علي عرمش شوكت
الأربعاء 26/12/ 2007
الراصدتحالفات سياسية محكومة بقوانين اقتصادية
علي عرمش شوكت
اطل العام الجديدعلى العراقيين باردا جافا على مختلف المستويات ، وكأنه قد استجاب لانخفاض سخونة الوضع القائم ، الذي هو الاخر تبددت حدته بفضل تكاتف المخلصين من ابناء شعبنا العراقي ، والتمكن من لي عنق الارهاب ، هنالك قانونان اقتصاديان معروفان وهما (العرض والطلب) وقانون ( المزاحمة ) في السوق ، وكما يبدو ان القانونيين المذكورين لهما تأثير ملموس في هذه الايام ليس في السوق الاقتصادية ، وانما في الساحة السياسة العراقية ، ويتجلى فعلهما في غرق الاطراف المتنفذة في بركة المزاحمة الوحلة ، حول المواقع والمزيد من النفوذ ،وعليه اقتضى الامر ان يطرح المتزاحمون المزيد من ( بضائعهم ) ، وهي سياسية بطبيعة الحال ، وكان من المؤمل والمنطقي ان تكون ( ماركاتها ) اومسمياتها : ، نافعة ، معالجة ، داعمة ، منقذة ، او في اقل تقدير غير مضرة ، والا ستبقى بائرة وبخاصة عندما تكون منسوخة عن انماط لم تثبت فيما سبق لا جدواها ولا جودتها ،وبكل تأكيد سيصيبها الكساد وسيزيحها قانون المزاحة عندما تطرح مقابلها نماذج سياسية جديدة وغير مجربة ، وبخاصة حينما يلمس الناس ضمانة اكيدة لحيواتهم ولحرياتهم ، يجري ذلك طالما الهم الاكبر لدى المواطنين هوالبحث عن ما ينطوي على حلول ومخارج جدية للوضع السياسي الشائك .
لقد سبق وان بادرت قوى سياسية وطرحت نماذج من صيغ تحالفية واطلق عليها في حينها تسميات غالبا ما اخذت ارقاما عناوين لها ، وكانت سميت بالتحالف الرباعي ، والخماسي ، والسباعي ، وتواصلت على هذا المنوال ، غير ان هذه المسميات الارقام ، لم تتمكن من التحرك ولو بخطوات تساوي الرقم الذي وضع كعنوان لها ، مما جعل البعض يسميها بالتحالفات الصفرية ، لكونها ظلت عالقة بين رقمها المحدود وبين قيود المحاصصات السياسة التي تطبق على ارادة مهندسي هذه التحالفات المنطوية على ذاتها اساسا ، وبعد كل ذلك ستكون ما تطرح من ذات النمط بلا رواج ، لكونها مجربة اصلا ، واصبح عرضها اكثر من طلبها ، وهنا سوف لن يوجد من يكترث بها ، الا اذا كسرت قوقعتها ( الرقمية ) وباتت تمثل تحالف قوى الشعب الوطنية بمختلف انتماءاتها وانتساباتها العرقية والطائفية والسياسية المخلصة للعراق الديمقراطي الفدرالي الجديد ، لقد اصبحت مثل هذه التحالفات الضيقة غير مجدية بل وتكرس التمحور والاحتقان والاحباط لدى الجميع .
ان العراق بلد متعدد الاعراق والانتماءات السياسية والفكرية ، وكان منسجما وموحدا ، وما زال نسيجه الاجتماعي ملتحما بالرغم من محاولات الارهابيين والصداميين تمزيقه قبل سقوط الدكتاتورية وبعدها ، وعلى ذلك امست التحالفات ذات الاطر الضيقة غير مرغوب بها ، لكونها لم تكن رحبة امام جميع قوى الشعب المناضلة ، و ما اكد ذلك هو انحسارها في النطاق الضيق الذي تسمرت فيه ، ولم تتجاوز مصالحها الذاتية الخاصة ، حيث كانت تحالفات ذات طبيعة اثنية وطائفية ، لكونها استبعدت القوى الديمقراطية التي يتمثل فيها جميع اطياف الشعب العراقي ،وبالتالي قد فقدت طابعها التحالفي الشامل ، هذه تجربة مازالت قائمة في الساحة السياسية العراقية ، فكيف ستوصف تحالفات احزاب انفردت عن كتلها السياسية التي لم تتمكن من تحقيق ولو جزءا من تلك الاهداف التي اعلنت بأنها قد تشكلت من اجلها ، وكان السبب الاساسي في اخفاقها هو التمحور وضيق افقها السياسي الوطني والدوران حول المصالح الحزبية الضيقة ، فليس مقنعا ان تتكرر تلك التجربة خلف ذات الادعاء ، اي انها مقدمة لتحالفات اوسع واشمل ، فأذا لم تنفع تحالفاتها الكتلية الاوسع ، فكيف لاحزاب انفردت في تحالف لم تحظ سوى بابسط وصف اطلق عليه من قبل المراقبين السياسيين هو ( تحالف من طائفة واحدة ) فهل يأمل منها تحقيق ما ينتظره الشعب العراقي لانهاء محنته ؟ .
ان المزاحمة على كسب مواقع النفوذ في بلدنا اليوم تتطلب اول ما تتطلبه ليس التمترس وتشكيل محاور ضيقة والكفاح العنيد من اجل الحفاظ على المحاصصة ، وانما كسب اوسع القوى الوطنية الشعبية ، وتبني مصالح اوسع الجماهير ، ويمكن ترجمة ذلك الى واقع ملموس بتشكيل التحالف الوطني الديمقراطي الواسع ، الذي ينبغي ان يكون معبرا عن حاجات الناس التي صادرها الارهاب والفساد والجريمة المنظمة ، وفقدان القانون وسيادة شريعة الغاب ، ولكن عندما يشاهد المرء سياقات التحرك لبعض النخب السياسية الفاعلة في العملية السياسية يجدها لم تخرج عن اساليبها السابقة عندما كانت في موقع المعارضة ، بمعنى انها تلجأ الى تحقيق الاهداف التاكتيكية ، واحيانا تتخذ مواقف براغماتية آنية كوسائل تصدي لمواجهة الخصم ، في حين يتطلب وضع البلاد التوافق والمشاركة في اتخاذ القرار لكي ينعكس ذلك على المجتمع ، بيد ان الذي يلمس هو وجود التوافق بين الاهالي قبل ان يوجد بين القادة الذين يعول عليهم لكي يكونوا قدوة لمعالجة الاحتقانات التي ولدها الصراع الطائفي المقيت ، وقد علق احدهم قائلا : حتى الزمن قد جاء بالاعياد الدينية في العراق، مسيحية ومسلمة وازيدية في توافق جميل ، ولكن قادتنا قد غيبوا التوافق فيما بينهم عندما اصبح وجوده ملحا وضروريا ، وبذلك استخدموا قانون العرض والطلب الاقتصادي في نشاطهم السياسي وكأنهم يعرضون سلعا تجارية ، كما كان قانون المزاحمة شاخصا في حراكهم اليومي ، غير ان ذلك جرى ويجري على حساب المواطن والوطن على حد سواء .