي اطلقوها في اكثر من مناسبة ، والتي مفادها وجود نوايا لاعادة التوحيد على شكل تحالف بينهما ، مع اننا ندعو الى الوقوف بكل حرص واخلاص الى جانب تشكيل ائتلاف وطني واسع يضم كافة القوى التي تؤمن بالعملية السياسية وبالحياة الديمقراطية والتعددية ، بعيداً عن الطائفية والعرقية والمحاصصة السياسية المقيتة ، وفي سبيل عراق ديمقراطي موحد شعباً ووطناً .





 

free web counter